عبدالناصر الجوهري - سندباد يشتاق الأميرة

ونزلتَ اليمَّ للإبحار كالعشَّاق…
في أبهى سريره
كيف صغْتَ العشْقَ…
في قلب الأميرةْ؟
عشْتَ كالحطَّابِ في الأرض الفقيرةْ
ما تركت النيلَ،
والغيطان،
والأوطان للمُحْتل…
ما كان للبحَّار أن يخشى مصيره
أنتَ أيقظتَ النجومَ المُسْتنيرةْ
أنتَ لمْلمتَ السواقي المُسْتجيرةْ
بعْدُكَ الأعرابُ ثكلى
والعتْقُ قد سجنوا ضميره
سِنْدبادٌ أنتَ،
أم ريحٌ مطيرةْ؟
نحنُ في خوفٍ،
وحيرةْ
ها شموسُ العُرْبِ صارت تختفي
عند الظهيرةْ
والأرضُ ظمأى،
تصطلي في كلِّ سيرةْ
والرِّياحُ العادياتُ الآن عادت،
أقبرتْ عينًا قريرةْ
أنتَ غامرتَ… العمْرُ في كفَّيكَ…
لم تخشَ اللصوصْ
أنتَ نازلتَ الأساطيرَ التي قد أرَّقتْ
قاموس بلدان العجائبْ
وعبرتَ البحرَ للغيلان،
والأحْبار؛
تدحو الماردَ العملاقَ في عزِّ النوائبْ
…………….
أفْتنا… يا سِنْدبادٌ
أفتنا… هل كنتَ صحوًا يعربيًّا
يعتلي الليلَ،
ينيره؟
أفْتنا… هل كنتَ دفئًا يحتوينا
مدَّ للكلِّ…
هديره؟
أفْتنا… هل كنتَ حلمًا للنَّشامى
تَفْتدي في الجدْبِ …
لو عيرًا صغيرةْ؟
أفْتنا…. هل كنتَ نخلاً سامقًا
يحمي العشيرةْ؟
ياتُرى هل كنتَ حصنًا مُسْتحيلاً
يكتسي ظلًّا أبيًّا
شامخًا أم صدَّ غزوًا فاجرًا،
أم حرَّر الأرضَ الأسيرةْ؟
أفتنا …هل أنتَ من كانت هتونُ الحالماتِ اشتقنَ فيه المجدَ؛
لو قد مرَّ سربٌ من عبيره؟
أفتنا… كيف قد أمنتَ شعبًا حاصروه اليوم،
ما فرَّطتَ في بئرٍ ضريرةْ؟
أفتنا …هل أنتَ من كان الصمودُ المُبْتلى
يشتاق دومًا أنْ يعيره؟
ها هي الأوطانُ أضحتْ بين أفخاخ مريرةْ
أفتنا… يا سندبادٌ
في وصاياكَ القديمةْ
أفتنا… نحنُ قد ذقنا الهزيمةْ
………………..
كيف صفَّفتَ الرُّؤى
كيف اخترعتَ الحلْمَ..
من أحلى ضفيرةْ؟
كيف ألهمتَ الثريا
سرَّ عينيكَ الخبيرةْ؟
………………….
حقِّنا
إنَّ اللجوءَ اعتاد أن يختار هونا
حقنا أن تعشقَ الأطفالُ…
أحلامًا،
وفرشاةً،
ولونا
حقنا أن نستريحْ
حقنا أن نسترد الفتح،
والشدو الذبيحْ
قد مللنا الإغترابْ
قد نسينا أنك الآن قد طواكَ الموتُ ،
والموتُ المُذابْ
طائرُ العنقاء ما قد عاد يرديه الحجرْ
ماردٌ داس البشرْ
وزعيمُ الجنِّ قد فرَّ اليوم من قبوِ الغجرْ
………………….
طائرُ الزرزور أبقى في شقوق الصخر جُرْحا
أبقى للأحفاد صُبْحا
أعلن الإنشادَ حزنًا للروابي المُسْتكينةْ
هل سنغفو في بلادِ اللهِ؛
والأرضُ سجينةْ؟
أفتنا …نحتاج حيلةْ
أفتنا …في مُهجةِ الأرض القتيلةْ
أفتنا …قد ثار خيلٌ للقبيلةْ
أفتنا فالفجرُ ألْقى دمعةً ثكلى حزينةْ
والخيولُ الصافناتُ اليوم فرت للثرى
تقتات دومًا
من حنينه
………..
أفتنا في كل تهويدٍ لـ قُدْسي
ولِمَ المُسْتوطناتُ اليوم حتى بأطرافِ الحظيرةْ
فالحواديتُ استباحتْ
كلَّ سردٍ،
قد تلظَّى في اشتياقٍ للأميرةْ.
شعر: عبدالناصر الجوهري - مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى