عبد الكريم كاصد - في ذكرى السياب.. عن السياب وتمثاله:

التمثال:

تمثالٌ
في زاوية الشطّ
يحدّقُ في الليل
ويُصغي
يتقدّمُ بردان ويرتدّ سريعاً
هل أبصرَ شيئاً؟
هل أشهرَ أحدٌ سكينَهُ في وجههِ؟
هل أرعبَهُ شبحٌ يتقدّمُ نحوهُ؟
هل صرّتْ عجلاتٌ في زاوية الشارع ثم مضتْ مسرعةً؟
هلْ أيقظهُ وقعُ خطىً راكضةٍ؟
منظرُ فجرٍ مشبوهٍ؟
وجهٌ لطّخهُ الدمُ؟
ماذا سيقولُ؟
إذا جاءهُ عشاقٌ
يضعون الوردَ غداً بين يديهِ
ويمضون
ترى ماذا سيقولُ
التمثال؟

في كازينو السياب:

خلف زجاج المقهى
كان القاربُ يدنو..
لكنْ
لا ماءَ هناك
هواءٌ
حسْبُ
هواءْ
قلتُ :
"ألا نجلسُ في القارب؟"
قالتْ :
"أين هو القاربْ؟"
قلتُ:
" هواءٌ
حسْبُ
هواءْ..!"

النهر:

في بيتك
كيف تُرى حلّ الليل؟
(جئتك ظهراً)
كيف ترى أُشرعتِ الأبواب
وجاء الناسُ
- وقد رفعوا في الليل مشاعلهم
وانحدروا من جهة التلّ؟ -
(موتىً كانوا أم أحياءَ؟)
أنمضي الليلَ هنا
والبحرُ على بعد ذراعين؟
............................
.............................
انظرْ!
جاء المدّ
واتسعتْ عينُ النهر
ونام البحر
صغيراً
في المهدْ

الرحلة:

في باصٍ مزدحم
قبل سنين
أبصرتُ السيابَ بقامتهِ المحنيةِ،
يصعدُ
وهو يجرُّ خطاهُ إلى المقعد
طفلاً مشدوهاً
كان السائقُ عند الباب يحدّقُ فيهِ
(أيعرفهُ؟)
لكنّ السيّاب غريباً كان عن المشهد
لم يبصرْ أحداً
حين رماهُ الباصُ بعيداً
في أرضٍ نائيةٍ بين بيوتٍ واطئةٍ
كان يسير
يسير
ولا يصلُ البيت
بطيئاً كالنملةِ
في أقصى الأرضْ!


عبد الكريم كاصد
جيكور- لندن
أعلى