غسان زقطان - أشخاص

رفيق :

ولنقلْ أنّ شيئاً مضى ...
قد مضى ....
ولنقلْ أن نجماً من الليلِ أهدى
لبيتٍ على الأرض قبعّةً من شجرْ
ولنقلْ أنّ قُبّرة الحقلِ نادتْ على طفلةٍ فى الترابِ :
- اعقدي خصلةِ الشعرِ كي تسعدىِ في الزواجْ
وليكنْ موتنا
مثلاً ...
أو سدىً ...
سأرثيك حتى أراكَ على النافذة .

. فتاة :

سأطلقُ أسمي عليها
وأجلسُ وحدي
وفيما يجئُ ...
سأذكرُ أنّا جلسنا معا ....
على ورقٍ فائضٍ في الفصولِ
وما كنتُ أُتقنُ شيئاً جميلاً
لأرسمها
أو أغنّي لها .

. الرجل :

الرجلُ على زاويةِ الشارعِ
بحثَ طويلاً عن هجرتهِ
في " التوليدو "
في أطباق المرأةِ صاحبةِ الدنيا
في المقهى الآخر
سأل كثيراً .....
ثمّ مضى
لكنّي حين أتيتُ إليهِ
أنا الممتلئ بهمِّ الناسِ
وهجراتِ الريفِ العمياء
قدّمتُ لهُ أبريقَ الصبحِ
وخبزاً مغموساً بالملحِ
وقلبي .

. المرأة :

في المقهى ....
بعد سنينٍ من موعدنا
كانت تجلسُ في الزاويةِ
وتنظر نحو البابُ .

. الطفل :

ثمّةَ طفلٌ
لم يتعوّدْ أن يتأخرَ بعد غروبِ الشمسِ
يُبكِّرُ في الإيواءِ
إلى فرشتهِ القش
ويحلمُ حول البيتِ الآخرِ
حيث يظلُّ الضوءُ
إلى ساعاتِ الصبح
وحيثُ الحارسُ
ذو القبّعةِ الأجملِ من قبّعةِ أبيه .

. مطر :

دخلنا إلى لغةِ الغيم ....
فانتشرَ الطقسُ
هل تفتحينَ المظلّة
أم تغلقينَ المطرْ .. ؟!
وما كان في يدنا غير ألعابِ أطفالنا !

. رزق أبو زينة :

من نواةِ الحجرْ
ومن وردة في سياجٍ
... هوى أو يكادْ
شقّ كفيّهِ
واحتاجَ دهراً
ليوقظ أطفالهُ
صاحبُ الأرض .. ذاكَ
الذي لم يزلْ شاعراً
والمعاني لهُ
والنساءُ
اللواتي يفرّقن بينَ الترابِ
وبين الذهب .

. شاعر :

بعد ان تدلفَ المدخلَ الجانبيّ
سوف تبصرهُ جالساً خلف قهوتهِ
جالساً حول عُزلتهِ
يستغيبُ السلاحَ
وأصحابهُ الغائبين .

. ذكرى :

لجارتنا
زهرةٌ في الصباحِ
وصوتٌ يسيّجنا بالقصبْ
ستبصرني مرةً خلفَ زهرتها
ثم تنسى
وتقطفني مرةً
ثم تنسى
ولمّا أَفيقُ من الليلِ
أغزلُ خيطا لها في السياجِ
ستنسى خواتمها في يديّ .

.لودا :

لعينيكِ
إذ تتقنان استطالةَ وجهي
وإذ تبدءان التفاصيلَ
حتى الهدوء الأخيرْ
سلام عليك
سلام على غرفة المكتبة
سلام على الثلج والقبعاتِ
سلام على العاملاتِ .
سلام علينا
نمرّ ونمضي .

.
غسان زقطان
أعلى