محمود شاهين - مأساة العقل البشري!

مأساة العقل البشري!

شاهينيات 1528

كنت وما زلت أعتقد أن مأساة العقل البشري تكمن في منهجين فلسفيين :

المنهج الأول: مثالي ( ديني في معظمه ) يرى أن الوجود جاء من عقل غير مادي قد يكون عقلا إلهيا ، أو روحا ، أو قائما بالخلق كمحرك أول .. ألخ ..

المنهج الثاني : مادي ( علماني ) يرى أن الوجود جاء من مادة أولى لا عقل لها! أي أنها وجدت دون عقل موجد .

والبحث عن منهج ثالث أو طريق ثالث في الفلسفة استعصى على هذا العقل . رغم أن العلم اكتشف أن المادة هي في حقيقتها طاقة ، والعكس صحيح أيضا .. فليس هناك مادة إلا وينجم عنها طاقة ، وليس هناك طاقة إلا ولديها قدرة لأن تتحول إلى مادة .. فالإلكترون مثلا يمكنه أن يتحول إلى جسيم مادي، كما يمكنه أن يتحول إلى طاقة موجية ..

والسؤال الذي طرحته على نفسي منذ عقود . أليس العقل طاقة ؟ بالتأكيد هو كذلك ؟ وألم يكن موجودا في مادة منذ الأزل ؟ في الغالب، أجل ! إذن لماذا لا يكون الاثنان قد وجدا معا في لحظة واحدة . لم تسبق المادة العقل ولم يسبق العقل المادة ، فهما كيان واحد في الأصل . أي أن المادة كانت تحمل عقلها فيها ، وأنه كان لديها القدرة على التحول .. والقول أن المادة وجدت دون عقل ، هو قول غير منطقي ، فلا شيء يوجد دون عقل . ولذلك قلنا : إن القائم بالخلق بغض النظر عن ماهيته ، أوجد نفسه بنفسه لنفسه ، وما يزال يوجد نفسه بنفسه لنفسه إلى أن تتحقق الغايات التي أوجد نفسه من أجلها ..

وبناء عليه خرجت بنظريتي الثالثة . في البدء كان العقل الطاقوي ، أو الطاقة العقلانية ، التي جاء منها الوجود والخلق .

وتابعت مسيرتي في المسألة وتعمقت فيها .. إلى أن وصلت إلى غاية من الوجود ، وهي بناء حضارة انسانية تتحقق فيها قيم الخير والعدل والمحبة والجمال .. وبناء عليه فإن الغاية من الوجود لم تتحقق بعد ، وأن عملية الخلق ما تزال تحبو في بدايتها .
  • Like
التفاعلات: ثناء درويش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى