مالك إبراهيم - شعراء عرب حاربوا المجتمع بمدح الخمر

جاء الإسلام على قبائل تشرب الخمر، وكُتب عنه الكثير من المدح، وسمع العرب قصائد طويلة تصفه وتمدح حالة النشوة التى تتملك شاربه، وبعد تحريمه فى الإسلام، ظل بعض الشعراء يكتبون عنه، ورغم اتهامهم بالزندقة والكفر لكنهم استمروا فى كتابة قصائدهم، لتظل عالقة فى الأذهان حتى يومنا هذا.

كتب عنتر بن شداد قبل الإسلام فى مدح الخمر، قائلا:

كم ليلة ٍ قد قطعنا فيكِ صالحةٍ = رغيدةٍ صفوها ما شابهُ كدرُ
مع فتيةٍ تتعاطى الكاس مترعةً = منْ خَمرةٍ كلَهيبِ النَّار تَزْدهر
تُدِيرُها منْ بناتِ العُربِ جاريةٌ = رشيقةُ القدِّ فى أجفانها حور

ويقول أيضا:
وإن طَرِبَ الرِّجالُ بشُرْبِ خَمْرٍ = وغيبَ رشدهم ْ خمرُ الدنان
فَرُشْدى لا يُغيِّبُهُ مُدَامٌ = ولا أُصْغى لِقَهْقَهة ِ القنانى

ويعتبر (أبو نواس) هو شاعر الخمر الأشهر، ومن أشهر شعراء العصر العباسى.. كتب فى الخمر ما لم يكتبه أحد غيره، حتى لُقب بـ(شاعر الخمر)، وقال فى قصيدة له:

ألا فاسقنى خمرًا، وقل لى: هى الخمر = ولا تسقنى سرًا إذا أمكن الجهر
فما العيش إلا سكرة بعد سكرةٍ = فإن طال هذا عنده قصر الدهر
وما الغبن إلا أن ترانى صاحيا = وما الغنم إلا أن يتعتعنى السكر
قبح اسم من تهوى ودعنى من الكنى = فلا خير فى اللذات من دونها ستر

ويقول أيضًا فى قصيدة أخرى له:
وخمار حططت إليه ليــــــــــلا = قلائص قد ونين من السفـــار
فجمجم والكرى فى مقلتيـــــــــه = كمخمور شكا ألم الخمـــــــار
أبن لى كيف صرت إلى حريمـــى = ونجم الليل مكتحل بقـــــــار؟
فقلت له ترفق بى فإنــــــــــــى = رأيت الصبح من خلل الدـيار
فكان جوابه أن قال صبـــــــــح! = ولا صبح سوى ضوء العقــــار
وقام إلى العقار فسد فاهـــــــــــا = فعاد الليل مســــــــود الإزار
فحل بزالها فى قعر كــــــــــأس = محفرة الجوانب والقــــــــرار
مصورة بصورة جند كســــــــرى = وكسرى فى قرار الطرجهـــــار
وجل الجند تحت ركاب كسرى = بأعمدة، وأقبية قصـــــــــــار

ويصف أبو النواس حفلة سكر مستخدمًا استعارات حربية يقول فيها:
إذا عبا أبو الهيجــــــاء = للهيجاء فرسانــــــا
وسارت راية المـــــــوت = أمام الشيخ إعلانــــــا
وشبت حربها واشتــــــ = ـعلت تلهب نيرانــــا
وأبدت لوعة الوقعـــــــ = ـة أضراسا وأسنانـــــا
جعلنا القوس أيدينــــــا = ونبل القوس سوسانـــا
وقدمنا مكان النبـــــــــ = ـل والمطرد ريحانــــــا
فعادت حربنا أنســــــا = وعدنا نحن خلانـــــــا
بفتيان يرون القـتــــــــ = ـل فى اللذة قربانـــــــا
إذا ما ضربوا الطبــــــل = ضربنا نحن عيدانـــــا
وأنشأنا كراديســــــــــا = من الخيرى ألوانــــــا
وأحجار المجانيــــــــق = لنا تفاح لبنانـــــــــــا
ومنشأ حبنا ســـــــــاق = سبا خمرا، فسقانـــــا
يحث الكأس كى تلحــ = ـق أخرانا بأولانــــــا
ترى هناك مصروعــــــا = وذا ينجر سكرانــــــا
فهذى الحرب لا حرب = تغم الناس عدوانــــــا
بها نقتلهم ثــــــــــــم = بها ننشر قتلانــــــــا

أما المتصوف الشهير المنصور بن حسين الحلاج، والذى حُكم بقتله بعد اتهامه بالكفر، واختلف الفقهاء حوله، وحول ما كتبه من شعر صوفى، يصف الله، عز وجل، فى قصيدة شهيرة له على أنه يقدم له شراب الاتصال الروحى قائلا:
نديمى غير منســوب = إلى شىء من الحيـــف
سقانى مثلما يشـــرب = كفعل الضيف بالضيف
فلما دارت الكـــــأس = دعا بالنطع والسيـــف
كذا من يشرب الـراح = مع التنين فى الصيـــف

ويقول ابن الفارض، أو كما لقبوه (سلطان العاشقين)، الذى ولد فى سوريا ثم هاجر إلى مصر، فى قصيدة له فى مدح الرسول:

شربنا، على ذكر الحبيب مدامـة = سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم
ومن بين أحشاء الدنان تصاعــدت = ولم يبق منها فى الحقيقة، إلا اسـم
وإن خطرت يوما على خاطر امرئ = أقامت به الأفراح، وارتحل الهـــم
ولو نظر الندمان ختم إنائهــــــــا = لأسكرهم من دونها ذلك الختــــــم
ولو نضحوا منها ثرى قبر ميــــت = لعادت إليه الروح وانتعش الجســم
ولو طرحوا فى فيء حائط كرمهـــــا = عليلا، وقد أشفي، لفارقه السقـــم

وكتب حسان بن ثابت الشاعر الأنصارى، الذى لقب ب("شاعر الرسول)، بعد هجرته، قصيدة يقول فيها:

لما صحا وتراخى العيشُ قلتُ لهُ = إنّ الحياة َ، وإنّ الموْتَ مِثلانِ
فاشربْ من الخمرِ ما آتاكَ مشربهُ = واعلمْ بأنْ كلُّ عيشٍ صالحٍ فانِ

وكتب الخليفة الأموى وليد بن يزيد بن عبد الملك، فى قصيدة يمدح فيها الخمر، وكان معروفًا عنه حبه الشديد للخمر:

اصدع نجى الهموم بالطــرب = وانعم على الدهر بابنة العنب
واستقبل العيش فى نضارتـــــه = ولا تقف منه آثار معتقــــــب
من قهوة زانهــا تقادمهـــــــا = فهى عجوز تعذر على الحقب
أشهى إلى الشرب يوم جلوتها = من الفتاة الكريمة النســـــــب
فقد تجلـت ورق جوهرهــــــا = حتى تبدت فى منظر عجــــب
فهى بغير المزاج مـن شـــــرر = وهى لدى المزج سائل الذهـب
كأنها فى زجاجها قبــــــــس = تذكو ضياء فى عين مرتقـــــب
فى فتية من بنى أميـة أهــــــ = ل المجد والمأثرات والحســب
ما فى الورى مثلهم ولا فيهـــم = مثلى ولا منتم لمثل أبـــى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى