حمدي النورج - رد قلبي ..

غابة كبيرة بلا ملامح. نقطة ضوء تهرب في خوف . قلبي يضحك مما أرى. ذئب يهجم وأنا أقاوم. ما ألذ الطعم و ما أشهاه. حلم ليلتي الفائتة عندما قال لي ابني إن الرزق الوفير يأتي في المنام في صورة ذئب، وكلما أكلت منه كثيرا كان الرزق وفيرا. وتواعدنا لو وقع فسوف أشتري له تليفونا جديدا. إنه ماهر في اصطياد الأعداء بضربة واحدة في الجمجمة . سلاحه بندقية رش قديمة .قالت إن الحياة بوتيرة واحدة مملة يجب أن نغيرها.اقترحت ثلاثة أيام في فندق ساحلي نتذكر حياتنا الحلوة ويقوم على خدمتنا جيش من الانتهازيين الجدد بابتسامات بلاستيكية ممطوطة.تعشمت في الذئب هذا الذي أكلت منه ألذ لحم في حياتي. وابتعت التليفون الجديد لصاحب البشرى. والتزمت السمت الشبابي بالألوان الصفراء والحمراء والخضراء.
في يومنا الأول هاجمني ذئب فطاردته داخل أجنحة الفندق. في اليوم الثاني هجم علي ثلاثة ذئاب فأكلت لحما وفيرا.في اليوم الثالث اتصلت بصديق لي أطلب قرضا ميسرا. قال : إن الحياة صعبة والناس وحوش. صعقت فأنا المستئذب الوحيد في هذا العالم . أنا الوحيد الذي يأكل لحوم الذئاب ويكرع بعدها. في الفندق تشاجرت قلت لحمكم فاسد يا سادة. أقسمت زوجتي أنه لحم طيب، فنظرت إليها بعينين حمراوين كقط مهجن. في البيت تشاجرنا كثيرا تقسم لي أن اللحم جيد وأنا أقول: اللحم فاسد . تحملت أنا شخصيا عبء شراء اللحم . جربت كل أنواع اللحم بلا فائدة . ذبحت خروفا في غير العيد. بطني تكورت واستدارت أكثر . أنا أشتهي اللحم يا سادة وابني يسألني هل تحقق الحلم ؟ وأنا أقول الطريقة الوحيدة المتاحة لي في هذا العالم لإشباع نهمي هي سرقة هذا الكلب . ستكون ليلة حمراء لو حدث هذا. قالت نشرات الأخبار في خبر عاجل باللون الأحمر ( ألقت الشرطة القبض على رجل تسلل ليلا لحديقة الحيوان بالجيزة ) سألني صحفي أصلع بخبث لم فعلت ذلك ؟ رفضت أن أرد، فأعطاني قطعة لحم شهية من ذئب قطبي فتكلمت. يقول الفقهاء: إن رؤية الذئب في المنام تعني الرزق الوفير وأن ما ذكره لي ابني كان صحيحا . يا كريم مرت سنة واثنتان وثلاثة وأربعة وسلوك الذيب لا يزال يهزمني كلما رأيت بطة تمر من أمامي، يزداد عوائي . قال ابني إنه لمح قطيعا من الكلاب يمر من الشارع. وأن السكان تعجبوا من غرابة الشكل والزي. وأنه شخصيا لم ير مثلها في ناشونال جيوغرافيك أو حتى ديسكفري. وأن كل ألوان الكلاب التي رآها في حياته لا تتعدي لونين أو ثلاثة على سبيل الندرة ، قلت له وكذلك أنا منها كلب الحاج محمود أبيض اللون القنوع الذي ما رأيته أبدا يأكل إلا العيش . يطوف علينا ساعة الغداء فيأخذ نصيبه ويمشي وهو يهز ذيله انبساطا . وكان يقظا كالساعة قويا كالحربة صديقا كالرغبة . العالم كله خارجي ووحوش من الكلاب تحاصر البيت . وزوجتي تصرخ والكلاب تشم بقوة. حشرني ابني داخل دولاب . قال إن الكلاب تكره رائحة الذئاب ولا تنفك تطاردها. احبس نفسك ولا تتنفس. أحبس نفسي ولا أتنفس داخل دولاب . لقد تخلى عن مسألة الرزق أصلا . وأطلق في الحارة دخانا من إطارات مشتعلة .طاردته سيارات الشرطة والكلاب معها . أنا في الدولاب والولد في الشارع وزوجتي في المطبخ.


أعلى