خير جليس بوسلهام الضعيف - كتب في حياتي.. البحث عن أبي في كتب جبران

أول كتاب اشتريته مقدمة ابن خلدون. وكان عصيا على القراءة، ربما لأن أبي كان معجبا بالعلامة ابن خلدون.
كل الكتب، التي قرأتها في الطفولة، كانت عصية على الفهم قرأتها كصفحات طلاسم. قاومت عسر اللغة لإكمالها. كتب نيتشه، أشعار المتنبي، جدار كامو، وقصائد رامبو وفرلين بترجمات مختلفة ومتعددة، ومسرحيات سارتر، ورسائل كافكا، وكنانيش التصوف.
أنقذني جبران خليل جبران من حيرتي الوجودية. علمني أبجدية حياة متخيلة، حيوات بديلة لعالم الناس.عندما تفقد الأب في مرحلة صعبة من حياتك، فإنك تبحث عن معلمين أو آباء مفترضين، آباء رمزيين تحييهم وتدمرهم.
يقول المسرحي جان لوي بارو «كنت طوال حياتي، جوالا يضنيه البحث عن شخص طبعه، هذا الشخص هو أبي، ضيعته في إحدى محطات القطار ولم أكن قد تجاوزت الثامنة من عمري، ذهب إلى الحرب وفي الحرب قتل، فأصبحت يتيما، ومنذ تلك السن المبكرة وأنا أبحث عن الأب».
أبي دمره داء السل، تماما مثل عائلة جبران (السل. السل – جيوش خفية جبارة – جيوش الله الخفي القدير يرسلها لتحتل صدر مخلوق من مخالقيه ولتسترد منه سنة أو سنتين نفسا نفخه فيه بأقل من طرفة عين. ولتهدم في طرفة عين هيكلا ظل يبنيه سنين).
عبر سيرة جبران وتمرده ودموعه وحيرته الوجودية وفلسفته الروحانية الملتهبة بجمرات الكتب القديمة ونشيد الأناشيد وسفر أيوب، كنت أبحث عن أبي. كنت أعيد الحياة إلى أبي عبر فكر وروح جبران، جبران المتمرد، جبران المستسلم، جبران السوبرمان.
قادني جبران إلى عوالم أخرى، ستتحول القراءة بعدها إلى جرثومة في الذات، دودة ساكنة في الجسد متعطشة لعوالم جديدة.
كتب «هنري ميللر» كتابا أسماه «الكتب في حياتي»، وفيه يتحدث عن الكتب، التي أثرت فيه، أو تركت شيئا في حياته. يختصر الكتب، التي بقيت معه طوال حياته «لقد كانوا أحياء، وكانوا يتحدثون معي».


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى