محمد آدم - تقرير الي الرب

تقرير الي الرب
ايها الرب الخارق للعادة تماما
لم اخذتني انا من بين كل غنمك
كنت لك ارضا
وسماء
ذاكرة
ونواقيس
كنت لك النهار الذي يمشي علي قدمين
والليل الذي يقف وحيدا في العراء
والشجرة
التي تقف وحيدة علي النهر
المراة
التي تنتظر عارية عودة الابن الضال
كراسة الاخطاء في المدارس الابتدائية
أحلام الفتيات اللواتي يطاردن الفراشات في السكك
ضحكات الشمس الطيبة فوق حصيرة الزمن
غناء تلك الوردة
وانكسار الروح فوق سلك شائك
في دواليب الغياب
في يوم ما
كنت لك الآب
والابن
والروح القدس
في قلب مكة المحاطة بالجبال والغرابيب السود
تقطعت رجلاي بين الاشواك
مشيت في الطرقات المكللة بالحسك
والدم
علي أبوابك المدرجة بالتواريخ والجماجم
كتبت اسمي لعلك تري
او تحس
وبين جبال القدس العتيقة توكأت علي احلام الرعاة
وجبانات اليعازر
ويوسف النجار
نزلت الي كافة الأودية
ووقفت علي نهر الاردن
فوق بحيرة طبرية
ورأس يوحنا المعمدان شاهدت
ونزلت إليه في غرف السجن
وسمعت أغنياته التي كتبها هناك
علي الصخر
ورايت دمه المسكوب بعناية وهو يسيل في الشوارع
كلماته التي تتنطط علي الارض كالفراشات
أحزان ثوبه المنقوع في الدم
وضحكات هيروديا النفاذة
جربت النوم في الشوارع
وتسلق جذوع النخل في الليل
بحثت عن عجل هارون الذهبي
فلم أبصر سوي غيمة عالقة تتأسف عليه
سألت عن موسي هناك
فوق طور سيناء
قالوا لي
لم يمر من هنا في يوم من الأيام وكما قال لي فرويد الملعون من قبل
ما كان هناك من موسي قط
ورغم كل شىء صعدت الي اعلي نقطة فوق الجبل
بقدمين ضالتين
وقلب غائص في الميتافيزيقا
انتظرتك هناك عند الفجر
كل رملة اخذنها هناك في حضني
وأخذت أحكي لها عن خديعة السراب
وفنطاس الوحدة المجنحة
أكلت من الشجر الناشف
وحبات الخروع
ليس لي من سفر خروج لأصل اليه
ولارتبة جنرال في جيش الراسمالية المتوحشة
لأحمل لك فوق رأسي كافة العملات الورقية
ورصيد أمريكا اللبؤة
من الذهب
والماريجوانا
لا
ولم ألبس في يوم من الأيام قميصا مزررا
ولا كنت حتي عربة ركشا
لم أذهب الي طاقية الهندوسي الملفوفة بالصلوات
إلى زارا
أو كرشنا
في الليل
أطفأت كافة قناديلي المعبأة بالسل
وأخذت ألملم أغنياتي من علي الطرق
وما تساقط من كلماتي
علي الصخر
وقلت سوف اذهب الي فراشة ضالة
طرقت كافة الأبواب فماردت علي
قلت أصرخ بأعلي صوتي وأسأل
أين الله ياأخت
طاردتني الكوابيس في السكك
حتي الاحلام
نركتني هي الأخري ونامت علي الجسور
سحبت أبقاري الجافة
وأغنامي الميتة
الي صحراوات العالم
ورحت أسأل نفسي
تري
أين اختفي كل هذا العشب
أين ذهبت كل تلك المراكب السكرانة
التي كانت راسية
علي البحر
لاطائر هناك ليطير بجناحيه
ولاشمس هناك لتسقط ظلها علي
تري
ماذا فعلت لك انا أيها الرب
لتتركني علي رصيف الحياة
الخالي من المارة
تماما.

انت خلقتني شاعرا ياالهي
فلم اتوه في السكك
لم اضع يدي في جيبي ولا أعثر علي أي شىء
قلت
أذهب وراءك في المدن
والبلدان
دخلت كافة المنافي
وصعدت الي كافة السفن
كل السفن كانت تنظر الي وتهرب مني
حتي السفن الغرقانة
رمت لي حبالها الصوتية المجففة
وذكرياتها المالحة
عن الشمال
والجنوب
عن الزمن الرخ
والزمن القابل للذوبان
في الماء
قرأت عن فاوست
وبرتولدبرشت
أخذت معي شكسبير ذات ليلة عاصفة
الي المقصلة
أو المعتقل
اردت ان أغير ثيابي وشكل كلماتي فما استطعت
أردت أن أجلس بمفردي علي دكة خشبية
ولا يشغلني أي شىء
سوي ان اغير ملابسي في الصباح
ومثلما تفعل هذه الوردة كل يوم
وحيدا صعدت الي الجلجثة
بلا رغيف خبزواحد
لم يكن هناك أحد ليبكي علي
أو امرأة هناك لتراني
لم ترسل الي سوي خنافس الزمن
الذي يتنفس علي عتبة العدم
وهو يمسك بصناراته المبوبة
علي حقائق التاريخ
وكلب أهل الكهف
وهو يغني بأغنياته المجنزرة
علي كونشرتو العدم الراسخ والأرض الخراب
وديانات السيراميك
هل سمعت في يوم من الايام عن باراباس ياالله
وماذا فعلت بعد أن صلبوه نيابة عن السيد
هناك
علي الجلجثة
أحيانا اسير في الشوارع وأبكي
أري ظلمة الليل فأصاب بالرعب
لا لشىء
الا لانني أري العالم الذي صنعت كريها
وبلا فائدة
كان خطأ فادحا
لماذا خلقت الشر وأنت تحدق اليه بعينين مزورتين
وتعرف أنه مكيدة مدبرة
ألم تكن تستطيع أن تجز عنقه
أن تقلم اصابعه
أن تحوله بضربة فأس واحدة
الي لاشىء
أم أن الشر مقصود لذاته
وأن الخير مجرد قصبة عمياء؟
في الليل
قلت أجرجر عرباتي المصفحة
وأذهب بها الي البحر
وانا
ومنذ يومين لم أجد لقمة خبز واحدة
ليس في جعبتي سوي فردة حذاء
وبقايا تواريخ ميتة
عن سونيتات شكسبير
وبعض قصائد ويليام بليك
لقد مات فخر الدين الرازي مسموما
وتبعه ابن رشد الي المحرقة
ومات الحلاج علي خشبة بائسة
في شوارع الكرخ
وفي اللاذقية ألقوا بطواسين الحلاج
الي رجال ماركس
وانجلز
ليعلقوها هناك علي المشانق
وتحت أسرة البيمارستا نات
وربطوها بالحبال
ومزقوا لها ثوبها العتيق
الرث
وأخذت المجدلية جلباب يسوع الرث
وفي ليلة شبه مظلمة
فشخت له ساقيها علي الآخر
وقالت له
سيدي
أنظر
الرب هاهنا
الرب هاهنا
وأشارت الي عشبة نابتة كانت بعيدا في العراء الطلق
هل لك أن تحبني ياسيدي
أنا لك بمفردك
بعد كل تلك الغيلان التي اكلت قمح حقلي
وخبزي
انا احببت قمرك المضىء
حليب جسدك المر
رائحة انفك التي تجعل حتي العصافير
تتوقف عن الغناء
وتخر راكعة علي الارض
كلما انظر الي خلايا جسدك أصاب بالدهشة
وينتابني الذهول
وأفقد صواب نفسي
انا رايت الله فيك
ومن خلال جسدك انت
وبين ساقيك تتجمع شرائط اللذة
وطبوغرافيات المعرفة
أنا فردة حذاء ناشفة
في قدم الريح
أنا اعرف خرائط نفسي جيدا
وسفني واقفة هناك فوق الجبال
وعلي المنحدرات
أسقي أشجاري بينابيع الالم
وأتربع علي حدقة الصخر
الجاف
أنا
ماذا أفعل بالزمن
وكيف أربطه في طرف حذائي
وأتجول به عاريا
علي الطرقات
أو أخذه في رحلة خلوية الي المستنقعات
لكي نجلس فوق خريطة من الاردواز
ولا نفعل أي شىء
سوي أن ننتظر كسرة خبز ناشفة
من جواميس النهر
او وطاويط الوحدة الساخرة؟


محمد آدم
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى