ديوان الغائبين ديوان الغائبين : زهير صدقي - سوريا - 1927 - 1944

ولد زهير صدقي في دمشق، وتوفي فيها.
قضى حياته (اللمحة الخاطفة) في سورية.
تلقى جلّ علومه على أحد أساتذة دمشق في منزله، مراعاة لإمكاناته الصحية.
أمضى أكثر حياته في صراع مع مرض روماتزم القلب.

الإنتاج الشعري:
- له قصائد منشورة في صحف ومجلات عصره، منها: «رسالة» - مجلة أصداء، لصاحبها شكيب الجابري - العدد 4، «ظلام وثورة» - مجلة اليقظة العربية، العددان 34،38 - السفر الأول - المجلد الثاني 1947.
المتاح من شعره قليل؛ قصيدتان نشرتا عقب رحيله، كتبهما على البناء العمودي، ملتزمًا وحدتي القافية والجو النفسي. قسم القصيدة إلى مقاطع، وجعل من كل
مقطع دفقة شعورية ونفسية جديدة. في شعره مناجاة للذات والطبيعة والقدر. يعكس نزعة تشاؤمية وشعورًا عميقًا بالأسى والفقد، إذ يبدو أن رحلته المؤلمة مع المرض واقتراب الموت منه في كلّ لحظة تركت أثرها في شعره. يتسم شعره بخصوبة الخيال، وعمق المعنى وقوة العاطفة.


مصادر الدراسة:
-3- الدوريات: زهير ميرزا: ذكرى الشاعر المرحوم زهير صدقي - اليقظة العربية - السفر الأول - المجلد الثاني - دمشق 1947، ومجلة أصداء - العدد (4) - الصادر في 25/1/1994.


ظلامٌ وثورةٌ

أيّهـا السـاهـرُ مـا هـذا السَّهَرْ؟ = قـد ونى النجـم فـولّى واستتـــــرْ
تـرصد الأفقَ ولا شـــــيء يُرى = هل يرى قـلـبُك مـا أعـيـــــــــا النظر؟
يـخطئ النـاظر فـيـهـا مـا بــدا = ويرى الظاهـرَ فـيـهـا مستتـــــــــــــر
قطعٌ مـن أنفسٍ فـي لُـجِّهــا = تـائهـاتٌ فـي ظلام مستـمـــــــــــــــر
في حنـايـاهـا انطوى طيب المنى = ولـيـالـي الصـفـو والعيش النضر!
إيـه يـالـيل، إلى كـم تـنــتظر؟ = وأذود الـيأس عـنّي والضجـــــــــــــــر
قد سئمت السـير في ظلِّ الدجى = وشكتْ رجلايَ مـن طــول السَّفر
أبـدًا أخبط فـي هـذي الـدُّنـــــا = تـائهًا فـيـهـا ومـالـي مستقــــــر
أحسب الفجـر سـيبـدو بـــــاسمًا = إن مضى اللـــيل وولّى وغبر
غـير أنّ اللـيل مـا يـتـركـنــي= وحـيـاتـي كلّهـا لــــــيلٌ عكِر!
يـا إله الكـون مـا هـذا القــدر؟ = هل قـلـوب النـاس صخرٌ أم حجـر؟
نرتضـي الـحكـمَ ولكــــن إنْ طغى = ضـاق بـالصَّبر وبـالـحكـم الـبشـر
أمـلسُ الصخر إذا لاقى الـــــــذي = لقـي الإنسـان فـي الأرض انفــر
ظلـمةٌ فـي ظلـمةٍ حـــــــــالكةٍ = تـمـلأ القـلـب سـوادًا والـــبصر
فـاعذرِ القـلـب، إلهـي، إنْ ضجــر= واعذر الـمحـزون إمّا قـــــد عثر
قـد طغى الـيأس بقـلبـي ومشــت = بكـيـانـي ثـورةٌ لا تستقــــر
كـيف يـهدا مـن يـنـاديــــــه الردى = ويرى الآمـال صرعى فـي الـــحفر؟
يـا صِحـابـي لا تقـولـوا لـيْ اصطبر = إنْ جـرى دمعـي بعـيـنـي وانـــتثر
راحةُ الـمفجـوع فـي أحــلامه = بـدمـوعٍ، إن دعـاهـا تـنهـمــــــــــــر
تحـمـل الآلام عـنه ســــــــاعةً = ثـم تـرقـا فـيُدانـيـه الكــــــــــــدر
آهِ مـن دنـيـايَ آهٍ إنهــــــــــا = لـيس فـي أفـيـائهـــــــــــا إلا القتَر
قـد أرتـنـي العـيش نــــورًا مغريًا = فتطـاولـتُ إلـيـه فـانكـــــــــــــــدر
لـيـتهـا إذ سلـبتْ أفراحنـــــا = تُرجعُ الـمـاضـيَ أو تُفـنـي الــــــــذِّكَر!

***

رسالة

هلا رثـيْتَ لـحـالـي أيّهـا القـدرُ؟ = تجـري اللـيـالـي ويجـري إثرهـا العـمُرُ
وكلّمـا لاح فـي دنـيـايَ لـي أمــلٌ = أودى بـه الـدهـر أو طـاحت بـــــه الغِيَر
أُقـلِّب الطرْف لا ألقى سـوى صـورٍ = تـمضـي سـراعًا ولا يبقى لهـــــا أثر
أيـن الـحـيـاة لقد أبلـيْتَ جدَّتها؟ = فـي مطلب المـجد لكن فـاتـني الظفر
إذا تذكَّرتُ أحـلامـي وقـد فـنـيــت = يكـاد قـلـبـي مـن الأحـزان يـــــــنفطر
لكـم رجـوتُ ومـا أحلى الرجاءَ لنا = وكـم تـمـادت بـيَ الأحــــــــلام والفكر
وكـم بنـيـتُ صروحًا فـي مخـيّلـتي = شمّاء كـالشمس يعـيـا دونهــا النظر
وكـمْ شدوْتُ مـن الأيـام مـــــــنزلةً = يشدو بـهـا الـدهـر أو تجـري بهـا السـير
تسير كالحقِّ فـي التـاريـخ مـاخرةً = دنـيـا الظلام ومـنهـا النـور يـنـتشـــر
وكـمْ وكـمْ من آمـانٍ لست أحصرهـا = هـي الغداة كَمَيْتِ الزَّهـرِ يـنـتشــــــر
تصرَّمتْ مـثل حـلـــــمٍ لاح مبتسمًا = ثـم انطـوى فطـوانـي بعـــــــــده الكَدَر
فـي ذمَّة الله مـا ودَّعت مـن أمــلٍ = ومـا أقـاسـيـه ممّا لـيس يـنحســـــــــر



زهير صدقي.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى