أ. د. عادل الأسطة - كتابة الأدباء الفلسطينيين عن الرموز الأردنية

غالبا ما أتابع كتابة الأدباء الفلسطينيين عن الرموز الأردنية .
ماذا لو تتبعها دارس أكاديمي يقيم في الأردن ، وثان يقيم في فلسطين قطع خيوطه مع الأردن ، وثالث يقيم في دولة غربية ويحمل جواز سفرها ؟
من المؤكد أننا سنقرأ ثلاث صور مختلفة اختلافا كليا . سوف يترك الموقع تأثيره على الموقف ، وهذه مقولة ماركسية .
سوف يبرز الأكاديمي المقيم في الأردن الصورة الإيجابية فقط ، وسوف يبرز الثاني الصورة السلبية ، وأما الثالث فسوف يبرز الصورتين .
خطر ببالي هذا السؤال من قبل وعاد إلى الذهن بعد أن انتهيت من قراءة رواية الدكتور إبراهيم السعافين " ظلال القطمون " ورواية سميح مسعود " الكرملي " وفيهما تتأثر الكتابة عن الرموز بالموقع الذي كتب فيه الروائيان .
في ٥٠ القرن العشرين كتب الشاعر يوسف الخطيب روايته " عناصر هدامة " وقد قرأتها في ٩٠ القرن العشرين حيث عثرت على نسخة منها في مكتبة بلدية نابلس . كانت الصورة سلبية ، والشاعر الذي كتبها سرعان ما غادر الأردن ليستقر في سورية حتى وفاته .
عندما تقرأ أشعار حيدر محمود الشاعر الفلسطيني ابن طيرة حيفا المقيم في الأردن في المرحوم الملك حسين تقرأ صورة إيجابية في الملك ، وحين تقابلها بما كتبه فتى الثورة من دمشق عن الملك أو ما كتبه الشاعر توفيق زياد في ديوانه " عمان في أيلول " تقرأ صورة سلبية .
الدكتور إبراهيم السعافين الذي مجد بطولات الشعب الأردني ، فيما أتذكر مما بقي عالقا في ذاكرتي من الرواية ، لم يأت إطلاقا على ذكر الملك المؤسس الذي أبرز له عبد الكريم الكرمي ( أبو سلمى ) في قصيدته " لهب القصيد " صورة سلبية . ومثل الدكتور أيضا الدكتور سميح . هل أتى الشاعر إبراهيم نصرالله في روايته " زمن الخيول البيضاء " على ذكر الملك المؤسس كما أتى على ذكر فوزي القاوقجي ؟
سميح مسعود ذم سارده الزعامة الفلسطينية ( الحاج آمين الحسيني وراغب النشاشيبي ) .
طبعا تعرض غسان كنفاني في إحدى قصصه القصيرة " درب إلى خائن " إلى الحكم في الأردن وكانت صورة النظام سلبية .
الكتابة موقف وأعتقد أن كتابة كل شيء تسبب لصاحبها وجع الرأس ، ومن يريد كتابة الروايات كلها ومن يريد أن يدرس النصوص كلها يحتاج إلى مناخ ديموقرطي سقفه ، حقا لا قولا ، السماء .
وليس الأمر عموما مقتصرا على الأردن ، فهو لا يختلف في بقية الدول العربية ؛ في العراق أيام حكم الرئيس صدام وفي سورية في أيام حكم الرئيس حافظ الأسد أو في أيام حكم الرئيس الحالي .
رحم الله الشاعر معين بسيسو فقد لخص الحكاية كلها في مسرحيته القصيرة الساخرة " محاكمة كتاب كليلة ودمنة " ، ومن أراد أن يواجه الحاكم ويقول له حقيقة ما يتردد على ألسنة الناس فسيكون مصيره مصير زكريا في مسرحية الكاتب السوري سعد الله ونوس " الفيل يا ملك الزمان " . يعني سيضطر إلى منافقة الحاكم وبدلا من أن يقول له إن الفيل يخرب المزروعات ويهلك الأهل والزرع سيقول له :
- الفيل يحتاج إلى فيلة حتى تتكاثر ذريته .
لا بد من نفاق .
هل نافقت " أبو إبراهيم " و " أبو إبراهيم " حين كتبت " سهرة مع أبو إبراهيم " وما كتبته عن رواية " الشوك والقرنفل " لأبو إبراهيم الغزاوي .؟
مرة تتبعت الظاهرة لدى الشاعر سميح القاسم فدهشت لما رأيت من موقفه من النظام الأردني في ٧٠ القرن العشرين وموقفه منه في بدايات القرن الحادي والعشرين .
صباح الخير
عادل الاسطة
٢٥ كانون الأول ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى