عبد المجيد مومر الزيراوي- وَ لِي في الخُلْوَة فِتْنَة .. !

المَغارةُ مَظْلَمَة،
الخُلوةُ مَكْرمة،
لِي فِي المَغَارَة
سَرْدِيَّاتُ رحمة!
و لِي فِي الخُلْوَةِ فتنة!
صبرٌ جميلٌ،
براءةُ الطفولةِ
مَشْتلُ فِطْنة،
ذِكْرى مُرورِ قرنٍ
عَدا ثلاثةُ أرباعٍ !
خمسٌ و عشرونَ
حَوْلاً و عاما !
مُذْ قطَعوا الماء و الكهرباءَ
عن روحي السَّاكنة
في ظلام المغارة!
فكيفَ حالُ الوضعِ
بين زوايا الظلمات؟
الزاوية الأولى:
لا تُرى بالعين المُجرَّدة!
الزاوية الثانية داكِنةٌ ،
وَ الثالثةُ كَالعَتَمَة السّوداءِ
غيومُ السماءِ المُلبَّدَة!
أمَّا الرَّابعة ظُلْمَةٌ ماجِنَة،
سراديب مُعبَّدة!
ظُلُماتٌ تتَوسَّطها ظُلُماتٌ،
وَ أنَا أتلَمَّسُها جَزُوعًا!
و أنَا أَتَحَسَّرُ جوعًا!
و أنَا لاَ أستفيدُ
من حقوقِ الإنارةِ العموميةِ،
هكذا لَبِثْتُ في الكهف
مُضْطَهَدًا مَمْنُوعًا!
أَ مُتُّ أنا ؟
سأَلتُكم بالله ؟
أنا لاَ أرى ملامحَ أنَا!
زجاج المرآة لا يَعْكِسُنِي!
أعوذ بالله من حشرجة القرينِ،
دَحْرجَة بعين المكان،
أعوذ بالله
من تَمَظْهُرات الجانِ،
هل أنَا حيٌّ هنَا ؟
فرقعاتٌ غريبةٌ ،
سأَسْتَرِقُ سَمْعَ الدخان!
شعاعٌ ضَوْئِي
ليسَ اللهيبُ منْ إلْتهابِ النيران،
ربَّاهُ يا ربَّاهُ؛
جثَّتي هامِدةٌ أمامي!
أرَاها مُلْقاة على الأرض،
صدمةُ المُكاشفة!
لستُ باخعًا نفْسي!
قَلَّبْتُها ذاتَ اليمينِ
وَ أعَدْتُهَا ذات الشمالِ،
سقَطتْ بطاقةٌ شخصيةٌ،
تحملُ صُورةَ رأسِي،
معلومات تعريفي الوطنية،
أرقامٌ عددُها أُسِّي!
و ما تبَقَّى من حروفِ الجمال،
قرَّرتُ حَمْلَ المِشعلِ!
فَوَجَدْتُ مفاتيحَ الأغلالِ،
وَدَّعْتُ جُثَّتِي :
اللَّهم في الرفيق الأعلى!
إبْيَضَّ سواد المغارَة،
ودَاعًا يا جُثةَ الكَهفِ !
أَنَا عند بَوابَة المُغادرة:
وَ السَّلامُ عليكم
جِئْتُكُم بأنوارِ الحضارة !
حياةٌ بِرُوحِ الإسْتِعارَة،
تَزَامَنَ خُرُوجي من المغارة
مَعَ رفع الحجر الصحي،
الشوارع أجدها مُكْتَضَّة،
الشبابُ شَابَ!
الأَملُ خَابَ!
جاءَتْ ظُلْمَةٌ المساءِ،
و أنا حامِل الشُّعْلَة،
سمعت الخبر هاتفا
صَوتُ أَعَزِّ الأَصْدِقَاء،
قال : هل أنتَ مِنْهُم ؟
فقُلْتُ منْ هُمْ ؟
قال :إنتبهْ هَا هُمْ!
خَلْفَكَ أَرَاهُم!
نَوَيْتُ الإِلْتِفاتَ نَحْوَهُمْ،
فَتَذَكَّرْتُ أَنِّيَ
من حيثُ لاَ يَرَوْنِي أرَاهُم!
سبحان الله ؛
جسدي مدفونٌ
هناكَ في المغارة،
رُوحِي طَائِفٌ مَكْنُونٌ!
لاَ يَرَى أثَرَهَا
عدَا المُرِيدُ الرَّاغِبُ
في تَثْقِيفِ النَّفْسِ الأَمَّارَة،
هَكَذا أَلْبَسُونِي ريشَ الطَّائِرِ،
هكذا حضرتُ
افتتاح موسم الثَّائِرِ،
هكذا الجزء القادم
يحمل تفاصيل الإثارة !

بقلم عبد المجيد مومر الزيراوي
شاعر و كاتب مغربي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى