عامر الطيب - لعلي مزيجٌ من الفراشة..

لعلي مزيجٌ من الفراشة
و تشوانغ تسو
مع أن الحكاية لم تكن أصيلةً
فلم يكن أحد المخلوقين
أليفاً في عذابي
إلا أنني حاولت أن أصفَ حياتي للغرباء
الأوغاد
الذي ينقلون الإشاعات
ببركةٍ و يسرٍ
فاتضح أني بمواجهة الضوء دائماً
هكذا سأعرف حتى في اللحظة
التي آكل فيها طعاماً لا أستسيغه
إنها اللحظة التي ينبغي أن تقتطع من الزمن
عندما أقتحم الشمعة
كتشوانغ تسو يريد أن يصير فراشة
و أطفئها
كتشوانغ تسو يريد أن ينام!

أنا عاطفي لكن ليس إلى الحد
الذي تتوقعينه
يمكنني أن آكل و أتصلب
و أنسى أيضاً
يمكنني أن أنسى الآن
أو غداً
لقد جربت النسيان مراراً
في الآونة الأخيرة
لكن ثمة حجرة عظيمة يضعها الإنسان
في البدء
و ينساها
إلى أن تصبح بيتاً !

سمعتُ أنك تمشين في منامك
انطلقتِ من بغداد في رحلة مئة يوم أو ساعة واحدة
و جبت مدن العالم
ثم صادفت في طريقك
مرهقةً الى البيت
عثرةً مذمومة مثل الحب
أو أغنية يغص بها الحلق
فحاولتِ تذكر أين صارت بغداد الآن ؟
متذمرة
من أنك ينبغي إن بقيتِ مقطوعة
في الليل
فقد تتسارع الأرض
و يفسدُ النوم
فتصير بغداد كلها
طرفا بارداً من فراشك فقط !

ذهبتِ كما تختفي كلمة
فور نسيانها لكن يدكِ معي
ها هي الآن حادة و ماثلة
من أجل أن أتدبر أمرها .
لو كانتْ من خشب لأشعلتُها
في زاوية الباب
لو كانت من معدن لصممتها مقبضاً
له.
لو كانت من زجاج ناعم
لجعلتها جرساً
لكنها يد تحضرُ مثل أصوات غير مفهومة في الخارج
ليس بإمكانك أن تطردها بالمجمل
أو تفتح لها الباب !

لا أمتلك حياة شخصية لرجل
ولد ثم تكاثر ثم مات على فراشه
أو في السفر
لي حياة طيور أفلام الكارتون
أطير
ثم أدور و أسقط
في اللحظة الأخيرة حيث يظل الأطفال
على أمل
أن أسقط مرة أخرى غداً !

شارع طويل إلى بيتي
شارعان طويلان إلى بيتكِ
و هكذا صرنا نقطع ثلاثة شوارع يومياً
لنكون معاً في الفضاء الغائم
قليلاً من الوقت
ثم تقطعت السبل
في الحرب
و صار ثمة قطاع طرق
ملثمون و متشابهون مثل حرائق المباني
إنها مفاجأة اليس كذلك؟
مفاجأة من العيار الثقيل
أن تكوني مجهولةً
فتوصلني الشوارع الطويلة كلها إلى بيتي!

أعددتُ لك الأسبوع لترتاحي
السحرُ عمل شاق
و يجب أن تتفرغي قليلاً لنفسك
أو للبكاء على رجل موهوب .
مددتُ لك الأحد
لتنامي
و الإثنين لتأكلي بشراهة
ةما الثلاثاء و الأربعاء
فهما للنزهة و القراءة و المشي
فيما بقي الخميس
لتفكري إن كنت جادة
في التعرف على رجل آخر ،
الجمعة
لتتراجعي عما تفكرين بشأنه
و غداً السبت !

كلما قلت هذه سيرتي
تبينت أنها سيرة أحد آخر
ظللتُ أبحث عنه
ليأذن لي بتأليفها
و أشوه حكاياته
لتبدو ملائمة لحياتي أيضاً !

في آخر الفيلم
صارت الموسيقى خفيضة،
توقف إطلاق النار
و بدأ الابطال يختفون
يموتون أو يهرمون أو يلتقون
فرغت القاعة أيضاً
متفرج أخير
ظل يعاصر المشهد
لقد انتهى الفيلم
لكن الأيام السعيدة لم تبدأ بعد !

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى