عبد العزيز الروَّاف - ثلاث نساء

الأولى:

هالها ما اكتشفت .. العيون الشبقة تترصد ها .. رغبات جسدها الناضج تدعوها لولوج حياة أخرى .. رائحة الغنج تلفح أنفاسها .. شعرت أخيراً بأنها تطرق كيان الأنثى داعية كل الرجال لتأملها.

جميع مقومات حواء الظاهرة والباطنة تتراءى لها راقصة حول كل بروز بجسدها ... إنها بحاجة إلى رجل يكمل لها كل معطياتها الوافرة فيها كامرأة. القلق البارد الساكن نفسها يحتاج إلى دفء رجولي.. هاجس الأنثى يلح عليها بقوة مذيباً قطع ثلج الحياء المترسبة في أغوار نفسها.

تتكاثر.. تتراكم .. تتخثر الأحزان لتنسكب دموعا من عينيها .. تدفعها تلك التفاعلات إلى البحث .. غاصت في أعماقها الموحشة .. فتشت في حناياها .. دققت في كل تفاصيلها .. فكرت في كل ما مر بها .. طفت إلى سطح الواقع لتوقن بعد هذا إنها بحاجة إلى روح تجعلها أنثى حقيقية .

الثانية :

كنت دائما أشتهي امرأة تحبني .. تنثر عبق الأنثى على جدران حياتي .. اندلق التعب في كل عضو من جسدي بحثاً وتدقيقاً في وجوه وأجساد كل النساء .. انبثقت أمامي كزهرة ربيع في غير أوانه .. دعاني حقل الياسمين على صدرها للتمدد عليه .. هربت من همومي بقربها .. تماهت روحانا .. الذبول بدأ يرتسم بوضوح على خطوط ملامحي .. الانسحاق يملأ نفسي .. تراءت لي صورتها غريبة موحشة .. أسنانها بارزة حادة .. شفتاها قاحلة .. عيناها يكسوهما الاحمرار بعد كل عناق ..إنها تشرب ماء الحياة من جسدي .. واستمر في الذبول بعد كل لقاء .. استنجدت بآخر ما تبقى من سريان للحياة في شراييني .. تحرك أخر خيط للتفكير في عقلي لم تسلبه مني .. فكرت وتدبرت ثم عقدت العزم .. أطبقت وأنا في حالة وئام مع كل جوارحي على بؤرة الحياة فيها .. تململت فواصلت الضغط .. بدأت تنسحق تحت وطأة قبضتي التي تخلصت من وهن الذبول .. حالة من الهدوء اجتاحت جسدينا .. همدت .. ارتخت أعضائها .. تركت المكان بهدوء .. ومنذ ذلك اليوم صرت اهرب من كل النساء .

الثالثة :

نظرت إلى الساعة المتوقفة منذ أن تفتح جسدها الملتهب بين يداي .. أحاول لملمة الثواني النافقة .. تلملم شعرها الغجري المبعثر بتعمد .. صدرها النافر استنزفت منه كل أسرار البهجة .. نسينا ما يحيط بنا .. دخلنا إلى جحيم الغياب .. كلما تقدمت ساعات الليل ازدادت رغبتنا في الاستمرار .. يزداد سطوع جسدي بفعل غسيل البهجة .. في أعماقي اشعر بجفاف .. الفرح ينتشر على جسدي ولكنه لا يترسب في أعماقي .. اشعر بضيق .. لحظات قاسية تتسرب إلى داخلي فتتملكني .. البهجة الخارجية لا تصل إلى اجتثاث الأحزان الراسبة في قاع جفاف الروح .. أحاول أن أصل إلى قرار .. أضغط بعنف على تفاعلات الألم .. أتخلى عن جسدها الفائق الاشتهاء .. انزع يداي المغروزتان في لجته .. أجد روحي تعالج خوفها الكئيب .. اكتشف زيف جسدها .. انسل هاربا ً إلى غير رجعة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى