عبدالناصر الجوهري - عارضٌ لارتجالِ القصيدةِ

بدَّدَ اللهُ أشياءَهُمْ

كلَّما وَطِىء الشِّعْرَ أعْمى

لينظمهُ؛

سحبوهُ على أمِّ عيْنيهِ صوب المدافن ،

ثمَّ أشاروا إليها ..

هُنا قُتل "المُتنبِّيْ"،

هُنا تركتهُ القوافي بلا أيِّ مأْوى ،

وقالوا لأعمى الخُطى:

جرَّدتْ دُوْرُ نشْر المعارض هيْبتهُ ،

غيَّبتهُ الجوائزْ

وإذا لبس المُتشاعرُ يومًا عباءتهُ

حمَّلوهُ الرَّكاكةَ،

والاصطناعَ،

وزادوا على الكيْل فالكيْلُ للشِّعْر جائزْ

ولزادوا :

سواهُ .. على عبْقر الجِنِّ يعْبُرُ

دون التَّفاعيل ،

فالنَّظمُ ما عاد يأتي بأيِّ جديدٍ لـــ معْنى،

إذا شكَّ في أمْرهمْ

نازعوهُ ولو في ارتجال القصيدِ؛

ليُخْفِيَ أوزانهُ ،

خلف إصْبعهِ ،

أو يُخبِّئهُ بين لحم الأظافرْ

جادلوهُ ،

ولو عاودته القريحةُ ..

جُنَّ لهمْ حافرٌ لا يزال يُطاردُ حافرْ

أخْبروهُ بأنَّ الأعاريضَ مُتعبةٌ

في مقارعةِ اللَّهجاتِ ،

الرُّواةِ،

وليستْ ستقوي على طول ذاك الطريقْ

بدَّد اللهُ أشياءهمْ

نزحوا

مِنْ مخابيء تلك المنصَّاتِ ،

والحرْفُ مُتَّسعٌ لا يضيقْ

بينما لم يكنْ ظاهرُ الشِّعْر عند ثقاتِ البلاغةِ..

إلا مُعلَّقةً فوق أستار بيْتي العتيقْ

لا ضجيجَ سيبقى

وما سُنْبلةٌ للطَّحين ستنبتُ وسط البوارْ

إنَّ لي دارةٌ فيه ،

بلْ شُرفاتٌ ؛

بيادرُ لا تنْتهي

سيْسبانٌ،

خواصٌ تغارْ

لن تُجرِّدني عُزْلةٌ لو أقاموا حاجزًا،

أو جدارْ

إنَّهُ الشِّعْرَ في عرْشهِ

سيِّدٌ بين تلك النُّجبْ

ليس فينا عديم النَّسبْ

إنَّهُ الشِّعْرأسلافُنا خلَّدوه

ولْدُ "قحْطانَ" قد بدأوا نظْمهُ ،

وخصْياننا - في المحافلِ - لا ينْصفوه

لمزيدٍ من التِّيهِ

يسْتسهلُّون بناء الحواشي ،

ليأتىَ مِنْ خلفهمْ ،

جاهلٌ بالمجازْ ؟

فبضاعتهمْ لا تمرُّ بأرْض "يمانٍ"،

ولا يمَّمتْ تجاه "الحِجَازْ".

شعر: عبدالناصر الجوهري - مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى