محيي الدين جرمة - حافلة تعمل بالدخان والأغاني الرديئة..

كما يليق بأحذِيةٍ عاطلةً
على البابِ :
يرتّب الليليون أسماءَهُم
على منصّة الرمز

كطهارةٍ نقديةٍ
تمنحهم شرف المُخـ........لِصـ..........ـوص
«كلباً»
كلباً
وسعادةً
سعادة.

فيما أرى الصمتَ بلمس بياضهِ
ألاطِفهُ كطيرُ
تحلِّقُ في أجنحتهِ سماءٌ بكامِلها
نازحة كالمجاز
شهية كـ بنت الصحن
وحلوى زنود السِّتّ
وصافية كقمر
تحت الضوء.


أشتمُ صمتاً في البياض
فتشمِسُ حواس الطريق
وتزهر الكثافة
كبهجة بلا عيدٍ
بالضرورة.

أنا طعنةُ شمُوس باردة
في قلب حجر رهيف
قطرة هواءٍ
تلامس ورقة طبيعة
ورقتِهَا
في مكانٍ
خالٍ من المكان.

أسقط على مطر فيُورقُ
كآهةِ غريب ٍ
وأحزان فرحٍ باذخ
كشساعة صمتٍ
في بوحه العزيز

أنا ريح عليها أثر خطوات مُتعبة
كبلاد مُكدّسةٍ
على جدار أصفر .
أنا صمتٌ مطعونٌ بالسكوتِ

أفهمُ الصمت كمكانٍ صالح لِلعيش
والحياةَ كمفردةٍ واحدة:
هي الحياة.

ومحتشداً كجهات أعضائي
أمسكُ حُزمة ظلال محروقة
في - ثقاب الوقت –

وحيداً كالمكان
رحباً كالفراغ
إنساناً كموسيقى
هواءً ككلمة حبّ
بلا زواج.

الماء وسيلتي في السفر
وأنا أتسلّق أعشاب المرايا
وظلالَ الجبل من الداخل
أسيرُ
يجرحُني الطريق
ولا تعتذر المسافة
يتنهّد الظلّ
ولا يعتذر الجالس
في ظلّ فاكهته

أزهر في الخطوة
كشجرة ينبوع
تتحسّس ظلالها
المسروقة في الكُتب.

تتأمّلني نظرة العالم
لينام الربيع
بعد فائض الصحو.

وأنا أراكِ
أنتظِرُكِ
معاً.

في اخضرار قيامتكِ الشاهقة
لا أجد غير هواءٍ مُواربٍ
خلف شموسٍ غاربةٍ
في الظلال.

أُنزلُ اسمي من أعالي ظلالهِ
صاعداً شفق يديكِ المجرّحتينِ
(بغربة الماء في الحجر).

أرمّم ما انكسر من صورتي
في العينين الواسعتين لوجه السماء

أرمّم صورة الضوء وصوته
على أجنحة التربة
وغزارة الجدول اليابس.

أرمّم زجاج الفضاء المصرُوع
بصمت الريح.
الزهور المشروخة
كأسطوانة العادة.

أرشّني بشفة العطرِ
وألتفّ بزرقة لون الضباب
محتفظاً بماءِ اللغةِ
رافضاً صُرُة الممدُوح

أرمّم الأغنِية بنثر الحياة
وبذهب القصيدة:
أكسرُ الإيقاع- كالشرف -
ليسقط مُسلّحون
بإسمنت الكلام.

ما أرهف ضباب
يصّاعد بلا دُخان
ويخترق جسمي
بلا أذى
كأجنحة ملائكة
لا تقبل الرشوة.
ما أكثر ما أستحم في فضاء يديكِ
اسكبُني
على مطرٍ جافٍّ
ومساءٍ مكرّر
كالحليب:

فيصير مسائي حقلاً أخضر
من الألوان.

سماءً نظيفة
كعشب البرق.

ما أجمل الرغبة
في عدم الرغبة.

المشكلة
أنني حفظت جدول الضرب
ولم أحفظ
جدول الماء.

الليل بجعةٌ سوداء
في بحيرةٍ
من إسفلت النجوم
وذهب السكوت المزيّف.
وصمتي بُحّ من فرط نداءاته.


أقصى ما أستطيعهُ
كتابة ذكريات ميتة
كمدينةٍ بلا بحر

أو الجُلوس على مقعدٍ مهترىءٍ
في مؤخرة حافلةٍ تعمل بالدخان
والأغاني الرديئة
وتسير باتجاه القاع

غير أن الوصول ما يُؤرّقُ
لا المسافة.


الكلام وحدهُ لا يُغيّر شيئاً
في المكان المُكرّر
كطلقات سريعة.

وحيدٌ كحقيبة سفر ضائعة
أقدامي وحدها
من يتداول سِلمياً
أحذيتي.

تعبتُ من المشي في الحلم
لكني سأظلّ أحلم
كما أشتهي ترجمة الأشجار

أبتكر مكاناً جديراً بالحياة
وأخاطب نصف المجتمع.

أخاطبُ ُأمّي
بطُفولةٍ مُتأخرة:
نظراتُكِ إليّ
تشرحُ ألم الجهاتِ

يكفي أن تمرِّي بدخانٍ ما
ليفوز الهواء
بجائزة البيئة.

أنام على نعاس يديكِ
وأستيقظ دهراً
فلا أحسّ بالجوع:
بسبب يقظة الأرغفة الدافئة
لمشاعركِ.

**


أحتاج إليكِ
حاجة الشجرة إلى ضوء النهار
الحياةِ إلى عين ماءٍ
لترى
الترابِ لِيُزهر
الوليدِ إلى حليب أمّه:
حاجته إلى النوم
لينمو

حاجة الصيف إلى الساحل
والبحر إلى امرأةٍ لا تُملّ

حاجة الربيع إلى ابتسامة النفس
الغريبِ إلى المساواةِ
من فرط الشتاء

حاجة الخريف إلى لا شماتةِ النظرةِ
حاجة الطفل إلى أن تنموَ عظامهُ
قبل تكسّر الحلمِ
على جدار البيت.

حاجة العراء إلى العراء
ليدفأ

حاجة الهواء
إلى العزلة
ليتنفّس...
لو قليلاً
بعيداً عن كلفة الزحام.

حاجة القسوة
إلى رهافة الحجر

حاجة الماء
إلى ادّعاء الظمأ

حاجة الفراغ إلى نفسه
ليكتشف

حاجتي إليكِ:
لأكون.

محيي الدين جرمة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى