عليا عيسى - قام من ركام عامي نسيان.. شعر

(هذي قيامة فاسجدوا واستغفروا)

عن نبية ..
لا تترافعُ إلا معجزات..!


قامت ربّة الياسمين..
تنفخُ في أشلائها الحياة،
تشلعُ أنيابَ الموت من رحمِ البياض،
تترافعُ عن عفّتها المضرّجةِ بالنكران.

كيف و محاكمُ التاريخٍ أسواقُ رقيق..
كُـتَّابُهُا نخّاسٌ و قضاتُهُا غلمان !!

ترى من سيستعيدُ لكِ صكَّ الثبات ؟
قد باهلوا رواسيك بخيامٍ
تَفتضُّ بكارتها كلّ نزوةٍ ضباعُ الجنان ؟
أيتها المسّبيّةُ من نسلِها :
أكلما رتقتِ عذريتك ..
ازداد نهمُ أبنائِك لاغتصابك؟
فتُجهضينَ بالحرامِ نكبةً يتلوها انتداب !
ألا تبّت..
وسيلةٌ تأكلُ غاياتُها البلادَ
من سيغفرُ يومَ صلَبوا الأناشيدَ عاريةَ الطفولة ؟
مزّقوا أثداءَ عشتروت..
رفعوها..
راياتٍ تكفرُ بشفاعةِ الخصب ؟؟؟
كان أبناؤكِ..
مَنْ عرّى آصرةَ كعبتكِ،و هتكَ كسوةَ الورد.

أغضَبُوا الله يا أمي..
و انطفأ ماءُ الرحمةِ بوجهِ التراب ،
تقحّلَ قلبُ السماء ..
عن ردّ لعنات الدماء.
ويحهم ..
كيف خزقُوا بالسواطير بكارةَ صبحك
نزفتِ..
فتمرغَ العقوق بسلا السواد ؟؟؟

بكى حملةُ العرشِ صائحين :
قد فارَ ديجورُ سحتِكم بأمّكُم ..
فـ تبّاً لقاطعِ حلمةِ أمّهِ بأسنان الغرباء.
اااااه..
كم تأوّهَ حينها ضرعُكِ الحقلِ يستجير:
(في عطشي يسقونني خلّا) ؟؟؟ (1)
يومَ باغتَوهُ كآفاتِ تصحّرٍ ضارية ...
تفترسُ ثديَ فراتك الجليل .
و عابثين..
تباصقُوا حليبَ السنابلِ ..
فوق عورةِ التأويل.

هكذا...
واطَؤوا كالنُّوَّمِ عتمَةَ المفارق،
فتسافحَ الحديدُ بالحديدٍ،
على درب جلجلة جديد .. (2)
لتفحَّ حانثةً بالغفران ..
زمجرةُ البنادق
و تُعلَنَ الدروبَ مسالخَ و محارق .
قد فتحُوا صدرَكِ ..
لجيوشِ القملِ و الجرذان
تفتك بفتنة سيدةِ الحبق و الصفصاف .

حتّى مــاجَ الدّمّ بالدّمِّ ،
وبعقَ فاغرا الطاعونِ بكلّ فاهٍ مدسوس ..
يقتاتُ حرمةَ الرّمان ،
ويفضحُ براءةَ الجلّنار.

ياللعار...
لستم إلا كقبورٍ تبلَعُها قبور.
تنتصب فيها جثثٌ تباهي بتفسخِ الحقّ
بفتاوى تنتعلُ الرؤوس كالدُّبور.

واا سوريتاهُ..
زعقَ تّوتُكِ الكظيم .
يستجدي زمزمَ في جسدٍ النواعير ...
يومَ تهاوتْ نائحةً قلاعُ بعل (3)
حطّموها كبيادقَ لأراجيفِ عبدةِ النفط ..
على ذمّة أفيونٍ يتقنُ فنَّ التّكبير.

آااااه ...
كم بكى أبي الصراط ..
يعُدُّ مقابرَ جماعيّةً طوَتْ بنيهِ ؟؟؟
واحسرتاه ..
يا ورثَةَ آخرِ النبيّين ،
قد انتصَبَ القحطُ فوق صحائفكم فحلا .
يستمني الهلاكَ بآسِنِ المواثيق،
فغرقتْ بالسوءةِ سدرةُ الصفح.

أحقاً ..!
لا شفاعة لأرحام الإعجازِ في ( ألف لام ميم) (4)
إن استشاطتْ غريزةُ الليلِ ...
تطمسُ قناديلَ الفجرِ بشحيحِ تزوير؟؟؟
آااه.. بَنيَّ يا أرواح إيبلا : (5)
كيف سافحتمُ زيفَ ربيعٍ بائر ؟
ها قد سُبِيَتْ من مَخدَع الجبارِ سومر،
جدّتكُم ماري (6)
وفُقِأَتْ عيونُ ماضيها التليد،
و بين فخذيّ الرافدين الجريح،
تَقارَعَ العصاةُ كؤوسها بثمالةِ المجازر .
أرأيتم! كيف تناوبوا اغتصابَ آياتِ الزيتون،
على منشارٍ جزَّ الضمائر ؟
و الزيزفون شاخَ زهرُه من عواء سواطيرٍ
تفلعُ الحرائر ؟؟
أما كفى !
تتساحتون أسماء الله ..
تحت عرشٍ ملتحي صفقات التنقيب ؟؟؟
إلى أنْ طمى الكوثرُ نفطا ذليلا ،
فناحت زبانيةُ المعاجز.
بئسما المعارك ..
سيؤرخها عبيدُ القيعانِ والمواخر.

لكن الشمسَ..
تبقى آخرَ المفارقِ في غرّةِ الليل الكهيل.
الآن ...
قد قامَ أيوبُ السنديان،
حقا قام..
واستوى صُبحا عذاب يسوع الخصيب
يحملُ أوارَ الخراب،
عن تائهي الرجوع

الآن ...
حمائمُ مريمَ تتهادلُ مزاميرَ بقبابِ زهراءٍ بتول.
وصحفُ الأولين تتوضّاُ بنجيعِ شقائقِ النعمان،
لِتحجَّ لجبل الياسمين ..
مهللةً قد حانَ نشور السماح
( آمين ) تردّدَ صوتُ الله في الآيبين
وأذّنَ للنسغ بردى،
فارتوى الذبولُ في عروقِ قاسيون،
وصدحَت أزهارُ الغوطتينِ بفكِّ أصفادِ عفرين
الآن ...
تبرعمَ الجمرُ ثلجاً في مآقي الشواطئ ..
بإيابِ مراكبِ الضياعِ،
و أذّنَت دموعُ النّوارسِ،
فتيمّمُتْ بوصلةُ القلوبِ بكعبةِ المرافئ.
تلوحُ لها مُأهّـلةٌ مناديلُ دمشقية ..
زركشتها زبّاءُ العدية
بحنّاءِ خابورٍ عنيد .

ويدُك يا أمي ...
ما زالتْ زيتونةً تعلّقُ رأسَ الحسين ..
سراجاً للأقصى،
في مهد غدِّ قماطُه نبيٌّ
يفورُ من عينه الثالثة
شهيدٌ يبايعه شهيد

عليا عيسى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- (في عطشي يسقونني خلّا) : مقولة للسيد المسيح وهو مصلوب.
2- درب جلجلة جديد : هي طريق سار عليها المسيح حاملا صليب تعذيبه .
3- بعل : إله الشمس في بلاد الشام .
4- (الف لام ميم ) : احرف اعجازية في بداية سورة البقرة .
5- إيبلا : حضارة تاريخية سورية قديمة .
6- ماري : حضارة تاريخية سورية قديمة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى