مصطفى الشليح - يا حَديقَتها المُعلَّقَة.. شعر

دَخلَ الحَديقةَ وحدَه
يدُه إلى أعلى تُلوِّحُ للمَدى بالذِّكرياتِ
وبالجُنون على مدار العين يَرقصُ للحديقةِ في جُنون
أكملَ المَعنى بدُون عبارةٍ
شَجرٌ يَسيرُ إلى كتابِ الظلِّ يُخفيه
عن الشَّمس المُطلَّةِ كيْ تَسيرَ إلى ظلال كتابِها
ماذا يكونُ هُناكَ
لولا هذه الأوراقُ تحجبُ ما وراءَ الماء
في سَفر الحَديقةِ، خِلسةً، منْ ليلها ليضجَّ باللغةِ النَّهارُ ؟
وما الذي كانَ احتجابا ؟
هلْ تُصدِّقُ أنَّ للغةِ انهيارا في النَّهار
وأنَّ للشَّفةِ انكسارا في جرار الضَّوء يعقبُه انحسارُ ؟
كما النَّوافذ خائفه
منْ جذوةٍ تتجاذبُ البَردَ القديمَ ليسَ تُصغي
للهُنيهَاتِ التي تلغي جَناحَ فراشةٍ كانَ المَمرُّ يَخافُ
يَختلفُ المَمرُّ إلى بدَايتِه
فيختلفُ الغريبُ عن الغريبِ صدًى، ويأتلفُ
التَّردُّدُ في كلام الرِّيح حينَ ينكشفُ المَمرُّ عن البلاغةِ واجفَه
دَخلَ الحديقةَ
لم يكنْ دَخلَ الحديقةَ وحدهُ
كانتْ تقولُ له: لماذا كنتَ وحدكَ ها هُنا ؟
ضحكتْ فماسَ العطرُ في يدِها
وقد ألقتْ على شفةِ الحديقةِ سِحرَها المجنونَ
حينَ استرسلتْ يدُه تُعابثُ شعرَها المَنسيَّ في يدِه كما الدُّنيا
توقَّفَ لحظةً أو لحظتين
ليكنسَ المعنى عن المعنى ويلبسَ نظرتين
ولم يقلْ شيئا. نظرا معا. دَخلا الحَديقةَ منذ كانتْ خلسَةَ الرُّؤيا
أينَ الحَديقةُ قالَ لي ؟
قالتْ: وفيمَ سُؤالُكَ القدريُّ ؟ خذ إغفاءَةَ السُّقيا
إلى نَهر المعاني، وانتبه حتَّى تَصيرَ منَ الجُنون إلى الجُنونْ
كانتْ مُعلَّقةً حَديقتُها
وكانَ يَطوفُ قيسٌ حولَها بقَصيدةٍ
لا تنجلي إلا إذا طافا، بكلِّ العُمْر، أروقةَ الجُنونْ
.
.


د. مصطفى الشليح

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى