محمد عمار شعابنية - المُهِمّ الذي لا يَهُمُّ.. شعر

وقد قلتُ أنّي قد سلوْتُ عن الهوى = ومن كان مثلي لا يقـول ويـكـذبُ
عنترة ابن شداد


أفكّر في ما يَهُمُّ
وقد لا يَهمُّ
إذا صرتُ إذ يتناثر حولي ضجيج أصمّا
لذا سوف أذرع كلّ الشّوارعِ..
و أطوي امتدادَ المزارعْ
وأغرس في كلّ أرض مشى فوقها الناس سَهْما
وأُسأل عمّا
سيُخْرج مستقبَلا من مضارعْ
وأدخل كلّ البيوتْ
وأصغي إلى ما يقول السكوتْ
وأقفو خطى النَّمْل في الليلِ...
أطوي ستارَ الظلامْ
وأنتظر الصبحَ
علّ العصافير تملآ من شدْوِها كِيس ذاتي
ومن حقل روحي يطير الحمامْ...
××××××
أفكّر في ما يَهمُّ
ليسمعَني دارجٌ وفصيحْ
وصحْوٌ وريحْ
ويقْرَأني الناسُ توْقا وحُلْما
ويذكرَني مَن سيأتي
ومن ليس لي فيه إلاّ
صدى لغتي وحياتي
وجمْر علي شفتي إذ يفيض الكلامْ
ويُورق من غزَل العاشقين الغرام ْ...
××××××
أفكّر في ما يَهُمُّ
إذا الشمس حَلّتْ ضفائرَها
ورمَتْها ضياءً
على أبْحُرٍ وجبالٍ وصحراءَ نائمةٍ وسهولْ
لتوقظـَها من سُباتٍ
وتوقظني من ذهولْ
وترمي قـَرَنـْفلها في الكلام الذي سأقولْ
فأُشرِع أبوابَ وقتي
لأستقبل الناس في كل ثانية أو دقيقهْ
وأسْبر أفكارَهمْ
كي أبَرّر أسبابَ أتعابهم وانفعالي
فإنْ أطعموني ثمار الحقيقهْ
أُوَسِّدُهم أمْنَ بيتي
وأمنحهم عسَل الرّوح إنْ قَلّ خبزي وزيتي..
وأُوصِدُ أبواب صمْتي
××××××
أفكّر في ما يَهمُّ
وقد لا يَهمُّ
إذا لم يكن في طريقي ـ وقد أظلمَ السيْرُ ـ نجْمُ
ولم يُمطر الجوُّ فوقي
ولمْ يُزهرْ البرُّ تحتي...
كما لا يَهمّ
إذا استحكم الجدْب ، والتّرْبُ مُقفرْ
وأوْرَفَ في أرضِنا شجرٌ غير مُثْمرْ
وشاخَ اليمينُ..
وباخ َاليسارُ
وداختْ رؤوس الوسطْ
و راوغَ وعْدٌ وأدْبَرْ
وفرّخ في أمنياتِ القرى والمدائن عُقْمُ
وماءتْ على الأسطح العاليات القططْ .
××××××
مع الفجر أصحو
فأطرد بُومَ النعّاسْ
وأملاُ زَهْوَ العصافير في شَدْوِ ها بالحماسْ
وأفطر صُبْحا
مع الدولة الوطنية كي لا يُقالْ
بأنّي غريبْ
عن الزّيت والتمر والقمح والبرتقالْ
فأحيا كظيمًا ومُتّهَمًا باحتفائي
بجنْسيّة ثانيهْ
حَبًتـْني بها دوْلة زانِيَـهْ .
لذا.. ليس بيني
وبين الحكومة والبلمانْ
سوى أنني
أحُثّ الخطى مُذ عرفتُهما
لأُدْرِكَ بَرّ الأمانْ...
××××××
أفكّر في كلّ سانحةٍ تنفع الناسَ..
لا زبَدٌ في حروفي
ولا لحمُ خنزيرة في رغيفي
ولا في مُخيّلتي ما يُعَكّر صَفْوَ النوارسِْ
وقد ناءَ في البحر يحْفو بها مرْكبٌ تونسيُّ
وما أنا يوما نـَسِيُّ
إذا ولْوَلتْ في حياتي
رياحٌ من الذكرياتِ الأليمهْ
وعادتْ لعادتِها من سِنينٍ حليمهْ
××××××
وأذكُرُ أنّي
تجرأتُ يوما على القوْل أني فقيرْ
وشعْري شعاري
فلا الشمس مفتاحها في يميني
ولا قمرٌ ضاحكٌ في يساري
وأنّي ورثتُ الذي
يرِثُ المَنجَميُ المكابدُ من عرَقٍ وعذابْ
وما يتكسّر تحت الترابْ
وفوق الترابْ
وما يجعل الليلَ يأكل قُرْص النهارِ
فيُرْهقني ما أُريدْ
ولا أشتري خبزَةً بقصيدْ
××××××
أفكّر في ما يهُمُّ
وقد لا يهُمُّ
سوى عندما تُصبح الريح ظلا َّ
ويصبح لي واعزٌ أنْ أزوّجَ قيْسا وليلى
وأنْ يَخرجَ الماءَ من عطَشِ فيُغيثَ المراعي
ويسقي كُرومًا ونخْلاً
ويجري طليقا ...
يُحَيّي الرّبّا ويصافحُ سهْلا
ولا يختفي أوْ يَطُمُّ
وإني أفكّر في ما يَهٌمُ
××××××
أفكّر في ما يَهمُّ
وقد لا يَهُمُّ
لأنَّ السّماءَ التي فوق رأسي
ستبقى كما هيّ لوْ غار نجْمٌ
وأطْفِئَ نجمٌ
ولكنني أستحي ويساوِر نفسي
ضبابٌ وغَمُّ
متى أطفِئَتْ شمعةٌ في بلادي
وضيّعَ طفْلٌ كفيفٌ عصاهْ
ولم يَكُ في الدرب يمشي سواهْ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى