عادل بلغيث - حديثُ الطائر الذي غيّر الرّيح لا الريشْ

حين يغيب عنك الوجه الذي تحبّ
تستطيع تأمل دعسوقة
نصف يوم دون أنْ تملّ.
لن تضيّع الوقت هكذا
بل سيضيّعك الوقتْ
*
حين تخرج آخر ما في الحقيبة من ثيابك
تكون قد رحلت فعلا أوعدت فعلا
ولم يبق من الطريق الطويل سوى سماء كاملة
تقرضها بأسنان النّوافذْ
*
حين تخذل نفسك
تدمن دهن الصّليب الذي
لم تصنعه أنت ...ولم تعتله أنت
بل كلّ الفكرة
أن تقسم الأفق به إلى أربعة أجزاء
وتظل وحيدا
*
حين تنتهي كل دروب الحياة إلى مرض
تخبر أقرب امرأة عن قصة طفل مات من البرد
لتواعدها غدا حتّى تعرف من مات :الطفل أم البرد
*
حين لا تجد لهطول جسدك إناءً
تسترجع الخيال الذي أهداك امرأة ونسيت ذلكْ
*
حين ترى الحصون القديمة وهي قائمة إلى الآن
تدرك أنّ ما لم تبنه حتّى الآنْ
هو وحده الذّكريات
*
حين تشعر بشيء من القهر
تجري وراء وطن لا يمكنك اللحاق به
وتحبّ شعبا لم يَعُدْ سمكا
بل صار شبكة للصيد
أو بين هاويينِ ،شبكةً في ملعب تنسْ
*
حين يحاصرك الناس
تراوغهم بالكتابة
بالحبيبة التي لا يعرفونها
بأنفك المسكوك على الهواء
بقلبك الذي لا ينزع قناع طبيب الطاعون إلا على صفحة ماءْ
*
حين ترى الشمس في نهاية الدرب
فهي تغرب ...
ومع ذلك تمشي متأكدا أنّ الفُرجة بين ساقي جنرال ليست قوس النصرْ
*
حين ترى القمر كاملا
تتيقنّ من سلامة الفضاء ..حيث هناك لم تسقط حافظةُ نقود الله
كما سقطت هنا
*
حين تكون بخير
أرجوك ،لا تقنع حصانا أنّ السروج على ظهره هدايا
و لا تقنع امرأة أنّ قصائدك أهمّ منك لديها
*
حين ترى جبلا
علّمتْهُ الوِحدةُ ضغط الهواء على سفوحه،
كي يزعج الطائرات
تشعر بالذنب ،فكمْ أربكتَ امرأة وهي تسير الى فارسها
*
حين ترى الحياة بلا معنى
لا تنسى أشياء نكملها بعد نهايتها
كمعارك يشنها الجنود لاسترداد جثث الرّفاق
*
حين ترى الموت بألف معنى
لا تنسَ أنّ العصفور يعيش نجاته في آلاف الاشجار
ويُصطادُ في واحدة
*
حين تصرخ موجعا
ويُعلونَ قدْرك دون إخماد الوجع
فهم قد نقلوك من الكلب الأكثر حرية ..إلى ذاك الموثق فوق السطح
*
حين يمارس النشيد البسيط المشي في الساحات
ستدرك أنّ أطنان الكتب إعاقاتٌ تتقدس
*
حين يريدك المستقبلُ أحمرَ قان ...أو واهجا كالشمس
فلا تخن أخضركَ المغبرّ مثل الزياتينْ
*
حين يطلبون منك منح شيء للأجداد
فاضرب لهم مثلاً بعمود النور على أطراف الغاب
يمنح ضوءهُ للأشجار،ولا تعطيه تململها
*
حين تعلو القصائد
اتركْ ظِفر الموسيقى يقشّر
جرح الحنين بلذة ودمٍ جديد ليس يدري لِمَ خرج
*
حين ترى الأرض مرتعشة
فهي محلّ نزاع بين
قدامى الفاسدين
والبؤساء الذين نقلوا جواربهم من الأقدام الى الرؤوس
*
حين ترى الأرض منتعشة
اكتب رسالة لحبيبة :
بعد صباح الخير
مازال قلبكِ الشبيه بضباب البحر
يمسكني ولا أمسكه..
و مازلتُ أعزب كالريح
عبثا تمرّ على شجر فيجرحها
اليوم صار للمطر مظاهرة يُبللها
لعلّ هذا ما كان ينقصه وينقصنا
*
حين يسألك المسافر عن طريق
فذكّره بحقّه في تغيير الريش قبل الريح
وقل له : أكبر من خوّنونا هم الخونة.

عادل بلغيث

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى