ديوان الغائبين ديوان الغائبين : رشيد حميد الدليمي - العراق - 1976 - 2004


رشيد بن حميد بن عبد الدليمي.
ولد في مدينة الفلوجة (محافظة الرمادي - غربي العراق)، وتوفي فيها قبل أن يكمل العقد الثالث.
قضى حياته في العراق.
أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس الفلوجة، ثم قصد بغداد، فالتحق بجامعتها عام 1994، إلى أن تخرج في قسم اللغة العربية بها عام 1998.
عمل مدرسًا للغة العربية في إحدى ثانويات بغداد عام 1998، وظل يعمل بها، حتى استشهد في أحداث الفلوجة عام 2004، وكان والده قد وقع أسيرًا أثناء الحرب
العراقية الإيرانية (1980 - 1987).
كان عضوًا في جمعية المؤلفين والكتاب العراقيين، كما كان عضوًا في رابطة الرصافة للشعر العربي، وفي هيئة تحرير مجلة «أشرعة» التي تصدرها الرابطة.
شارك في الأنشطة الثقافية التي كانت تقيمها الرابطة، كما أسهم في مهرجان تموز للشباب الذي أقامه جمعية المؤلفين الكتاب العراقيين 2000، وفي مهرجان الجواهري الثاني الذي أقيم في بغداد عام 2002.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان مخطوط لدى صديقه الشاعر نوفل أبورغيف.
شاعر مجدد، كسيف البال كثيف الخيال، في شعره مسحة حزن، ربما أنضجتها تجربته الشخصية التي تجلت في فقده لأبيه بعد أن باعد الأسر بينهما، تعتليه نبرة يتم، وإحساس بالفراغ العاطفي، وكراهية للحرب وأهوالها، شعره متراوح بين القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة، له قصيدة (عندما نضج القمر)، ينعى فيها يتمه وفقده لأبيه، وله قصيدة (الشجر فجر.. آخر)، وهي عمودية خالصة، ترنو إلى مولد فجر لكنه لا يجيء، مجمل شعره مشمول بطابع وجداني متفاعل مع ظواهر الطبيعة وآياتها، يستلهم منها جل صوره، فتأتي مغمورة بشقوة روحه، متراوحة بين حالات من اليأس والرجاء.

مصادر الدراسة:
الدوريات:
- نوفل أبو رغيف: قراءة رثائية في أفق الشاعر رشيد حميد الدليمي - جريدة الصباح - العدد 375 - بغداد 2/10/2004.
- أربعينية الفقيد الشاعر رشيد حميد الدليمي - جريدة الصباح - العدد 365 - بغداد 20/9/2004.

الشجر فجر.. آخر

مـن غـيرُه أيـقـظ الأمطـار وانـتظرا = أن يصحُوَ الـحـلـمُ فـي أجفـانهـا شجــــرا
مـن غـيرُه ذكّر الأنهـار أنَّ لهـــا = قـيثـارةً فـي دمـي تحتـاجهـا وتَرا
مـن غـيرُه طحن الأقـمـار فـي دمه = لـيـخبـز الجـرح صـبحًا كلـمـا كبرا
مـن أسعف الـبحـر لـو دفءٌ براحته = لأصـبح الـماء فـي شطآنه حجرا
الـبحـر كـان يـتـيـمًا قبـل غـيــمته = قـد ذوّبت روحهـا في كفه مطرا
فرَّت خـيـول القـوافـي مـن أصابعه = ورُحْنَ يغزلْنَ مـن أبـيـــاته سفرا
كي تَتْبع الشمس ألقت ضوء مقـلـتها = في كفّه واستعـارت وجهه نضِرا
مـن كـوَّةِ الجـوع مدَّ الـمـاء أرجله = فحـاك نهـرًا عـلى أكتـافـنـا وجـــــــرى
قـد عـلَّمَتْنـا جـروف الرافديـن بأنْ = نحـيـا عـلى مقـلـتـيـه يـقـظةً وكرى
نحن الـذيـن عـلى راحـاته ولــدتْ = أسمـاؤنـا وكبرنـا كلـمـــــــا ذُكرا
وجـوهـنـا جزرٌ فـي بحـر ضحكته = قـد لـمَّنـا ثغرُه كـي يـنطق الـمطرا
الـحـب نهـرٌ عـلـيـه الـمتعبـون قـرى = مـن غـيره أيـقـظ الأمطـار وانـتظرا

***

دمعة الماء

لـدلائـي مـن مــــــــاء بئريَ ثأرُ = كـيف أقضـيـه، إذ دلائـيَ جــــــمْرُ
كـيف أبنـي للفجـر قبَّة ضـــــــوءٍ = فـوق رأسـي، وفـوق رأســـيَ بئر
لـم يـزل مـاؤه يعتِّق رأســـــــــي = فكرةً للرحـيل، واللـــــــــــيل ثغر
ولصـوتـي مآذنٌ ظفَرَتْهــــــــــــــا = كفُّ صـمتـي فهـن للصـــوت شُفْر
إن تكـن هـذه الـمآذن نــــــــارًا = فدعـائـي، دُخَانُهـا الـمستـمــــــرّ
كـيف للشمع أن يـنـام ونـــــــارٌ = تـمتطـيـه، للـمـوت والضـوء مَهــر
حـبِلَتْ بـانـتظار وجهـي الـمـرايــــا = وهـي للآن مـن عـيـونـــيَ بِكر
ورقٌ كل مـا أصــادف والصِّدْ = قُ الـذي أرتجـيـه فـي الــاس سطر
سقطتْ فـي يـديَّ حـبّة قــــمحٍ = فتدلّى مـنهـا عـلى الأرض نهـــر
وأنـا بـيـن راحتـيـــــــــــــــن ووجهٍ = قـدحٌ متعبٌ: وحـلـمـيَ خمـــــــــر
عتَّقَتْنـي فـي راحتـيـهـا الأمـاني = لـم تذقنـي، فطعـم حـلـمـــيَ مُرّ
لـيـت أن السمـاء تـمطر قـــــمحًا = فـوق قـلـبـي فهـذه الأرض طـــير
لا صهـيل الخـيـول يـقطف دربــي = مـن أكفِّ الرحـيل حـيـن تـمـرّ
لا صنـاديـق تشـتهـيـهـا الأيــادي = سـوف تـنمـو، لـيـقطف السِّرَّ سِرّ
يـا نخـيلـي الـحـزيـن كُفَّ بكـــــاءً = لـم يعـد يحـمـل العـنـاقـيـد تـمـر
حـيـن داست صحـائفـي شَرَكَ القو = لِ، تـمـنّت أن الـمـصــائد جَبر
لـبسَتْنـي سـورًا لهـا فعـيـونـــــــي = شـرفـاتٌ بـهـا وقـلـبــــــيَ قصْر
كلـمـا أنـبتَ الرحـيل بـــــــــــــلادًا = فـاجأَتْنـي أن الـمديــــــــــــــنة قبر
قبـل عـامـيـن فـوق سفح الأمـاني = كـان يحـبـو مع الأضــــــالع كَسْر
كـان طـيـنُ العذاب يـنـبت فــــي جُرْ = فِيَ، والنخل فـي هـوائــيَ جذر
لـم يحنْ أن أرى الأمـانـي نســـــاءً = مقفلاتٍ لـيفتح الـــوردَ عطر
كـيف للشمس أن تجفِّف مـائــــي = ودلائـي مـن مـاء بئريَ صــفر
أقفل الضـوء بـابـه غـير أنــــــــــــي = إن مفتـاحه بكفـيَ فجــــــــــر




رشيد حميد الدليمي.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى