أبو يوسف طه - الأب جبريل ( بٌٓا جٓبْرٓايِٓنْ)

لا يمكن ألايثير الإنتباه بّٓاجبراين بقامة مديدة رفيعة كالزانة ، ووجه صغيرتبرق فيه عينان يتدلى من بينهما أنف فاطس ذو منخرين كٓزِرٌٓيْنِ . يقضي الرجل ابن الخبازة حليمة يومه بعد أن يضع المائدة المليئة بأقراص الخبز الذهبية اللون بجوار دكان بائع اللبن والنعناع في رأس درب اليومبة في جمع الأوراق المبعثرة ووضعها بجانب جدار ثم إحراقها . كان هذا دأبه ، ولا أحد من أهل الحومة سمعه يتكلم يوما ما ، لهذا تُرك وشأنه ، وفي حدود الرابعة بعد الزوال يكف عن الذهاب والإياب بلاهدف فيحمل فوق رأسه المائدة ويخطو متجها نحو فندق السرسار تتبعه أمه المتدثرة بلحاف أبيض . لا يظهر من وجهها إلا عيناها اللتان تحرص على تكحيلهما ، فوجهها مخفي خلف نقاب أسود . كانت ببدانتها وعينيها المكحولتين وبياض جبهتها مثيرة مما يجلب زبائن كثر . على مسافة قريبة يوجد مقر مقدم الحي و أعوانه من گلاوة ، هؤلاء الرجال السمر الذين يقسون على المواطنين إثر إيقافهم في عملية تفتيش يمارسونها يوميا علهم يعثرون على وطني يسوقونه إلى دار الباشا . كان اللغز المحير هو اختفاء بعض الرجال تباعا ، وعلى فترات متباعدة ، ليتأكد بعد ذلك أنهم اعتقلوا
كانت حليمة تقبع خلف مائدتها ، وكان بائع اللبن والنعناع يسوي الربطات ويصففها ، دخان شي اللحم المفروم يتصاعد من دكان مجاور ، وبائع الفواكه ينهمك في رش الزقاق بالماء المسحوب من البومبة طلبا للبرودة في طقس الصيف المراكشي القائظ ، وحرصا على طراوة الفواكه من بطيخ أحمر وأصفر وتفاح وكمثرى وعنب ، وبين الحين والآخر تمر دورية جنود سنيغاليين أوفرنسيين مدججين بأسلحتهم
حدث طاريء غريب لفت اهتمام أهل الحي ، لقد اختفت حليمة الخبازة فجأة بعد العثور على با جبراين جثة هامدة بدرب النخلة بعد إصابته في الرأس بطلق ناري ، وهذا مافك اللغز المحير . لقد كان الإعتقال بوشاية من القتيل .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى