المكّي الهمّامي - بِلاَدٌ مِنْ ذَهَبِ المَعْنَى.. - شعر

أَجْلْسُ، والعالَمُ
مِنْ حَوْلي مَحْضُ دُخانْ..
أَتَأَمَّلُ هذا المُحْتَمَلَ المُمْكِنَ..
[هلْ يَسْقُطُ صاروخٌ، مَثَلاً..؟!]
أَحْرُسُ، مَذْهولاً، قَنْطَرَةً تَرْفَعُ
سَاقا في المَجْهولِ.. وتَهْذي..
يَحْدُثُ، أَحْيانا، أَنْ أَنْصُبَ
بَعْضَ فِخَاخٍ لظِباءِ الفَرْحَةِ،
[وَهْيَ تَنِطُّ أَمامي..]
يَحْدُثُ أَنْ أَلْعَنَ عاهِرَةً
سَرَقَتْ مِنِّي الوَرْدَةَ والبُسْتانْ..


رَغْمَ الخَنْجَرِ مَسْمومًا،
مازِلْتُ أَرَى وَطَنًا،
يَتَشَكَّلُ مِنْ رَغْوَةِ أَحْلامي
[وأَنا أَشْرَبُ كُوبَ الشَّايِ..
وأَنْظُرُ مِنْ خَلْفِ زُجاجِ المَقْهَى..
وأَرى الأَشْجارَ
تُحَرِّكُ هامَتَها أَعْلَى،
في الجِهَةِ الأُخْرى،
وتُلَوِّحُ لي
بِأَصابِعَ مِنْ وَرَقِ الأَغْصانْ..!]


مَازِلْتُ أُقَدِّرُ أَنَّ بِلادًا
مِنْ أَعْشابِ الماضي،
تَخرُجُ مِنْ بَيْنِ شُقوقِ الصَّمْتِ؛
وتُورِقُ كَاللَّوْزِ الجَبَليِّ، عَنِيدًا
وشَفيفَ الأَلوانِ.. بِلادًا أَنْقَى
مِنْ ذَهَبِ المَعْنَى
[أُبْصِرُها، الآنَ، وأَرْسُمُها
بخَيالٍ مَطْعونٍ بِالخَيْباتِ..!]
بِلادًا تَكْبُرُ في ضِحْكَةِ أَطْفالي،
وتُرَفْرِفُ في أَجْنِحَةِ الطَّائِرِ،
وهْوَ يُصَعِّدُ أَبْعَدَ، مَفْتُونًا بِالدَّوَرانْ..


مَازِلْتُ، هُنا، وَحْدي،
أَتَرَشَّفُ هذا الأَخْضَرَ.. أَحْسُوهُ
بِشَهْوَةِ شابٍّ في العِشْرِينَ،
يُحَدَّقُ في أَقْدارٍ مِنْ صَلْصالٍ
[في العابِرِ، والزّائِلِ، واليَوْمِيِّ؛
ولا يَفْقَهُ شَيْئَا..!]
يَتَفَرَّسُ في أَرْدافِ النِّسْوَةِ
يَعْبُرْنَ عَلَى غَنَجٍ، قُطْعانا
قُطْعانا، نَحْوَ الشّأْنِ الغامِضِ..
[كُنَّ -أُرَاهِنُ- يَتَلَصَّصْنَ
عَلَى رُوّادِ المَقْهى بعُيونٍ
لا يُبْصِرُها غُيْرُ الوَلَدِ القُرْصانْ]


مَازِلْتُ أُقاوِمُ أَغْلالي،
وَهْيَ تُحاوِلُ أَنْ تَلْتَفَّ
عَلَى عُنُقي.. وتُجاهِدُ
أَنْ تَكْسِرَ إِيقَاعَ نَشيدي النَّشْوانْ..


مَازِلْتُ
[أَ تَعْرِفُ..؟]
أَبْصُقُ فَوْقَ جِباهِ السّاسَةِ،
والقَوّادَةِ [صُاروا أَبْطالا..!]
وقِحابِ الزَّمَنِ الخَوَّانْ..
فَالشّاعِرُ
مَنْ يَفتَحُ إِسْتَ العالَمِ..
يُلْقِمُهَا صَخْرًا، ويَبُولُ عَلَيْهَا..!
[لَوْ تَدْرِي..!]
الشَّاعِرُ مَنْ يَخْرِقُ سَمْتًا..
يَقْتُلُ مَوْتًا..
يَهْدِمُ بِالكَلَماتِ
مَمالِكَ مِنْ طُغْيانْ..


مازِلْتُ، وقَلْبي الصَّرْخَةُ،
في وَجْهِ الطَّاعونْ..
وفي وَجْهِ الصُّلْبانْ..
صَوْتي النَّجْمَةُ،
[لا أَجْمَلَ مِنْها..!]
تَتَلَأْلَأُ حَمْراءَ وصَفْراءَ
وبَيْضاءَ، كَأَبْهى ما في الأَكْوانْ..
يَحْدُثُ، دَوْما،
ما لَمْ يَكُ في الحُسْبانْ..
يَحْدُثُ أَنْ أَجْلِسَ،
في المَقْهَى،
مُحْتَرِقًا،
ووَحِيدًا،
والعالَمُ
مِنْ حَوْلي
مَحْضُ دُخانْ..!


شعر// المكّي الهمّامي

[بنزرت– تونس]

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى