علجية عيش - الرافض و المرفوض

"الصّمتُ موقفٌ" هذا ما وقفت عليه في تعاملاتي مع بعض الناس ففي حياتنا اليومة طالما نثير قضايا و نطرحها للنقاش ، أو نطرح أسئلة لإثارة مشكلة تتعلق بتعاملنا مع الآخر أيًّا كان قريبا أو بعيدا، فأن نطرح قضية ما للنقاش وجب أن نعرف مع من نتحاور، فالناس أنواع هناك الصُّرَحَاء، الصّادقون ، الغامضون، المتسلطون والمخادعون، و التعامل مع واحد من هذه الفئات يختلف من شخص لأخر في ناحية الأسلوب و الطريقة التي نوصل بها فكرتنا ، خاصة إذا لزم من نتعامل معه الصمت.."الصّمتُ موقفٌ" و الصمت قد يعبر عن الرفض، (رفض الآخر ، أو رفض الخوض معه في مسائل معقدة) و قد يعبر عن اللامبالاة و عدم الإهتمام، و هذا يدخل في جانب التقليل من قيمة الآخر، خاصة إذا وقع اصطدام بين الرافض و المرفوض، أي إذا وقف هذا الأخير ندا للند أمام الرافض.​

ففي غالب الأحيان تخلق مسألة "الندية" مشكلة أو صراعا بين الطرفين ( الرافض و المرفوض) تنتهي بالعداء و الكراهية، طبعا الخاسر في النهاية هو المرفوض، الذي بمواقفه وجد نفسه "مبعدًا "عن المجال، كثير ممن يمتلكون الوسائل يفرضون سيطرتهم على الآخر، و يريدون تمرير فكرتهم، و لا يقبلون بفكرة الآخر حتى لو كانت في صميم الموضوع، الرافض أراد أن يقول: لا تناقشني.. لا تجادلني .. لا تنتقدني.. ابق في حدودكَ، يضع بينه و بين مُحَاوِرِهِ خط أحمر ، فلا ينبغي على من يحاوره أن يكون معه في موضع "الندية".. الصمت لغة أيضا، و الرافض يفضل أحيانا الصمت كوسيلة، يريد أن يوصل رسالة بأنك غير مرحب بك و لا يسره وجودك في فضائه، و هؤلاء في رأيي متعصبون و لكنهم يظهرون تعصبهم بلباقة..​

صحيح أن الناس درجات و مستويات و طبقات، لكن التعصب الفكري يعني أنك تفرض فكرتك و لا تقبل بفكرة الآخر، تريد أن يكون الآخر تابعا لك، يحدث هذا في مختلف المجالات.. في الأحزاب.. في الصحافة و حتى داخل الأسرة عندما يفرض الكبير فكرته على الصغير، التعصب الفكري عنفٌ، و المتعصب يمارس التفكير الإستبدادي و لا يحمل مشروع البناء الحضاري و قد يقود تعصبه إلى الدّمار، أي أنه يكون سببا في تدمير البشرية و الحضارة الإنسانية ، لقد بينت التجارب ان الصراع اليوم هو صراع أفكار بين القِوَى و من يملك "الفضاء" أو "المجال" يزرع فكرته لصياغة أو صناعة البديل، البديل الذي يأخذ صفة التكامل و الإنتشار، و المتعصب فكريا يتحرك ضمن خطين غير فاعلين و لا مؤثرين في سياق عملية البناء الفكري و الحضاري، لأنه أهمل الآخر و بالتالي انتقاله أو ارتقائه يظل سطحيا لأنه لم يزرع الثقة في الآخر.​

فهل وجب أن نعلن الحرب على التمييز الفكري، و نضع حدا للتسلط الفكري، المشكلة أن بعض القوى حاربت الأفكار بالإعتقالات و الإغتيالات و بالإقصاء أيضا، لأنها عاجزة على أن تواجه الأفكار بالأفكار، المفكرون شمعة يزيحون بها الظلمة، و على عاتقهم أمانة أو رسالة يحققون بها المعادلة التي تقول: وجب أن نصبح النور الذي يهتدي به العالم لنسير نحو الأفضل في بناء الإنسانية، و هي مهمة بنائية تغييرية لا يقدر عليها إلاّ ذو عقل و ضمير ، يملك الآليات لتحقيق المشروع الحضاري للمجتمع.​

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى