أمل الكردفاني- نضال مرير- قصة قصيرة

..

-لماذا أنت عالق فوق ثقب بأعلى الشجرة؟
يرد الدودة الخضراء:
- بيئتي..هل لديك اعتراض أيها العصفور؟
يرفرف العصفور بجناحيه ثم يحك ريشه الذي تحت جناحيه بمنقاره.
- ليس لدي إعتراض...من يجب أن يعترض هو أنت...
-ولماذا؟
يسأل الدودة الخضراء بوجه متجهم:
فيستعد العصفور للطيران:
- لأنك ستظل دودة إلى الأبد إن لم تعترض..
يرفرف العصفور بجناحيه رفرفات سريعة ويطير تاركاً الدودة الخضراء متجهماً، فيغمغم:
- عليك اللعنة...أفسدت عليَّ يومي..
ثم يكمش جسده متراجعاً من فوهة الثقب ليغيب في قلب جحره الصغير المظلم الذي حفرته الطبيعة في غصن الشجرة، يستلقي لافاً جسده بشكل لولبي، ثم يحاول إغماض عينيه لينام. غير أن النوم طار من عينيه..."ستظل دودة إلى الأبد إن لم تعترض"..
ولكن يعترض على أي شي؟ وإلى من سيقدم إعتراضه؟..كان يحرك ذيله بعصبية، وعندما نفد صبره أخرج عنقه من فوهة الجحر ليتأمل السماء، علَّه يجد العصفور.
مضت ساعات دون أن يبدو للعصفور أثر..ولكنه رأى النسر يهبط في الغصن المقابل:
- مرحباً أيها النسر..
رمقه النسر دون ان يرد السلام..لكنه قال:
- أخبرني العصفور بأن علي أن أعترض..وإلا ظللت دودة إلى الأبد..
حملق النسر أمامه بعينيه المحمرتين، ولكنه لم ينبس ببنت شفه.
- لكن على أي شيء سأعترض وإلى من سأقدم اعتراضي؟
ظل النسر صامتا بملامحه القاسية، دون أن يجيب، فاستطرد الدودة الخضراء:
- هل رأيت العصفور؟ يجب أن أجده لأسأله؟ ألا يمكنك ان تساعدني؟ لا تكن متعجرفاً يا سيد السماء..
ينفد صبر النسر فيقول دون أن يلتفت للدودة:
- هل تريد العصفور أيها الدودة الخضراء؟
يرمش الدودة الخضراء وهو بلا جفن ثم يقول:
- نعم يا سيد السماء..
يقول النسر بصوت غليظ وعميق:
- إنه في بطني...
يجزع الدودة الخضراء ويصيح:
- يا إلهي.. أكلته؟ أكلت العصفور؟ إنك شرير؟
يصمت الدودة الخضراء ويبكي بلا دموع..ثم يقول:
- والآن من سيجيبني على أسئلتي؟ سأظل دودة إلى الأبد..
مدد النسر جناحيه الضخمين ورفرف قليلاً ثم قال:
- لا تشغل بالك بالتفاهات التي قالها لك العصفور.. لقد كان يريدك أن تخرج من ثقبك ليأكلك فقط..
ثم حلق النسر مبتعداً...
أخاف كلام النسر الدودة الخضراء، فعاد إلى قلب جحره، مستأنساً بكونه دودة إلى الأبد...

(تمت)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى