فنون بصرية علاء مشذوب - الفوتوغراف واللقطة القريبة جداً

ورثنا من الفن التشكيلي البورتريه، وانتقلنا بعده الى فن الفوتوغراف وكانت اللقطة بالعموم تميل الى الموضوعية والعامة، حتى جاء اكتشاف فن الفلم، الذي تتنوع فيه اللقطة ما بين العامة والمتوسطة والكبيرة، ولكن وعن طريق الصدفة غير المحمودة عند العلماء والمكتشفين، أخذت بعض الصور الفوتوغرافية للبعض القريب مني من المبدعين، ومن ثم بدأت أقرب عين الكاميرا أكثر وأكثر... فأخذت تضاريس الوجه بأكمله بلقطة تظهر تضخم أعضاءه القريبة من عين الكاميرا بشكل يشبه (بورتريه) الفن التشكيلي ولكن على خلاف معه من حيث حيج اللقطة، فالأخير يذهب دائما الى اللقطة العامة أو المتوسطة، أما (بورتريه) الفوتوغراف فيذهب الى اللقطة الكبيرة جدا... ثم سألت نفسي ماذا لو صورت حواس الإنسان العليا منفصلة، مثل (العين، الأذن، الأنف، الفم) وغيرها من طلاسم الوجه كالتجاعيد والشارب والحاجب...كانت التجربة خير برهان على هذا التصوير الجميل، وهو أن تأخذ (بورتريه) التفاصيل الدقيقة للأشياء المهملة ضمن أطلس الوجه البشري التي تكون بمجموعها خارطته التفصيلية، مثلما يمكن أن نسلط هذا النوع من التصوير الدقيق وبلقطات الزوم على بعض المهمل في تفاصيل حياة الأنسان، مثل أظافر اليد والرجل، أو أزرار القميص والثوب والبنطال. وساعة اليد، أو رأس قلم، أو ربطة عنق...الخ. ان جماليات اللقطة المكبرة للأشياء الصغيرة هو تسليط الضوء على تلك التفاصيل الجميلة التي تكاد تكون بمثابة النواة التي تنقسم أو تتشابه لتنتج متشابهات كي يكون قميصا على سبيل المثال، أو بعض الشَعَر على تفاصيل فخذ أو زند لإنسان بالغ...الخ. ان التشويه الناتج من (بورتريه) الفوتوغراف، هو بمثابة تشويه واقع الجسد البشري الذي يتعرض للقمع التصويري باللقطات العامة والمتوسطة، ولا يسلط الضوء على تلك التفاصيل الدقيقة لجغرافية الوجه أو المكشوف منه سواء أكانت اليد وأطرافها، أو الرجل وأطرافها. كذلك يسلط الضوء على تفاصيل ملبس الجسد البشري بكل ما يجعله أكثر جمالا وهو ينتصب على جسد الإنسان ليظهر جماليته، مثلما يسلط الضوء على إكسسواراته التي تضفي جمالية ولياقة الملبس. وإذا كانت اللقطة الكبيرة في فن الفلم والتلفزيون تذهب بالزمان والمكان، فإنها في البورتريه الفوتوغرافي تلغي كل التفاصيل وتهتم فقط بما يمكن تبريزه من التفاصيل الدقيقة، التي يمتلكها الإنسان والتي تحيط به. ان عملية تضخيم الأشياء أو الأجزاء من أجل الإيحاء بالمعنى الرمزي لها، كذلك يستطيع المتلقي أن يشاهد أدق التفاصيل، مثلما يلاحظ أصغر تفاصيل ملامح وجه الإنسان. وإن عملية تشويه الواقع، وتحويله الى افتراض من خلال لقطات الزوم الفوتوغرافية غايتها الرئيسة هو الوصول الى جمال الأشياء والتفاصيل والتماهي معها من أجل خلق افتراض يعبر على الواقع ويُعرف بتلك التفاصيل المهملة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى