مهند الخيگاني - حانات مؤدبة.. شعر

في الحاناتِ المهذّبة
ترى النادل يصبح شاعرًا في سلوكهِ ..
مثلا
عندما يقول لك :
_ ما تطلب ؟
وعندما يسجل على ورقةٍ صغيرةٍ أو قصاصةٍ
تفاصيل احتياجاتكَ
الروحية ..
بين الكأس الثالثةِ والأكؤس التي تليها
يحلو صوتُ المطربِ الجالس
على منصة صغيرة
بعدما أغاظتكَ من قبلُ حباله الصوتية الغليظة
وازدريت لمساتِ
أصابعه الخشنة على الأوتار .
هكذا
يصبح المخلوق أكثرَ لطافةً
حينما
تُصَّب السوائل في جمجمته
مثلما تصب مياهٌ جاريةٌ
في فم مفتوح دون توقف ..
إنه نومٌ سعيدٌ
حين يستيقظ
الإنسانُ
من سعالِ الحقيقةِ
وينجو لثوانٍ معدوداتٍ
من أسنانها
الحادةِ ..
وفي الطريق الى النجاة
وبينما هو يتسلق بأفكاره النحيلةِ
تلك الأسنان
وأصابعه المتعبة من إمساك الأشياء
وإضاعتها
يدركُ معنى الحياة
معنى
أن يعيش في الحدود الدنيا للوعي
وانصهار الأنا
بتلك الغيمة الحكيمة
التي
تؤلفها الرئات الجزوعة
من
أُكسجين مكرر .
في الحانات المؤدبة ِ
يكتسي الكائنُ بالوداعةِ
بما يجعله
إنسانا
للمرة الأولى في حياته .
حتى وإن كانت " المرة الأولى "
قابلة
للإنقسام والتشظي
والإعادة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى