الدكتور ازهر داخل محسن - حين يبدع الوعي واللاوعي لوحات فنيةغنية .تجربة التشكيلية خيرة جليل إدريس

الحقيقة يشكل الفن منظومة معرفية تشتغل على الوعي واللا وعي . فالوعي هو ما ينظمه الفنان ضمن اطار عمله الفني بسياقات يعتمدها في أكثر أعماله وهذا مانطلق عليه في الفن بمفهوم الاسلوب . وهو بالرغم من نمطية الطرح وتكراره لكن لا بد منه . فهو الذي يغني العمل الفني بعد أن يثري الفنان بخبرات وتجارب . وهنا جاءت مقولة جون ديوي الفن خبرة . فالفن بشكل عام خبرات يتحصل عليها الفنان من تجاربه الجمالية والفنية على مستوى الاداء والتقنية وتوظيف الخامة وغيرها من المتعلقات في العمل الفني . اما جانب اللا وعي في الفن وهو مكمل للجانب الاول وهو الوعي . وبدونهما تكون العملية الفنية ناقصة . اقول يتحكم الجانب اللا وعي في العمل الفني وبقسرية على الفنان عندنا يشتغل على مرموزات واشكال خطية ولونية ومساحات وفضاءات دون ان يكون هناك فعل قصدي باضافتها للسطح البصري . ولكن ما ان يتركها الفنان على حالها حتى يتدخل الوعي والقصد بشكل مفاجئ . فاعمال التشكيلية خيرة ضمن هذين المسارين . ففي التجربة الاولى وضمن الاعمال التعبيرية وجدت هناك شجن ووجدان يبثه الخط واللون التعبيريين والشكل الذي ازاحته ملكتها الذوقية والفكرية عن سياقاته الواقعية ليتحول الى شكل وخط فيه اختزالية عالية تقترب من التجريد . وهذا مايتقارب من اعمال فان كوخ وكوكان وماتيس وحتى ادفارد مونخ وغيرهم من الفنانين الوحوشيين والتعبيريين وصولا الى اشتغالات التعبيرية التجريدية عند جاكسون بولوك و دي كويننك . فهي تجربة غنية بمعطياتها ومحدداتها بثت غنى لوني وخطي وفكري ومن ثم غنى جمالي .
اما الانتقال الى التجربة الثانية وهي تجربة تعد استمرارية للاولى الا ان مفاصلها الادائية فيها تغاير حتمي يفرضه الموضوع والخامة المستخدمة والتوجه الفكري والجمالي . وهو العمل المفاهيمي او ما يسمى بفن المفهوم وينطلق من فن التجهيز او الانستليشن . فهي تجارب غربية بامتياز استطاع بعض الفنانين العرب من الولوج الى معتركها . فافرزت تجارب كبيرة وغنية وذلك بسبب المحيط الذي يستقبل مثل هذه الاعمال وهذه الامفكار . مع بعض التحفظات والمعوقات بادائية العرض الذي يتطلب تحضيرات ليست اعتيادية . بشكل عام لاحظت قيمة فكرية وجمالية استطاعت التشكيلية بها من تمرير مبتغاها كفنانة ما بعد حداثية او معاصرة ببث رسالة فكرية . يتقبلها المتلقي بيسر دون تكلف وهو من اصعب المشاكل التي يتعرض لها الفنان ويجابهها وهي كيف توصيل الفكرة بيسر الى المتلقي لا سيما اننا في مرحلة موت المؤلف واقصاء محيطه التاريخي والجغرافي والنفسي . والاكتفاء ببنية العمل الفني بوصفه مكتف بذاته . اهنيك التشكيلية خيرة على هكذا انجاز واع وليس انجاز لمجرد الانجاز اي انجاز غير عابث ولا عبثي ......


ازهر داخل محسن . كلية الفنون الجميلة . جامعة البصرة ...جمهورية العراق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى