نزار حسين راشد - نشيد حياة لبيروت

الومضة التي كشفت
عن بصيرتنا المُعمّاة
لعلّها أثمنُ ما تولّد
من رحم الإنفجار
وكأننا لأول مرّة
نطالع ما حولنا من دمار
كأنً هذا الوطن
لم يكُن
طيلة الوقت سوراً
يُعذّبنا بالحصار!
وما إن تقشّع سقف هذا الغمام
وانفتحت ثغرةٌ فيه
وحلّق أول العصافير
مندهشاً فوق عمود الغبار
حتى طفقنا نخصف فوق عوراتنا
ما تيسّر من أسىً وانكسار
نعم: نحن الذين شددنا على اليد
التي أهلكت الحرث والنّسل
وأودت بكُلّ الثمار
نعم:نحن النواطير
الذين نمنا
حتّى بعزّ النهار
نحن الّذين انتخينا
بالزّعامات والآلهة الوثنية
سجدنا لها
وقرّبنا القرابين
ورقصنا كالمجانين
على رأس كُلّ ضخيّة
َألم يئْنِ لنا الآن
أن نخشع للذكّر
و أن نُعمل في عقولنا الفكر
ونغسل بعض الخطايا
التي أسِنت
في مناقعها الجاهلية!
بيروت :
حين هربتُ إليها
من ظلام زنزانتي
في بلادٍ قصيّة
وحارسي الذي يرفض
أن يقرضني سيجارة
حتى برسم السّداد
ظننتُ أنّي مهاجرّ
إلى الحُرّية!
ولكنني حين
تنفّست الهواء المُثقل
بالعداوة والبغضاء
قلتُ زنزانتي أرحم
فاللؤم هناك وظيفة
مدفوعة الأجر
يمارسها حارسٌ باليوميّة
هي أهون من ضغينة
محمولة في القلوب
وسوف يبتسم الحارس لي
حين يُفرَج عنّي
وتنتهي مهمته
ويمنحني ابتسامة وسيجارة
بسخاءِ من لم يعرف الكره يوماً
ولكنْ هنا
ضغينة في الصدور لا تمّحي
فيا لحظّي الشقي
ليتني ما هربت!
أخيراً يطوّح بي الإنفجار بعيداً
ولكن نجوتُ
لأن لي عند ربّيَ
عُمرٌ بقي
ولكن؛سأمكث
حتى نزيل معاً
ما تبقّى من الرّدم
ونُسعفَ بعض الجروح
لعلّنا نبقُرُ بطن السكوت
وبما أثقل الصُّدور طويلاً نبوح
ونعبرَ نحو فضاءٍ جديد
ونجعله يوم عتقٍ وعيد
فبعد دفن أعزّاءنا
لن نعود
لما كُنّا عليه
من عمىً وجحود
لا ..لا..
أبداً لن نعود!
نزار حسين راشد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى