أدب السجون الأسير أمجد عواد - يا سجن تكاثف

يا سجن تكاثف قدر ما شئت...

ولتأتيني من كلِّ صوب، زد في وثاقي واجدل ما تضمر لي من أصفادٍ حول مِعصمي... فتتها يداي.. يا سجن تكاثف على شكل مشنقة صماء.. ولتحكم لفَّ نفسك حولَ أوردتي.. وأنبت لي في كلِّ شبرٍ جدارا.. وعلى الجدار تكاثف مرة أخرى كمينًا، أو لو شئت لغمًا أو فخًا للظباء..

شظني يا سجن..

إعدمني مرتين، وانصب حراسك ممحاة على شفتي

يا سجن زد في برد أصفادك

في حقدِ فولاذك

في شكلِ أحقادك

في حجمِ أقفالك

ولتأتني بغتةً في كل مرة أنسى فيها وقوفي في المكان.. أنزِع مفاصلي، إثقبها وعلقّها حيث أردت... حاصرني ما استطعت..

يا سجن تكاثف، وفي الليل هاجمني.. صادر حكايتي وأقلامي وذاك الوشم على كتفي، ولي نصٌ قديم قلت لها فيه: "أشتاقك عدد الحديد" مُخبَّأ فيك لا تنساه، اعتقله، والقصيدة أسفل مخدتي جُرَّها مكبلة أمامي ولتلوِي فيها عنق القافية، ولي صورة جمعتني ذات شتاء ناقص بأمي حلال عليك.

يا سجن تكاثف..

احقن هواءك بالرطوبةِ، بالصدأ، كبِّلني وقلبي بالسرير، ولتلهو بي كلما ضجرت من الرتابة... اشحذ سِياطِك كلها.. واضرب بها أملي، جردني من محيطي.. وذكرياتي، ولي أحلامٌ أعلقّها في كلِّ مكانٍ.. هي لك، اجمعها ولتكن هوايتك الجديدة... سمِّم هوائي بالنشاز.. ازرع لي في كل زاويةٍ كمينا.. كن قبرًا ضيفًا واحرمني شاهدًا أعلاه يعرفني.. أنا لا أخاف الموت لذى يا سجن تكاثف..

كن أنت كما أنت شرًا مُطلقًا

لا تصطنع المساحة.. يا سجن ضقْ حتى يستحيل الفراغُ فيك صفرًا.. حتى تدور فيك الزوايا.. انزع قفازك الجلدي لأرى الحديد أشدُّ صلابة.. لأراك يا سجن ضقْ كي لا أُصالح عتمتك.. كي لا يغريني الرحيل.. كثِّف فراغك.. سُدَّ المنافذ كلها.. أحذرك..

يا سجن فلتغص من كل الجهات، من أمامي، من ورائي، فوق ناصيتي وفي العدم، لا تترك لي فيك رصيفًا أو زُقاقا.. لتحتكر حق الحياة لنفسك.. بيني وبين أمي سلكًا شائكًا.. أرني فصولك كلها.. هاجم فراشي.. إلبس درعك كاملًا.. يا سجن تكاثف



الأسير: أمجد عواد

سجن ريمون الصحراوي

السجون.jpeg





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى