محمد مزيد - الغزالة.. قصة قصيرة

تغلق باب الشقة خلفها، كل يوم ، من دون أن تخبره إنها ذاهبة الى التسوق . وهو أمر لايثير قلقه كثيرا ، أعتاد الإثنان ، على تمريره بينهما ، ومن غير أن يعكر الزوج مزاجها ليطلب منها الإستئذان قبل الخروج . فهما يعيشان في دولة أوروبية مع أبنهما ، وليس في العراق ، كي تخبره كل يوم الى أين هي ذاهبة .
بعد أن أصيبت ركبته اليسرى باصطدام سائق دراجة نارية أحمق، وجلوسه في البيت مجبسا ، بدأت لديه مشاعر الغيرة والشك تتصاعد ، من تصرفات زوجته الجميلة، التي يحب تسميتها بالغزالة لنحافة جسدها ورشاقته، وطريقة مشيتها التي تشبه الغزال .وأستطاع ، في يوم ما اثناء غيابها ، لكي يبدد نيران شكوكه ، من أقناع صديقه الوحيد في هذه الغربة ، أن يجلب له جهاز متابعة يباع في محلات متخصصة لهذا الغرض ، حتى يعرف الأماكن التي تتوقف عندها والشوارع التي تسير فيها. وزعم لصديقه إنه يريد متابعة أبنه المراهق أين يمضي أوقاته .
وفعلا ، كلما ذهبت الى السوبر ماركت ، الذي يبعد خمسة شوارع عن الشقة ، كان يرى إنها دخلت الى السوق الكبير . لكن ما يثير حنقه ، في أحيان قليلة ، إنها تغط في السوق مدة ساعة وربع . وهي في حقيقة الامر ، لا تتسوق بمبلغ اكثر من عشرة يورو . وهذا المبلغ ، لا يستغرق شراء حاجياته اطول من مدة عشرة دقائق على أبعد تقدير ، إذا كان السوق في ذروة ازدحامه عند غروب الشمس . أما ذهابها بالعاشرة صباحا ، وعودتها في الثانية عشرة ، فقد شل حاله ، وزاد في غيرته وشكوكه . لأنه بحساب بسيط ، يستغرق ذهابها ربع ساعة ، وعودتها مثل هذا الوقت أيضا ، وتسوقها لا يأخذ من وقتها اكثر من ربع ساعة ، ستكون النتيجة خمس واربعين دقيقة ، فأين تمضي الساعة والربع الآخرى ، تساءل : هل يمكن إنها تتجول في السوبر ماركت ذي الطوابق الخمسة لتمضية كل هذا الوقت ؟ يريح أعصابه ، بالقول : ممكن جدا.
غير أن شكوكه ، غالبا ما تتبخر ، عندما يعرف أن مؤشر توقفها الالكتروني ، يقرأ على الدوام ، عند السوق ، ويبقى ثابتا زمنياً مدة ساعة أو ساعة وربع .
أستطاعت الزوجة أن تبدد كل تلك الشكوك ، حين علمت قبل يوم من تنفيذ خطته ، إنه يلصق على سترتها ، الأبرة الخاصة بمتابعتها . وتمكنت من وضعها في مكان بالقرب من السوق، لتتدبر أمرها فيما بعد .





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى