فنون بصرية عبدالرحمن السليمان - حول بدايات الفن التشكيلي النسائي في المنطقة الشرقية

كانت معارض مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب في المنطقة الشرقية المنطلق الأول لعدد من الموهوبات في الفن التشكيلي خاصة الرسم وعندما نتصفح بعض أدلة المعارض التي انطلقت في النصف الثاني من السبعينيات سنلاحظ أسماء بينها (بدرية الناصر وخديجة مقدم وشعاع الدحيلان وانيسة المريضيف ورضية الناصر ورجاء سعيد وهيا المحسن وبدرية الحمراني ونور غدير ونعيمة السبت) واسماء اخرى واصل بعضها وغاب البعض الاخر سريعا وتفرقت مشاركات القلة، والفنانة التشكيلية ربما لم تكن ظروفها ملائمة، كالرجل فهناك كثير من الالتزامات والارتباطات والظروف الاجتماعية التي قد تحد كثيرا من استمرارها وتواصلها وممارستها الفنية، استمرار لايتم الا على حساب جوانب اخرى كالالتزامات الاسرية او الوظيفية او الاجتماعية ومع ذلك وجدنا من استطاع التغليب، او التوفيق بين كل ذلك وتشكيل حضور لافت، لعل ابرز تلك الاسماء بدرية الناصر التي وجدت التشجيع والاهتمام منذ انطلاقة مشاركاتها مع مكتب الرئاسة ثم جمعية الثقافة والفنون بالدمام التي اقامت لها معرضا شخصيا، كانت اواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات منطلقا لمجموعة من الشابات معظمهن على مقاعد الدراسة، سعين الى مزيد من المعرفة والتعلم الفني وكانت الفنانة منيرة موصلي التي وصلت للتو الى المنطقة الشرقية وعملت في شركة ارامكو السعودية منذ 1979 تشرف على اعمال الفنانات الشابات وتوجههن وفق معارفها الفنية وثقافتها بالتالي كان تأثر بعضهن بها في الافكار وقليل في الفن واقامت من خلال اكثر من جمعية خيرية او تنموية نشاطات كمرسم أنشئ في الدمام وفعاليات اقيمت في الخبر من هنا كان حماس الفنانات كبيرا للتواصل والمشاركات الفنية، كان من بين اولئك شعاع الدوسري ومنى النزهة ومنيرة العماري ومنيرة السيف ولعلنا نلمس تواصل بعض هذه الاسماء ونشاطهن التعليمي والفني كشعاع الدوسري التي أنشأت مرسما او مشغلا فنيا في حين تفرقت وتباعدت مشاركات النزهة.
تعبر اعمال ذلك الجيل الاول عن حرص على التعبير عن افكارهن ومشاكل اجتماعية، اوضحه في مسيرة بدرية الناصر واعمالها التي تناولت منذ البداية محيطها بأفراحه ومباهجه، اتخذت مسارا وهي تعبر عن افكارها على نحو واضح من خلال الدلالات الرمزية التي تضمنها اعمالها ونجد للرجل حضورا واضحا في لوحتها وقد تستعيض عنه بعناصر اخرى تعنيه، تحمل لوحة بدرية اماكن محلية شعبية وفضاءات من الصحاري والبحار، السماء التي تلبدها تارة بالغيوم وتلونها تارة اخرى بصفاء وشاعرية، والشاعرية في اعمال بدرية بارزة، في حين تنوعت اعمال شعاع ومنى النزهة وتفرقت الافكار بين الرسم المباشر للاماكن او التعبير عن الافكار برموز ودلالات بسيطة، على ان خديجة مقدم ومن خلال مشاركاتها المتفرقة والتزامها مع مجموعة فنية ظهرت في الخبر عبرت عن اختياراتها المباشرة للمشاهد والوجوه كما كانت بعض اعمال نور غدير وشعاع الدحيلان. كانت نبيلة البسام بعيدة عن النشاطات المحلية مع إنشائها قاعة التراث العربي 1979 وبداية نشاط متواصل تستضيف فيه الاجانب والعرب والسعوديين وكان حضورها في قاعتها منذ البدء يتمثل في تصميماتها لاعمال من النسيج البدوي والسدو، واستمرت على اعمال تستوحي من البيئة البدوية او المشغولات بطريقة الكولاج والتوليف، اما منيرة موصلي فكانت مشاركاتها المبكرة محدودة جدا مكتفية بالتدريب والتعليم حتى شاركت في معرض نظمه مكتب رعاية الشباب بالشرقية 1982 عندما تولى الفنان فيصل السمرة الاشراف على النشاط التشكيلي فيه، كانت اعمال بعض المشاركات الاوائل من النسيج والاشتغال على اعمال الكولاج والمشغولات اليدوية التي تعلمنها في المدارس وكان اهتمام المكتب وتشجيعه للجميع من الجنسين واضحا ومع بروز مواهب بعض المشاركات في تلك المعارض الا ان معظمهن توارى عن المعارض اللاحقة التي واصل مكتب رعاية الشباب او جمعية الثقافة والفنون بالمنطقة تنظيمها.

عبدالرحمن السليمان
جريدة اليوم
ملحق الجسر الثقافي
السبت ١٦ يناير٢٠١٦


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى