محمد بن نمير الثقفي - تضوع مسكا بطن نعمان إن مشت

تَضوَّعَ مِسكاً بَطنُ نُعمانَ إِن مَشَت = بِهِ زينَبٌ في نِسوَةٍ عَطراتِ
فَأَصبَحَ ما بَينَ الهَماءِ فَحُزوَةً = إِلى الماءِ ماءَ الجَزعِ ذي العَشَراتِ
لَهُ أَرَجٌ مِن مَجمَرِ الهِندِ ساطِعٌ = تَطلَّعُ رَيَّاهُ مِنَ الكَفراتِ
تَهادينَ ما بَينَ المُحَصَّبِ مِن مِنىً = وَأقبَلنَ لا شُعثاً وَلا غَبِراتِ
أَعانَ الَّذي فَوقَ السَماواتِ عَرشَهُ = مَواشيَ بِالبِطحاءِ مُؤتَجَراتِ
مَرَرنَ بَفَخٍّ ثُمَّ رُحنَ عَشِيَّةً = يُلَبَّينَ لِلرَّحمنِ مُعتَمَراتِ
يُخبِّئنَ أَطرافَ البَنانِ مِنَ التُقى = وَيَقتُلنَ بِالأَلحاظِ مُقتَدَراتِ
وَلَيسَت كَأُخرى أَوسَعَت جَنبَ دِرعِها = وَأَبدَت بَنانَ الكَفِّ لِلجَمراتِ
وَغالَت بِبانِ المِسكِ وَحَفا مُرَجَّلا = عَلى مِثلِ بَدرٍ لاحَ بِالظُلُماتِ
وَقامَت تَراءى بَينَ جَمعٍ فأفَتَنَت = بِرُؤيَتِها مَن راحَ مِن عَرَفاتِ
تَقَسَّمنَ لُبِّي يَومَ نُعمانَ أَنَّني = بُليتُ بِطَرفٍ فاتِكِ اللَحظاتِ
جَلونَ وُجوهاً لَم تَلُحها سَمائِمٌ = حَرورٌ وَلَم يَسفَعنَ بِالمُسبراتِ
يُظاهِرنَ أستاراً وَدوراً كَثيرَةً = وَيَقطَعنَ دورَ اللَهوِ بِالحُجراتِ
وَلَما رَأَت رَكبَ النَميريِّ أَعرَضَت = وَكُنَّ مِن أَن يَلقينَهُ حَذِراتِ
فَأَدنينَ حَتّى جوَّزَ الرَكبُ دونَها = حِجاباً مِن القَسِّيِّ وَالحَبَراتِ
دَعَت نِسوَةٌ شَمَّ العَرانينِ كَالدمى = أَوانِسَ مَلءَ العَينِ كَالظَبياتِ
فَأَبدَينَ لَمَّا قُمنَ يَحجِبنَ زَينَباً = بُطوناً لِطافَ الطَيِّ مَضطَّمِراتِ
فَقُلتُ يُعافيرَ الظِباءِ تَناوَلَت = نِياعَ غُصونِ الوَردِ مُهتَصِراتِ
فَلَم تَرَ عَيني مِثلَ رَكبٍ رَأَيتُهُ = خَرَجنَ مِنَ التَنعيمِ مُعتَجِراتِ
وَكِدتُ اِشتِياقا نَحوَها وَصَبابَةً = تَقطَّعُ نَفسي إِثرَها حَسَراتِ
وَغادَرَتُ مِن جَدّى بِزينَبَ غَمرَةً = مِنَ الحُبِّ إنَّ الحُبَّ ذو غَمَراتِ
وَظَلَّ صِحابي يُظهَرونَ مَلامَتي = عَلى لَوعَةِ الأَشواقِ وَالزَفراتِ
فَراجَعَتُ نَفسي وَالحَفيظَة إِنَّما = بَلَلتُ رِداءَ العَصبِ بِالعَبراتِ
وَقَد كانَ في عِصيانيَ النَفسَ زاجِرٌ = لِذي عِبرَةٍ لَو كُنَّ مُعتَبِراتِ
أعلى