إيليا أبو ماضي - تأملات.. شعر

ليت الذي خلق الحياة جميلة = لم يسدل الأستار فوق جمالها
بل ليته سلب العقول فلم يكن = أحد يعلّل نفسه بمنالها
للّه كم تغري الفتى بوصالها = وتضنّ حتى في الكرى بوصالها
تدنيه من أبوابها بيمينها = وتردّه عن خدرها بشمالها
كم قلت هذا الأمر بعض صوابها = فوجدته بالخير بعض محالها
ولكم خدعت بآلها وذمته = ورجعت أظمأ ما أكون لآلها
قد كنت أحسبني أمنت ضلالها = فإذا الذي خمّنت كلّ ضلالها
إنّ النفوس تغرّها آمالها = وتظلّ عاكفة على آمالها
حتى رأيت الشمس تلقي نورها = في الأرض فوق سهولها وجبالها
ورأيت أحقر ما بناه عنكب = متلففا ومطوّقا بحبالها
مثل الفصور العاليات قبابها = ألشامخات على الذّرى بقلالها
فعلمت أنّ النفس تخطر في الحلى = والوشى مثل النفس في أسمالها
ليست حياتك غير ما صوّرتها = أنت الحياة بصمتها ومقالها
ولقد نظرت إلى الحمائم في الربى = فعجبت من حال الأنام وحمالها
للشوك حظّ الورد من تغريدها = وسريكه من بعد إعرالها
تشدو وصائدها يمدّ لها الردى = فاعجب لمحسنه إلى مغنالها
فغبطتها في أمنها وسلامها = ووددت لو أعطيت راحة بالها
وجعلت مذهبها لنفسي مذهبا = ونسجت أخلاقي على منوالها
من لجّ في ضيمي تركت سماءه = تبكي علّي بشمسها وهلالها
وهجرت روضته فأصبح وردها = لليأس كالأشواك في أذغالها
وزجرت نفسي أن تميل كنفسه = عن كوثر الدنيا إلى أوحالها
نسيانك الجاني المسيء فضيلة = وخمود نارجدّ في إشعالها
فاربأ بنفسك والحياة قصيرة = أن تجعل الأضغا ن من أحمالها
زمن الشباب رحلت غير مذّمم = وتركت للحسرات قلبي الوالها
دّبت عقاربها إليه تنوشه = ورمت بقاياه إلى أصلالها
لم يبق من لذّاته ألاّ الرؤى = ومن الصبابة غير طيف خيالها
ومن الكؤوس سوى صدى رنّاتها = والراح غير خمارها وخيالها
يا جنّة عوجلت عن أثمارها = ولذاذة عربت من سربالها
ما عليها شيء سوى اضمحلالها = والذنب للأقدار في اضمحلالها
ومليحة في وجهها ألق الضحى = والسحر والصهباء
قالت: أينسى النازحون بلادهم ؟ = ما هاج حزن القلب غير سؤالها
الأرض ، سوريّا، أحبّ ربوعها = عندي ، ولبنان أعزّ جبالها
والناس أكرمهم علّي عشيرها = روحي الفداء لرهطها ولآلها!
والشهب أسطعها التي في أفقها ليس الجلال الحقّ غير جلالها
وأحبّ غيث ما همى في أرضها = حتى الحيا الباكي على أطلالها
مرح الصّبا الجذلان في أسحارها = ومنى الصّبا الولهان في آصالها
إني لأعرف ريحها من غيرها = بنوافح الأشذاء في أذيالها
تلك المنازل كم خطرت بساحها = في ظلّ ضيغمها وعطف غزالها
وشذوت مع أطيارها ، وسهرت مع = أقمارها، ورقصت مع شلاّلها
وسجدت للإلهام مع صفصافها = وضحكت للأحلام مع وزّالها
وملأت عقلي حديث شيوخها = وأخذت شعري من لغى أطفالها
تشتاق عيني قبل يغمضها الردى = لو أنها اكتحلت ولو برمالها
مرّت بي الأعوام تقفو بعضها = وثب القطا تعدو إلى آجالها
وتعاقبت صور الجمال فلم يدم = في خاطري منها سوى تمثالها
أعلى