علجية عيش - عن الإنتخابات الرئاسية في الجزائر.. ثورةٌ هنا و عُرْسٌ هناك

(مواطنون يرفضون العودة إلى العشرية السّوداء و سنوات الدّم)

(تجار لا علاقة لهم بالانتخابات و حراكيون يطالبون بدولة مدنية لا دولة عسكرية)


أدلى الجزائريون في يوم الإقتراع بقرارهم في خامس استحقاق رئاسي تعددي في تاريخ الجزائر، بعد مخاض عسير جدا، تنافس فيه خمسة مترشحين ( عبد المجيد تبون، علي بن فليس، عبد القادر بن قرينة، عبد العزيز بلعيد و عز الدين ميهوبي)، كل واحد منهم يترقب بخوف و قلق إن كان سيحظى رسميا بكرسي المرادية و يصبح الحاكم في البلاد و يرفع التحديات لاستعادة الثقة للشعب من خلال تجسيد كل الالتزامات التي التزموا بها أمام الشعب في حملتهم الانتخابية

الإنتخابات على مستوى مراكز التصويت جرت في أجواء هادئة و في ظروف عادية جدا رغم نقص الإقبال لاسيما في الفترة الصباحية، بحكم أن يوم الاقتراع كان عطلة مدفوعة الأجر، اين وجد المواطنون متسعا من الوقت للذهاب إلى مراكز التصويت، و لم تسجل العملية الانتخابية أيّ تجاوزات على مستوى مكاتب الاقتراع ، الملاحظ أن نسبة المشاركة ارتفعت نوعا ما في الساعة الثانية بعد الزوال مقارنة مع الفترة الصباحية، وقد صنعت بعض المراكز الانتخابية الحدث السياسي، لاسيما مركز "مونتسيكيو، مدرسة الغزالي الابتدائية حاليا المحاذية للثكنة العسكرية، بحي القصبة وسط المدينة ، عبّر فيها الناخبون عن قناعتهم بالانتخابات، من أجل تكريس الاستقرار و مواصلة التنمية، وفق ما تفرضه مقتضيات المرحلة الراهنة التي تمر بها الجزائر ، لدرجة أن هذا الحدذث تحول إلى عرس انتخابي.
طبعا لايمكن أن تبقى الجزائر طيلة هذه المدة بدون رئيس، أما الفئة الشبانية ترى أنه حان الوقت لإعادة الاعتبار للمواطن الجزائري و أن تأخذ السلطات العمومية بعين الاعتبار الأحداث التي وقعت في الجزائر منذ 22 فبراير 2019 إلى غاية يوم الإقتراع، و عبّر آخرون بالقول: نريد لقطار الجزائر أن يواصل طريقه دون توقف، و أن الإنتخابات هي المخرج الوحيد من الأزمة، و هم اليوم بانتخابهم من يرونه قادرا على تحمل المسؤولية جاء عن وعي و قناعة، و هاهم يلبون نداء الوطن و لا يهم من يفوز فلان أو علان، المهم يكون للجزائر رئيسا يحقق آمالهم و طموحاتهم حتى يتمكنوا من العيش في سلام ، كان يوم الاقتراع الفاصل، لعل و عسى تطوى صفحة كاملة من الأحداث التي عاشتها الجزائر قرابة سنة كاملة ، تميزت بمسيرات سلمية و حملة انتخابية قادها المترشحون لكرسي المرادية، خاضوا فيها معركة التحسيس و الوعود ، و عن طريق المناظرات مرّ المترشحون بامتحان عسير، رغم أنها تجربة تعد الأولى في تاريخ الجزائر منذ الاستقلال إلى اليوم.
و مما لا شك فيه أن انتخابات 2019 الرئاسية تختلف تماما عن الانتخابات التي سبقتها، سواء التي جرت في 1999 أو في 2004 أو في 2009 أو حتى التي جرت 2014 ، كان الاتفاق على مترشح واحد و هو الرئيس المقال عبد العزيز بوتفليقة ، و كأن الجزائر تعيش الأحادية ، فانتخابات هذه السنة ( 2019 ) جرت وسط حراك شعبي قوي، لم تعشه الجزائر من قبل، خرج فيه آلاف الغاضبين إلى شوارع المدن الكبرى ليعبروا عن رفضهم للانتخابات الرئاسية و مقاطعتها، مطالبين بدولة مدنية لا دولة عسكرية و هم يرددون عبارات التنديد على غرار عبارة ( ماتخوفوناش بالعشرية أحنا رباتنا الميزيرية، و عبارة: أحنا أولاد عميروش للخلف ما نولوش و غير ذلك)، و قد رسم الحراكيون بمواقفهم صورة حقيقية للمعارضة وعدم قبولهم الاستحقاق الانتخابي حتى يرحل المحسوبون على النظام القديم، لأن بقاؤهم لن يحدث أي تغيير و لن يأخذ هؤلاء بطموحات الشعب إذا ما وصلوا إلى الحكم، لأنهم ببساطة ساهموا في صنع من سموهم بالعصابة، و إن كانت هذه المسيرات رافضة للإنتخابات جملة و تفصيلا و وصفت باللاشرعية و باللاحدث، ففئة ثالثة و هي فئة التجار كانت غائبة عن الساحة السياسية، لا هي مؤيدة و لا هي معارضة، فلم يغادر تجار المدينة محلاتهم التجارية و ظلت مفتوحة طوال النهار، ما يؤكد على أنه لا علاقة لهم بالسياسة و لا بالانتخابات، همهم الوحيد جمع المال .

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى