أ. د. محمد حسن عبدالله - لؤلؤ منثور -1- اللؤلؤة : صورتان متناقضتان !!

-1- اللؤلؤة : صورتان متناقضتان !!

" قال الشاعر الأندلسي ابن اللبانة في وداع المعتمد بن عباد (أمير أشبيلية) ، حين خُلع ونُفي إلى أغمات بالقرب من مدينة مراكش :
تبكــي السمــاء بدمع رائح غادي .. علـى البهـاليل مـن أبناء عبادِ
علـى الجبـال التـي هُدت قواعدها .. وكـانت الأرض منهم ذات أوتـادِ
يا ضيـف أقفـر بيت المكرمات فخذ .. في ضم رحلك واجمع فضلة الزاد
ويـا مــؤمـل واديهــم لتسكنـه .. خف القطـين وجف الزرع بالوادِ
............
نسـيت إلا غــداة النهـر كـونهم .. في المنشـآت كــأمواتٍ بـألحادِ
والناس قد ملأوا العبـرين واعتبروا .. من لـؤلؤ طــافيات فوق أزباد
حـط القنــاع فلـم تستـر مخدرة .. ومـزقت أوجـه تمـزيق أبـراد
حـان الـوداع فضجـت كل صارخة .. وصـارخ مـن مفدات ومن فادي
سـارت سفـائنهم والنـوح يصحبها .. كأنهــا إبـل يحدوا بها الحادي
كم سال في الماء من دمع وكم حملت .. تلك القطـائع مـن قطعـات أكبادِ
2- المحــارة :
- هذه القصيدة ذات بناء مشهدي، تصف - بعد المقدمة المؤثرة – موقف الوداع المؤثر لملك مترف ، يفارق قصره إلى المنفى . الموقف بذاته مثير للعواطف والانفعالات ، وقد زاده الشاعر إثارة بلمساته الفنية التي رصدت جوانب اللحظة من ناحية الملك المهزوم ، وأحزان أهل مملكته .. إلخ .
- هناك صورة مناقضة هي تلك الصورة التي سجلها التاريخ للمعتمد، فقد ورث ملك أشبيلية وما حولها عن والده، زمن ملوك الطوائف في الأندلس، وهذا العصر [ عصر الطوائف] بداية تراجع وانتكاس المجتمع الإسلامي الأندلسي .
- أما مسؤولية المعتمد فتبدأ بسلوكه الشخصي الذي لم يوطد ملك أبيه ، وإنما استنام إلى الترف [ وكان شاعرا، كما كان عاشقاً، كما كان صاحب شراب ] وقد ساقته هذه الطبيعة المسترخية إلى مسالمة ملك الفرنجة، والرضا بدفع الجزية له، إلى أن أفاق (كرهاً) على هجوم المرابطين القادمين من شمال أفريقيا بقيادة يوسف بن تاشفين على مملكته، لإنقاذ الأندلس الممزقة من ملوك الطوائف .
- كانت جزية الاسترخاء التي يقدمها المعتمد لألفونس السادس خطيئة أولى ، أعقبتها خطيئة أكبر بأن استعان بألفونس لصد هجمة المرابطين !!
- كانت النهاية القاسية مستحقة للمعتمد بن عباد، غير أن الشعر له قول آخر، جمّل فيه القبيح ، مثلما نجد في قصيدة ابن اللبانة التي اقتبسنا بعضا منها، وتجاريها سيرة فنية كتبها الشاعر علي الجارم عن ابن عباد بعنوان : "شاعر ملك" عام 1943 .
- الدكتور شوقي ضيف ذكر بدقة علمية رائعة تعقيباً على القصيدة بأنها ملأت قلوب العرب في كل مكان - إلى اليوم- عطفا على المعتمد ، وكأنما غسل بدموعه عليه سيئات حكمه ، من أدائه الجزية إلى الفرنجة في الشمال، ومحاربته لجيرانه المسلمين ، وإنفاقه الأموال بسخاء على مجونه وملذاته .. إلخ .
3- الهيــر :
- اللؤلؤة من كتاب :" عصر الدول والإمارات : الأندلس " تأليف الدكتور شوقي ضيف – دار المعارف – مصر - 1989- ص343 .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى