محمد عكاشة - كوفيد ياسيدي

سنتركُ لكَ الهواءَ تلهو فيه كيفما تشاءُ
فقط اتركْ لنا مسافةً عموديةً قصيرةً تكفي لنزحفَ كحشراتٍ تنخرُ في باطنِ الأرضِ
سنتلوى كحياتٍ تبحثُ عن صيدٍ بديلٍ
ونتهادى كدودٍ خرجَ للتوِ من جثثِ الحروبِ السابقةِ
سنقفزُ كأرانب بريةٍ تأكلُ من أعشابِ الصحراءِ وتتوارى من فحيحِ الأفاعي
سنصبحُ صراصيرَ تبني أعشاشَها في مراحيضَ وبركٍ شاسعةٍ
أو قنافذَ بجلدٍ شائكٍ تصدُّ هجماتِ الضباعِ
سنتركُ لكَ الهواءَ ونشاهدُكَ كنملٍ يحفرُ مدنًا جديدةً صالحة
ونراكَ وأنتَ تحومُ حولَ الأنوفِ الشامخةِ في كبرياء،
وأنتَ تراوغُها وهي في غفلةٍ منكَ
ونراكَ وأنتَ قابعٌ على سطحِ بندقيةٍ آليةِ لقناصٍ محترفٍ
تباغتُه وتقتحمُ فوهةَ أنفِّه وهو يضبطُ العلامةَ على فريستِه
أو وأنتَ تتكاثرُ على سطحِ خوذاتِ الجنرالاتِ وتتخفى على هيئةِ بقايا بارودٍ
نشاهدَكَ وأنتَ تشنُّ هجومَكَ من على سطحِ حذاءِ شحاذٍ كهلٍ لتصيبَ حاكمًا وَسْطَ حراسِه
وأنتَ تُحلقُ من على جلبابِ طفلةٍ لاجئةٍ
لتنسلَّ لصدرِ عزيزِ قومٍ فتفتكَ به

أيعجبُكَ أن نصيرَ كلابًا أو قردةً نضعُ قوانينَ للغاباتِ الجديدةِ التي سنعيشُ

أنتَ ياكوفيد تضعُ خطوطًا جديدةً لمعنى المسافاتِ
وتعلمُ أنَّ الدماءَ تسري في الهواءِ
وأنَّ الفراغَ عبارةٌ عن شبكةٍ وريديةٍ
خفيةٍ
تجري فيها أرواحُ الكائناتِ جميعُها بسرعةٍ كسرعةِ دقاتِ القلبِ
وأيضًا كانقباضِ وانبساطِ الرئتين
وأنَّ للفراغِ قوانينَه
التي لايخطئُها

العمرُ عندَكَ ياكوفيد هو المسافةُ بين انطلاقِ الرصاصةِ ومكانِ الهدفِ
نراهُ خاطفًا كوميضِ ضوءٍ
أو كفحيحِ قطعةِ جمرٍ ملتهبةٍ
دُسَّتْ في الماءِ فتسربتْ روحُها كخيطِ دخانٍ هزيل
كوفيد ياسيدي
سنزحفُ
ونقفزُ
ونمشي على أربعَ
فقط كي تتركْ لنا الحياةَ من جديد.

محمد عكاشة
مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى