كولالة نوري - إنّها تُثلج يا أبي.. (أدب ثورة تشرين)

سآتيك أولاً بالأخبار المفرِحة :
إنها تثلج هنا يا أبي نصف شهور السنة
تعرف كم كنت أكره حرارة نفط المدينة الذي لم نر منه سوى الدخان
إنها تثلج يا أبي…
يدي وقدمي كالصقيع
لماذا – وأنت الضليع بتفسير الفصول – لا تهبط حرارة رأسي وقلبي؟
جرحت أصبعي يوم أمس ..كنت أفكر بالطفلة التي تجمع ما ينفع من المزابل
أحرقت يدي وأنا أطبخ وأسال أين (صبا) ؟*
هل غزا قبح خاطفيها العينين الجميلتين؟
يا أبي ! هل سمعت – َو الملائكة – هذه الأيام:
إنهم يحرقون القرآن- الذي قرأتَه لي كثيراً – في كربلاء ؟
ماذا علق الأنبياء ؟والله الذي احببتَه كثيراً ؟ كيف كان وضع العرش ؟ألم يهتز؟
لقد كان صوت الرصاص عالياً في بغداد و صعد الكثير من نجومنا إليكم
القتلة كانوا يضعون خرقاً داكنة على ملامحهم
فهم لا يتحملون وجوههم في أحداق الضحايا .
لكننا نعرفها جيداً ..
ملامحهم دمج بين الشر والغدر والعمى .
البطلة العراقية العظيمة صبا المهداوي
وستعرفون يا أبي نجومنا بسهولة :
شباب عيونهم من تمر
وشعرهم من نهر،
قلوبهم جمرات ،
حناجرهم مبحوحة وأصواتهم فيها حُرقة
ستعرفونهم بسهولة من رائحة القنابل على أجسادهم
ويعتمرون غازاً ساماً
لديكم هناك كتاب يذكر فيه كل شيء – ألم تقل لي دائماً ذلك ؟
تحملوا صخبهم ورقصهم يا أبي
فهم يحبون الحياة وقد يودون العودة إلينا
تتبعهم قلوب أمهاتهم كالمسك
أحضنهم طويلاً يا أبي
السماء تثلج
احتضني قليلاً
هذه الليلة يا أبي
لا أستطيع النوم

__________

*اقصد بالمدينة هنا مدينتي كركوك المليئة بالنفط والخراب
**صبا الشابة التي كانت تساهم في معالجة الجرحى في ساحة التحرير وتم خطفها من قبل جهات مسلحة ثم أُطلق سراحها


كولالة نوري



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى