أيمن مصطفى الأسمر - القطة الوفية

يبدو أن حكاياتي مع القطط صارت جزء أصيلا من حياتي لن ينتهي إلا بنهايتها، فبعد انقطاع علاقتي لعدة شهور مع القطة ذات الألوان الغريبة المتداخلة(*) وهو الانقطاع الذي فرضته أسباب عديدة من بينها فترات حظر التجوال بسبب جائحة كورونا، اكتشفتني القطة صباح يوم وأنا خارج من منزلي في طريقي إلى العمل، كان احتفاؤها بي أسطوريا، كمن فقد عزيزا غاليا ثم عاد إليه مرة أخرى بصورة مفاجئة، وهكذا اعتادت القطة على الموعد الجديد للقائي بها، فأصبحت تنتظرني صباح كل يوم للترحيب بي، الجديد في الأمر أنني لم أعد أترك لها طعاما أو شرابا كما اعتدت أثناء الفترة الأولى لتعارفنا، والغريب أنها كما يبدو من سلوكها معي لا تهتم بذلك، ولا تنتظر مني طعاما أو شرابا، بل كل ما يهمها هو مجرد أن تراني خارجا من باب المنزل فتسرع لملاقاتي، فأداعبها وأمسح على رأسها وأذنيها، فتغمض عينيها امتنانا وتقديرا لما أفعله، ثم ترافقني أثناء سيري وتتداخل بين أقدامي كأنها تطلب مني ألا أغادرها، أسعدتني كثيرا مظاهر الفرح والاحتفال التي أظهرتها، وحركت مشاعري بصورة لا يمكن وصفها، كنت بالفعل أحوج ما يكون لتلك المشاعر الدافئة الصادقة، أن يكون هناك من يهتم بك ويسعد بلقائك دون غرض أو منفعة، ورغم ما يشاع عادة أن القطط أقل وفاء من الكلاب، إلا أن هذه القطة أثبتت لي أن تلك الفرضية ليست صحيحة على إطلاقها، وأنها بالفعل أكثر فطنة ووفاء من غالبية البشر، فهي قادرة على أن تحب شخصا ما وتهتم به وتظهر له ذلك دون انتظار مقابل إلا الحب والاهتمام المتبادل، وتستطيع أيضا أن تفي له لذاته هو وفاء حميما منزها عن كل غرض مادي.

أيمن مصطفى الأسمر
ديسمبر 2020
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) المزيد عن القطط – قصة لم تنشر سبتمبر 2019

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى