مريم الأحمد - لا يمكنني العودة إلى المنزل اليوم..

لا يمكنني العودة إلى المنزل اليوم.. فقد طردني أبي.
كتبتُ لأهلي على الجدار..
بقلم أحمر الشفاه..
" وجدتكم.. لكني لم آتِ.."
غداً..
سيكون المنزل مأهولاً أكثر.. من دون مقصّات..
من دوني.. و أليفاً أكثر..
رغم أن أبي لم يطردني يوماً.!
رغم أن أمي لم تقصّ لي شعري
و أنا نائمة..!
لكن عليّ الهرب دوماً.. من مقصّها.. و من حنانها الفائض..
و من مفاتيح أبي.. و طيبته..!
الحزن يعمّ البيت.. ليس لأني لستُ هناك..!
لكن تلك طبيعة الوقت.. و الأشياء..
لم يكن لبيتنا يوماً.. باب..
لمَ المفاتيح إذاً؟
الحياة و أنت هارب صعبة للغاية..
كل ما تراه في الخارج ملكك..
لكنه في النهاية ليس لك..
تأكل الترمس المسروق.. على الرصيف
و تترك الباقي للأطفال المتسولين..
تشرب من صنابير الحدائق المفتوحة بشكل دائم..!
ما هذا الهدر؟
أين دعاة الحفاظ على الثروات المائية؟
أصبحتُ أُعنى بالشأن العام..
سأصبح صحفية مثابرة مثل ساندي بيل.
لن أبيع ضميري لأحد..
سأكتب عن ظاهرة الباعة الجوالين الذين يسيؤون للواجهة السياحية للمدينة..
سأكتب عن النساء القرويات اللواتي يعرضن الجبن و السمن للغبار و الذباب..
سأكتب عن بائع الجرائد الذي يسبب التلوث بصوته المبحوح!
سأكتب عن العشاق.. الذين يحفرون أساميهم على جذوع الشجر..
الشجرة ملكية عامة.. و ليس من حق أحد تشويهها بالسكين..!
هذه جريمة!
سأكون ناجحة بلا شك..
ياللزحام!
سأكتب عن أزمة السير الخانقة..
عن الآباء الذين لا يبحثون عن أبنائهم الهاربين..
عن الأمهات.. و المقصات.. و الشعر الصبياني..
لابد لي من خبطة صحفية..
لا بد من زج جميع التعساء في السجون..
كي تصبح المدينة منطقة جذب سياحي..
لديّ الآن خطة شاملة لتنفيذها.. لكني أحتاج
لتأسيس حزب أو جمعية أولاً..
المهم الآن.. يجب أن أعود..
أخشى على أهلي أن يكون مصيرهم السجن..
فهم تعساء أيضاً و ليس لديهم ما يجذب السياح.
لا بأس فالإستثناءات دائماً موجودة..
خاصة لرؤساء الأحزاب و الجمعيات..أمثالي.
قلم الحمرة في حقيبتي..
هيا هيا....!
افتحوا الباب..
أين انتقل أهلي؟
لقد غيروا مسكنهم.... أين رحلوا؟
الباب المسكين.. يكاد ينكسر تحت خبطات يدي..
لا جواب..
أكتب بقلم الحمرة على الجدار..
" أتيتُ و لم أجدكم"!

.. مريم....

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى