محمد قور - رياح ورماح .. قصة قصيرة

كان الليل الطويل يتسرب من بين أظافري ..

ورياح الشتاء الجافة يئز صريرها المتقاطع حدقات الذكري ويوقظ أشجان القلوب .

فكلما سقطت ورقةٌ جف غصنها ،، حملته أمي وغزته غزاً وحشرته حشراً في حوشنا الكبير . الذي لايخلو من حصائر من أعواد الكريكدان ومطارق العرد والغبيش .

تمضي الحياة ولاشيئ هنا يتغير ,, ذات الشمس التي تشرق فوق منازل السكه الحديد صيفاً ,, وتتناسل خيوطها من بين طيات أزقة وحارات حلة برقو شتاءً

إنها شمسنا العظمي التي نتخذها إتجاهاً وقبلةً للصلاة ,, منذ بزوغها وحتي الغروب ,, لولا ذاك الرجل من ديار فلاته الذي زعم بأن الشمس ليست دليلاً جغرافياً قاطعاً يشير إلي القبله ,, وكنا قد عبنا عليه أفكاره والتي كانت تخرج من بين أسنانه وكأنه يتنفس بفمه ..

تمضي الحياة والظلال ذات الظلال ,, فثمة شيئٌ لم يتغير ,, بائعات الروب والخضره ودينق مرانق ذاك المهووس القابع

تحت طرابيز الجزاره ونداوة الليل , ديكوراً ثابتاً في سوق الخضر والفواكه واللحوم .

صافرة القطار الأولي عند بلوغه الصيمافور الخارجي ،، ثم صافرةٌ ثانية في موازات الصيمافور الداخلي ،، عندها يتحرك في مسامعنا المرهفة صرير إطارات كارو حاج الصافي سيك ،، سيك،، سيك، فتطغي علي صوت حوافر حصانه التي غاصت في رمالٍ بالغة العمق .

غير أن ذات الحصان المرهق البدين ،، كثيراً ما أحرز قصب الفوز ،،في مواسم الأعياد وختان الذكور والإناث وقتها

ولكن ثمة رجل يقف هنا في هذا الموقع القريب من قضيب القطار ، أنه ناظر المحطه ،، يقف علي دكةٍ عاليةً أشبه بمشانق حكومات الإعدام ،، ولكنه يتبادل مع سائق القطار شيئاً أكثر جمالاً وحتميةً.

يسلم سائق القطار تابلت المرور الذي يحوي أحوال القاطرات الطالعه والنازله ،، وأحوال الطقس ومواعيد ووقت التحرك

ويستلم الناظر تابلت الدخول ..

هي ساعةٌ واحدهٌ في محطة قطارنا ،، نلتقي فيها كل الأحبه ،، فللقيا في محطة القطار طعماً خاصاً لنا نحن الذين لاتعرف قرانا مسارح أو نوادٍ ،، فالناس هنا لايعرفون السهر ،، إلا أولئك المزعجين من مرتادي أنداية القريه المشهوره ،،هؤلاء وحدهم من أطلق فرية الجنون علي في فكي آدم ،، وسيروا في تلك الليلة الماجنة السكري بعد إذ نام بوليسها السري الوحيد ، ، مسيرةً إنتهت أمام بيت الرجل الفقيه ،، لمجرد كونه حزرنا ذات يوم من عدم قرب الناس الصلاة وهم سكاري .

كل شيئ كان هكذا يسير ،، ثم يتغير فجأةً في ثابت تاريخي يظل محفوراً في أفئدة الناس ..

طاخ ،، طاخ ، نعم , هكذا بإستمرار في كل عام ، إنه شرطي القريه يطلق النار علي علي كلبٍ مسعور

كل شيء مرتب ،، الصلاة الأكل الشراب الملبس المسكن الناس الدونكي الشفخانه المدارس المعلمين والمعلمات والزعاره والآبقين ،، عالمٌ أحسه يتسرب من بين أظافري يجره خلفه هذا الليل الطويل .
أعلى