مريم بن بخثة - على نار هادئة..

المشهد الأول
والتفت الساق بالساق ، تشابكت العيون يلتهمها وهج الشهوة ، و الأنفاس تتسارع في الاتجاهين ، تحركت يده نحو يدها المرتعشة ، جذبها نحوه بعنف شبقي ترددت ، حاولت أن تسحب يدها من يده لكن قوة تمسكه بها لم تمنحها فرصة لذلك فاستكانت،أرادت أن تعدل من هيئتها المبعثرة، لكنها استسلمت أخيرا تحت تأثير نظراته الملتهبة ، فتح ذارعيه ليحضن فرحتها الأولى ، تباطأ و هو يتأمل إطلالتها المنيرة كبدر متألق يغازل سواد الليل ، قامت من قربه و ابتعدت قليلا ، كانت ثيابها الشفافة تعكس أنوثتتها البكر ، ظل ينظر إليها ملتهما كل تقاطيعها الصغيرة و هو نشوان بحظيته هذه الليلة التي تمناها طويلا، زفر زفرة بث فيها صبره الطويل و أطلت من بين شفتيه ابتسامة المنتصر الذي استطاع أخيرا أن يقطف أول ثمار شهده ، مد يده داعيا إياها إلى حضن خالدٍ، هكذا كان يريدها أن تراه فلا ملاذ لها سوى حضنه الدافئ المشبع بالرغبة القوية ، رماها فوق سرير المتعة يسعى أن يفتض حلمه الجميل بجعله واقعا يعيشه ارتمى عليها ، فإذا به يهوى بجسده على الأرض مبللا كحلمه ، كانت برودة المكان كافية أن تعيده إلى زنزانة الواقع و صوت أنثوي قريب منه ينادي عليه :مابك يا محمد كل مرة تسقط مثل الأطفال على الأرض و أنت نائم .

مشهد 2
كان الغروب يعانق كل الضلال المترامية و حمرته قد منحت المكان رونقا خلابا ، وهدير مياه البحر بين مده و جزره سمفونية تفوق برقتها و عذوبتها سمفونية بتهوفن ، على الرمال كان هناك ظلان يتهاديان في مشية مسترخية ، كأنهما بخطوهما البطيئ يمددان جمال المكان و بهاءه ، تشابكت أيديهما بنعومة لتوحد نبضهما الصاخب ، كان فكره المتاجج و أفكاره التي ركضت بعيدا أمامه تستبق اللحظات المشتعلة التي ستضيء ليلهما في هذا المكان الذي سيكون جنتهما الأولى ، نظر إليها بعينين أرادهما مرسول عشق و هيام عساها تنجذب بشعاع الرغبة المتوهجة، حاولت أن تتملص من سطوة توهجه تحركت بعيدا عنه ، ركضت و كأنها تقول له لست فرسا مروضة كي تمتطيني من أول وهلة ،ظل للحظة يتأمل قوامها الممشوق الذي يسلب اللب ، تفحصه كما يتفحص الجواهري قطعة ماس مميزة ، تقاطيعها الصغيرة ، سيقانها البان، عودها الممشوق، شعرها الأسود الكثيف المنسدل على ظهرها ، لم يكن في حاجة الى رؤية أعمق من ذلك فلباس البحر الذي كانت ترتديه كشف عن المستور ، ازدادت رغبته ، اشتعلت بنيران الشهوة ركض إليها ، كفارس يصطاد فريسته ، احتضنتها ذراعاه ، هويا على الرمال التي مازالت تحمل دفئ يوم مشمس ، كانا يلهثان من شدة الركض و أشياء أخرى أغمضا عينيهما يستمتعان باللحظة ، هو مازالت أفكاره تسبقه بلحظات شبقية مجنونة ، ازداد نبضه ، أخذت يده تتلمس طريقها بشكل عبثي ...
ساعتها أحس بعصا غليظة تلمس كتفه المتعرقة و يد تقودهما الى سيارة الشرطة.

المشهد 3
كانت قاعة السينما شبه فارغة إلا من بعض عشاق الأفلام الرومانسية ، جلسا جنب بعض ظلت تحدثه طوال الوقت قبل ولوجهما صالة العرض ، و هو كان مشدوها اليها كوليد بحبله السري ، يشرب كلماتها و يغوص في ذاتها منتشيا ، كلما تحركت يمنة أو شمالا ، حين تلوي بعنقها إلى الخلف لم يكن يشتهي سوى أن يطبع قبلة محمومة عليه ، فكر حينها ان صالة العرض و الإنارة غير متاحة ستفي له بالغرض ، ابتسم سعيدا بهذه الفكرة ، لم يكن صمته إلا غيابا في لحظات شبقية مجنونة كانت تراود مخيلته، ازداد ت رغبته في عناقها اكثر ، في التعرف على تقاطيعها المختفية تحت ملابسها الضيقة .
هل كانت تدرك ذلك ، وحدها كانت تتكلم ،ووحدها كانت تسأل و تجيب و هو بعينين مشبعتين بعوالم أخرى كان ينظر إليها ، لحظة احساسها بمدى تفحصه لجسدها البض كانت تضربه على يده بدلال و غنج ، يشيان بتتبعها لكل حركاته .
يبدأ الفيلم الرومانسي و ما أحلاها الرومانسية بين ان تشاهدها على الشاشة أو تلامسها على الواقع ، وحده كان يعرف الفرق ،تردد قليلا بعدبدء الفيلم توهجت أحداثه و و عاشا ابطاله لحظات ساخنة ، جعلته غير قادر على أن يتاملها من بعيد ، قرر هتك الحاجز ليباشر معها فيلما رومانسيا على أرض الواقع ، لم يجد منها إلا صفعة مدوية على وجهه تعلمه ، ان بين الواقع و الخيال مسافات ضوئية لم يقطعها بعد.

هامش
بين المشاهد الثلاث كان الكاتب قد احتسى عشرة فناجين قهوة سوداء بدون سكر و دخن خلالها ثلاثة علب سجائرو سرق من زمن عمره ساعات طوال.
ثلاث مشاهد مجنونة لم تكف الكاتب ليكشف عن أفكاره الايروتيكية بعد .
قام فمزق كل الأوراق التي دون فيها مشاهده لأنه اكتشف في نهاية المطاف أن العيب فيه لا في مشاهدة بطله كيف يخترق فواصل الممنوع.تأكد لديه وحده دون علم قرائه، أنه لا يجيد فن الغواية و المتعة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى