المحامي حبيب النايف - جيوب فارغة..

الجيوبُ الفارغةُ التي رافقتَها
أكثرَ من عمرٍ ونيفْ
أحِسُّ بالأمانِ في ربوعِها
استَسهلُ السيرَ في طرقِها الآمنةْ
لأنَّ الحروفَ التي
خبَأتها داخِلَها
أينعَتْ قصائدًا ،
كُلُّما أقرأها على الأصدقاءِ في المقْهى
أو عَلى الباعةِ المتجولين
أو الذين يَتخِذون من شاطيء النهرِ
ملاذًا آمنًا لهمْ
تَخْضرَّ وجوهُم من الفرحِ
ويزدادُ ازدراءُهم للحياةِ ،
لأنَّ المدينةَ التي فتحَتْ أبوابَها للغرباءِ
دارَتْ وجهَها عنْهمْ
وأغمضتْ عَينَيها
حين استَباحتْ الشوارعُ
والساحاتُ أعمارَهم .
الذين يَدفعهمْ الخوفُ للاختباءِ خلفَ وجوهِ الآخَرينْ
يعَلِقون الخيانةَ عَلى الابوابِ
والجِدران تَفقدُ اتزانَها من القَلقْ
حِين تُضايقُها الشعاراتُ التي غَلفتْها علبُ الليلِ بالسَذاجةِ ،
الوطنُ سِلعةٌ يُقايضُها المرابون عَلى موادِ اللهْو
والمخِبرون يَشحَذُون أقلامَهم بندى المساءات ألآفلةْ
وهي تودعُ آخرَ نوبات الصراخْ ،
كلُّما يمرُ رجلٌ فقدَ ما مَضى مِنْ عمرِه
وبقى يتَثعرُ بالآتي منهُ
تؤشرُ أصابعُهم باتجاهِ المقاهي التي يرتادُها المُخبرون الذين فُقِدَ الحياءُ من وجوهِهم
وأصْفرتْ كليمونةٍ ذابلةْ ،
في النهارِ الطازجِ الذي لم يُعكره الضجيجُ
والصفاءُ يُكحلُ جَفْنَيه بضحكاتٍ خجِلةْ
تَدفعُها امراةٌ جميلةٌ لبائعٍ متجولٍ
رغمَ عبوسِ وَجههِ
يُجاملُها بنظرةٍ خاطفةٍ
تُعيدُ له كبرياءَه الذي سَلبهُ تجوالُهُ اليومي
تحتَ أشعةِ الشمسِ ،
تنشغلُ المحلاتُ بتزيينِ شَعرِها الذي بعثرَتهُ الليلةُ الفائتةُ بعدَ سهرةٍ طويلةٍ ختمَها الفجرُ
بأناملِه المضيئةْ،
الوقتُ الذي نزفَ ساعاتِهَ في التأوهِ تارةً
واخرى في الصفيرِ الذي خَرجَ عنْ حدهِ المعقولْ،
فصارَ نزيفًا يَشِلُ حركةَ العصافير ْ
حين أدركَتْ ضعفُها الذي أفقدَها الحركةْ
فاستراحتْ على اصابعِ بائعِ الزهورْ
وهو يُشذبُ الأغصانَ الذابلةْ
لِيطعمَ المواقدَ التي داهمَها الخمولْ



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى