د. يوسف حطّيني - رفيفُ الحمام.. شعر

يجوبُ العواصمَ بحثاً عن الحبرِ
كي يجدلَ الشِّعرَ
قافيةً لاصفرار الخريفْ
ويسعى، برغم العراءِ
المسجّى على منكبيهِ،
إلى جلسةٍ تحتَ ظلٍّ وريفْ
يطلّ على شارعٍ من ضبابِ الفجيعةِ
يحملُ كيساً على ظهرهِ الكهلِ
خمسينَ عاماً،
وفي وجههِ بسمةٌ كاحتمالِ الرّغيفْ
وقد يكبرُ الخبزُ في حلمهِ فجأةً
ربما يرتدي وطناً
ضالعاً في النزيفْ
* * *
تمرّ المساءاتُ
لا شيءَ يلمعُ في ظلمةِ الرّوحِ
يصعدُ، أو ينزلُ الدَّربَ
كي يتسّولَ ما يشتهي قلبهُ
من خطايا
ويصعدُ أو ينزلُ الدّربَ
كي يتسوّل نصفَ رغيفٍ
تجلى على حلمهِ
أو تنزّى على وطنِ
حطّمته المرايا
ويغمض عينيه في غفلةٍ
من صهيلِ الخيولِ الّتي تحرسُ البحرَ
كي ينسجَ اللّيلَ حوريةً
ترتمي بينَ أضلاعهِ
أو تغنّي له
أو تعيدَ الزّمانَ ثلاثينَ عاماً
ليملأه بالحكايا
* * *
وفي شهرَ آذارَ
من سنةٍ أشعلتْ شمعَها
أمطرت فتنةً، حبقاً،
وشذى برتقال
وفي شهرِ آذارَ قبّلها،
ذابَ في قلبِها،
مسَّ في الصّدرِ وهجاً
تضرّعَ مثلَ ابتهالْ
ومرّ على شفتيهِ لظىً
كارتعاشِ الوصايا
يقولُ: تعالْ
فراح يلمّ الشذا أرْزَةً أرْزَةً
من أعالي الجبالْ
ولكنّ موجَ الفراقِ تجلّى وحالْ
أضاء سنا البرقِ
كي يختفي فجأةً
ثُمّ.. لا مطرٌ يغسلُ القهرَ
والحلمُ أضحى شظايا
ومحضُ خيالْ
* * *
وها هو ذا يحملُ الآن
كيساً على ظهرهِ من جديدْ
ويصعدُ أو ينزلُ الدّربَ
كي يتسوّلَ خبزاً وظلاً
ويبحث عن وطنٍ
ضائعٍ في الزحامْ
وعن ظلِّ طيفٍ
تجلّى على عمرهِ
كرفيفِ الحمامْ





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى