عبد الهادي شعلان - العصفور..

الدودة الحية الكبيرة سأضعها في منتصف دائرة فخاخي، ثم أذهب بالبندقية أصطاد العصافير بالرش الذي تعطيه لي أمي. هي تعشق العصافير المشوية, تدسها في الأرز وتظل تمصمصها بلذة. أنا أصطاد العصافير ولا أحب أكلها.
سأنتظر تحت الشجرة فرحا بتحليق العصافير في السماء. أغني لها “ذهب الليل, طلع الفجر, والعصفور صوصو”. حين تتكاسل وتهبط على الشجرة ستأخذها أمي وتشويها بالأرز.
سأربط العصافير التي أصطادها بحبل في الشجرة كي تتساقط دماؤها وتجف فلا تتسخ ملابسي حين أرجع لأمي. أعود لفخاخي أجمع العصافير العبيطة التي لا تعرف أن تلك الأرض لا ينبت فيها دود.
لما رأيته بألوانه التي تأتيني دائما في أحلامي بنفس السحر المبدع, حسبت أني نائم. لكنه انقض على الدودة الكبيرة. حبسه فخي الحديد. رميت بندقيتي وتقدمت إليه, خطوة خطوة. رفرف بجناحيه وانتزع الفخ. ظل يخبط في الفخ بعنف ليدفعه من قدميه الممسوكتين بالحديد. تخيلت أن جناحيه سيتمزقان، وأنه على استعداد لنزع قدميه وتركهما في الفخ, ليطير. جريت ناحيته، ونطاته علي الرمال تطبع أمامي بقعا من دمائه. شق جلد الهواء سابحا متألما بوجع عظيم ورفرف, رفرف.
تركني في تولهي أتأمله يأخذ فخي بقدميه ويطير, يطير خلف التل الذي حذرتني أمي من نصب فخاخي فيه. قررت أن أذهب غدا وراء التل وليس معي غير الدود الحي الكبير.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى