بشير خلف - الجمال رؤية أخرى للحياة

الجمال من مظاهر الحياة وخصائصها ، فكلّ شيء جميل في هذا الوجود لأن الله سبحانه وتعالى خالق هذا الوجود جميل يحبّ الجمال ، فتكوين المخلوقات يخضع لمقاييس خاصة دقيقة ، وكلّ شيء فيها بمقدار .​
ومن نعم الله على الإنسان أن وهبه الله شعورا فيّاضا ، ورهافة حسٍّ تنزع به نحْو الجمال ، والسعْي إليه ..فأصبح الجمال من مكوّنات حياته ، حتّى أصبح الجمال علما ، وفنّا ، وصناعة ودخل في الإبداع الأدبي بكلّ أجناسه ، وارتبط بجميع أنواع الفنون ، وصار اللّمسة الإنسانية الراقية في كلّ مرافق الحياة ومتطلّباتها بما في ذلك مقتنيات الحياة العصرية ..
فإذا كان الناس أينما وُجدوا وعبْر كلّ العصور التفتوا إلى الجمال وهاموا به وأحبّوه ، وسعوْا إليه وحاولوا تمثّله في حياتهم عقيدة ، وسلوكا ، وتعاملا حتّى وإن اختلفوا في تعريفه ، فإنهم لم يعدموا وسيلة أن الجمال والخير والحقّ حقيقة واحدة ..لقد قال قديما الفيلسوف اليوناني أفلاطون : إن الجمال والخير والحقّ حقيقة واحدة ، فليس بجميل ما يقوم على الباطل ..ومن ثمّة فالجمال الذي هو دائما الحقّ والخير لا يلتقي أبدا مع القُبْح الذي هو دائما البشاعة في جميع صُورها ، وما تُلْحقه من أضرارٍ بالفرد، والجماعة، والشعوب ..وكل العصور شاهدة على ما تركه توظيف القبْح من مآسٍ في حقّ الإنسانية ، وتدمير لموارد الشعوب ، وإلْحاق الضرر الفادح بالبيئة أم الجميع .
إن علاقة الإنسان بالطبيعة علاقة جدلية ، وعلاقة تلازمية ، فمن المنطق أن تكون حميمية ، وطالما أن الطبيعة في أصلها جمالٌ وحقٌّ وخيرٌ .وكم هو معروفٌ فالإنسان بالفطرة يستجيب للأشكال الطبيعية الموجودة أمام حوّاسه من حيث شكلها وأبعادها ولونها ، ممّا يجعله يخلص إلى نتيجة تكامل تلكم العناصر مع بعضها ، فيشعر بالإحساس بالرضا ، وهو ما يُعبّر عنه العلماء المتخصّصون " بالإحساس بالرضا " ، وإذا لم يتحقّق ذلك التناسق تولّد لديه إحساسٌ بالنقيض وهو ما يُطلقون عليه " الإحساس بالقبح ".فأيّ إخْلال بأجزاء مكوّنات الطبيعة معناه المسّ بذاك التناسق المولّد للرضا والراحة ، والذي هو الجمال . إن الجمال من خصائص هذا الوجود الرّحْب ، ومن عناصره التي تعدّدت وتنوّعت ..أوجده الله سبحانه نعمة وحكمة ، فهو مسرّة للنفس وموطن الراحة والأمن والرضا ، وهو من آياته سبحانه وتعالى التي لا تُحْصى .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى