علي المصري - السكن الجديد.. قصه رعب

موضوع القصة:




٭حــــــــــــ الـلـــــــــــيــل ـــــــارة٭

بسبب ظرف طارئ..انتقلت عائلة سعد من منزلهم الكبير الواقع في شارع الخمسين إلى منزل صغير شعبي يقع على أطراف شارع الثلاثين-في محافظة صنعاء-كما لو أنه في قرية بعيده،وكان ذلك يوم الخميس تاريخ2018/4/12 وقبل دخول أحزمتهم داخل ذلك المنزل قام الوالد سعد بزيارة له مع صاحب ذلك المنزل ثم ذهب هو وزوجته مروى ليرى إن كان أعجبها المنزل أم لا؟..في النهاية أعجبها وبدأ بحزم الأمتعة كلا من:

الوالد سعد والوالدة مروى والفتاة غريبة الأطوار ياسمين البالغه من العمر١٤عاما أما الطفل الصغير والأخير ذو النظارات فاروق البالغ من العمر٨سنوات فلم يكن عليه سوى الأكل والشرب،وقبل حزم الأمتعة ذهبوا لتنظيف ذلك المنزل معا فقد كان يبدو مهجورا قبل عدة سنوات.

كان قرارهم للإنتقال ليلة الخميس وزيارة سعد للمنزل في المرة الأولى كان صباح الخميس في الساعه٧:٣٠ وزيارته في المرة الثانيه مع زوجته كان في الساعه٨:٢٦ ووصولهم إلى ذلك المنزل كان في مساء الخميس ليلة الجمعة الساعة٧:٥٠ أي ١١ساعه و٢٣دقيقه حراك بلا توقف،لقد كان يوما صعبا بالنسبة لياسمين فقد عملت كثيرا وأيضا فارقت صديقاتها هناك فهي الآن تبعد عنهم كثيرا.

مر يوم الخميس على خير وأيضا يوم الجمعه لكن يوم السبت حيث لم يذهب الأولاد إلى المدرسه وبينما الأم كانت تعمل في حديقة المنزل الصغيره التي سورها عباره عن حجر فوق حجر وليس لها باب ومعظم سورها مهدم دخلت امرأة عجوز لها أظافر طويله،أظافر يدها اليسرى نظيفة ومرتبه أما اليد اليمنى عكس ذلك،وبدأت بالتحدث معها،وفي المساء أخبرت مروى زوجها ما دار بينها من حديث مع تلك العجوز حيث أخبرته:لقد جائت إلي عجوز صباح هذا اليوم وأخبرتني أن لها تسعة أولاد لم تزوج منهم إلا واحدا وأن لها فتاة قد زوجتها ثم سألتني إن كانت ابنتي مخطوبه فأخبرتها كذلك حتى لا تزعجني وبعدها أخبرتني أن لو بوسعي إعطاء شيئ لها.

سعد:وهل أعطيتها؟يبدو أنها تحدثت معك فقط لتعطيها شيئا.

مروى:بيدو كذلك،ءاه كدت أنسى لقد أخبرتني أن هذه الحارة تسمى بحارة الليل أليس الإسم غريبا؟.

سعد:بلا،غريب.

وفي اليوم التالي وفي نفس المشهد-غير أن ياسمين كانت مع والدتها-أقبلت امرأة عينها اليسرى سليمه أما اليمنى عكس ذلك ألقت السلام عليهما وكان بينها وبين المنزل مسافه وهي تسرع في خطاها وقبل أن تدخل عليهما أمرت مروى ابنتها ياسمين بالدخول ثم بدأت بالتحدث معها،وفي المساء كانت مروى تروي ما دار بينها وبين تلك المرأة من حديث حيث قالت:تلك المرأة أمرها غريب،فقد أخبرتني أن العجوز التي أتت إلي بالأمس ليس لديها سوى٣أولاد وفتاه وأنها تدعى العمة عاقله،إن اسمها غريب جدا.

سعد:لا يهم ذلك.

مروى:لكنني غاضبه لم تكذب علي؟.

سعد:لا أعلم.

وفي اليوم التالي أتت امرأة سمراء في الساعه٣:٥٩ عصرا وألقت التحية على مروى وقالت:أهلا وسهلا بك في حارتنا هل أعجبتك؟.

مروى:ءلا أعلم فأنا لم أتعرف عليها جيدا.

المرأه:أعتقد أنك ستحبينها بعد التعرف عليها.

مروى:أظن ذلك.

أما اليوم التالي والذي هو يوم الأربعاء قدمت على المنزل إمرأة تصحب معها ابنتها البالغه من العمر١٨عاما وكان ذلك في الساعة٨:٠٤ صباحا وبعد ذهابها بأقل من ساعه قدمتا إمرأتان يبدو عليهما كما لو أنهما قد أتيتا من السوق للتو،وفي المساء بدأت تحدث مروى زوجها ما دار بينها وبين تلك المرأتان من حديث حيث قالت:هل تعلم يا زوجي أن هذه الأرضية الكبيره الواسعه لم يكن عليها هذا المنزل؟.

سعد:مالذي كان عليها إذا؟.

مروى:لقد كان الحمام موجودا فقط.

سعد:ماذا!.

مروى:أحل،فلقد أخبرتني تلك المرأة أن هذا الحمام كان للمارين قبل بناية هذا المنزل،إف..أظن أن هذا مقرفا.

سعد:أجل،هذا مقرف.

مروى:علمت إذا لم الرائحة الكريهة القادمة من الحمام لا تنتهي ولا تعالج.

سعد:أجل،فلقد حاولنا كثيرا التخلص من هذه الرائحه.

مروى:يبدو أن هذا مستحيلا،فلقد قمت بغسله عدة مرات وبجميع أنواع المنظفات.

تنهد سعد وقال:سنجرب شيئا آخر.

مروى:ما هو؟.

سعد:نضع في حمام عطرا خاصا.

مروى:فكرة رائعه،أرجو أن تنجح.

ثم وضعت يدها على ذقنها وقالت كمن تتذكر شيئا:وأيضا قالت بأن إخوتها الثلاث أقاموا حفل زفاف لهم في خيمة على هذه الأرضية الكبيرة وقد قاموا بذبح تسعة أثوار.

سعد:واو هذا كثير.

مروى:أجل،إنه كثير.

ثم سألت وعلامات الإستفهام على وجهها:الأمر الغريب أنا تلك المرأة والدة تلك الفتاة أخبرتني أن العائلة التي كانت تسكن هنا قبلنا غادرت هذا المنزل قبل أسبوعين،وقد مكثت في هذا المنزل أربع سنوات،ثم إنهم قد تربو وعاشوا تحت رعاية مالك هذا المنزل،وقد قام مالك هذا المنزل بطردهم بسبب أنهم رفضوا التوقيع على العقد.

سعد:عقد ماذا؟!.

مروى:عقد الإيجار.

سمعت ياسمين الحديث الذي دار بينهم فسألت وقد كسى الخوف قلبها:ماذا يا أمي..هل غادرت العائلة هذا المنزل قبل أسبوعين؟.

مروى:كيف لك التنصت إلى حديثنا؟.

ياسمين:كلا،ولكن الصوت يصل إلى الغرفة المجاورة بسهوله.

مروى:حقا؟.

دخل عليهم فاروق وقال ناعسا:أجل،فأنا لم أستطع النوم بسبب حديثكما.

مروى:أوه لم أكن أعلم أن صوتي عال لهذه الدرجه.

سعد:كلا،ليس صوتك هو العالي ولكن المنزل هو الضيق.

ياسمين خائفه:ردي علي يا أمي.

مروى:أجل يا ابنتي.

ياسمين:كيف ذلك،لقد كان المنزل بشعا عندما أتينا لتنظيفه.

مروى:أعلم،أنا أيضا مثلك.

ياسمين:كلا كلا هذا جنون،فقد كانت خيوط العناكب في كل مكان والتراب قد غط المكان لدرجة أن الضوء لم يكن يدخل من الزجاج إلا قليلا..

فاروق قاطعا:وأيضا غرفتي.

ياسمين:ما بها غرفتك؟.

فاروق:لقد أخبرتني أنها كانت قذرة جدا.

ياسمين:أجل،لقد كان فيها مشمعا قديما يملئه الدود الأبيض وعليه أحجار كبيرة موزعة على الغرفة كما لو أنه كان هنالك أناس يجلسون في تلك الغرفه.

صرخ فاروق خائفا وذهب إلى حضن أمه وهو يقول:كفى.

قالت الأم غاضبه:هذا يكفي،اذهبي إلى غرفتك.

ياسمين:لكن أمي..

مروى قاطعه:سنكمل حديثنا غدا صباحا.

ياسمين وهي تغادر الغرفه:حسنا سأذهب لكن اعلمي أنني سأنام وأنا خائفه.

مروى:لا بأس.

ثم نظرت إلى طفلها فاروق وقالت:هيا اذهب إلى غرفتك.

فاروق:كلا سأنام معك هذه الليله.

مروى:حسنا لا بأس.

وقبل النوم بثوان سألت مروى سعد بهدوء حتى لا يسمعهما فاروق:ما رأيك؟.

سعد:رأيي في ماذا؟.

مروى:لقد أخبرتني تلك المرأه والدة الفتاة أن المستئجر الذي لديها سيغادر الشقة بعد أيام وأنه من الأفضل لي الذهاب إلى هناك فهي أفضل حال من هذا المنزل،ها ما رأيك؟.

تنهد سعد وقال:لا،تلك المرأة لا تهتم إلا بمصلحتها ثم إننا منهكون فقد نقلنا للتو.

مروى:ماذا!ولكنها أخبرتني أنها ستجعل سكان الحارة يساعدوننا.

سعد:هي لا تريد انقطاع الإيجار الموصول لها بعد خروج المستئجر،ثم من قال لك أنها ستنفذ ما قالت لك؟.

ثم تنهد:نحن الضحية إذا نقلنا إلى شقتها.

مروى:معك حق،فهذا المنزل إيجاره أقل من ذلك المنزل،ثم إننا منهكون.

وانتهى الكلام هنا،وفي اليوم التالي والذي هو يوم الخميس ذهب سعد إلى مدرسته التي تقع في شارع الخمسين في حي الشباب فهو يديرها مع صديقه المقرب معتز الذي يسكن في شارع حده،وعندما عاد سعد إلى منزله نسي شراء العطر الخاص بالحمام فغضبت منه مروى قائلة:بالطبع تنسى لأنك أغلب الوقت خارجا.

سعد:إهدئي أرجوك.

مروى:كلا لم أعد أطيق هذه الرائحه.

فرك سعد شعره وقال:حسنا ءتفضلي هذا.

مروى:ماهذا؟!.

سعد:إنه مسك،ءأجل إنه مسكي الذي أتعطر به دائما.

مروى:حقا.

سعد:لم أعد أحتاجه خذيه.

مروى نادمه:لا،لن آخذه.

ثم تنبهت على شيئ وقالت:لقد أوحيت لي بفكره.

ثم أخذت مسكها القديم الذي مكث داخل حقيبتها أكثر من ٥ سنوات وكبت منه قليلا-فهو مركَّز-على حافة النافذه حيث يدخل التيار الهوائي فيبعث برائحة مقبوله.

مر ذلك اليوم على خير،لكن في المساء ليلة الجمعة لم يستطيعوا النوم فقد كان هناك أصوات غناء وألعاب ناريه كثيره كما لو أنه حفل زفاف كبير واستمر ذلك إلى الساعة١١:٤٨ تقريبا،وكلما نهضت العائلة لترى ألوان الألعاب النارية لا تجد سوى انعكاس ضوء تلك الألعاب على منزلهم.

في اليوم التالي وفي مسائه وبينما كانت ياسمين في الحمام وجدت حشرة كبيرة موجودة على سطح الحمام فصرخت بأعلى صوت لها وخرجت منه وذهبت إلى غرفتها تبكي من خوفها فنهض الأب ليرى ما حدث فلما وجد الحشرة أخذ حذائه وبدأ يرمي به حتى وقع ثم بدأ بضربه حتى تفتت لحمه وصار عصيرا ثم أمر زوجته بتنظيف وجره إلى مجاري الحمام ولما همت بفعل ذلك لم ترى شيئا فقالت:سعد،هل تخدعني؟.

سعد وهو في غرفته:كلا عزيزتي إنه أمامك.

مروى:ماذا!أنا لا أجده.

سعد:إبحثي عنه جيدا.

مروى في نفسها:يالها من مزحة سخيفه.

ثم تركت ما بيدها وذهبت ولما سألها:هل وجدته،هل نظفته؟.

مروى غير مباليه:أجــل.

وفي اليوم التالي وفي نفس تلك الساعه وُجِدت تلك الحشرة في نفس المكان ولكن كان الضحية سعد لكن سرعان ما قتلها ولما هم بتنظيفها إختفت،فخرج من الحمام شاحب الوجه وقال لزوجته:مروى.

مروى:ماذا،مابك؟إنك شاحب الوجه.

بلع ريقه ثم قال:هل أنتي متأكدة من أنك نظفتي الحشرة بالأمس؟.

مروى:لماذا؟.

سعد:لقد وجدت حشرة تشبه الحشرة التي قتلتها بالأمس،فقتلتها ولما هممت بتنظيفها اختفت.

مروى في نفسها:ماذا!إذا لم تكن مزحة سخيفة منه.

مروى:ءأنت متأكد.

سعد:أجل.

مروى:نفس الحادثة قد حدثت معي بالأمس،ولكني ظننتك تمزح معي لتخيفني.

سعد:كلا،لم أفعل ذلك.

ياسمين:أمي،هل سنذهب إلى المدرسة في الغد؟.

فاروق:أجل يا أمي هل سنذهب؟.

الأم:ءأجل،غدا سيأتي باص المدرسة لأخذكم،لكنه سينتظركم أمام الصيدلة التي بجاب مصنع المكرونه وما يجب علينا فعله الآن هو النوم مبكرا حتى نستطيع الذهاب إلى هناك قبل أن يأتي باص المدرسه.

وعندها ناما؛تكرر ظهور الحشرة في اليوم التالي في نفس المكان والزمان ولكن في يوم الثلاثاء لم تظهر فسأل سعد مروى:ترى لِمَ لم تظهر تلك الحشرة المخيفه؟.

مروى:لا أعلم.

ياسمين:هل تعتقدين يا أمي أن سبب ظهور الحشرة هو المسك؟.

مروى:ماذا!.

ياسمين: أجل ،ففي هذا اليوم قد أخفيت أنا وفاروق المسك عنك.

مروى غاضبه: كيف تجرآن على فعل ذلك؟فبسببكما كانت رائحة الحمام اليوم مؤذيه جدا.

ياسمين: لا تغضبي يا أمي،لكن الشيئ الإيجابي أنا تلك الحشرة لم تظهر.

فاروق:أجل أمي.

نظرت مروى إلى سعد وقالت: هل تعتقد أن...

ثم قطعت صوتها ونظرت إلى ياسمين وفاروق وقالت:حسنا اذهبا إلى غرفتكما الآن.

ولما ذهبا قالت مروى لسعد:يبدو أن هنالك جنيون يسكنون في الحمام.

ضحك سعد وقال: ماذا!هذه خرافه.

مروى غاضبه: كلا ،إن الجن يكرهون المسك.

سعد: ءاه عزيزتي أرجوك اهدئي.

وبدأ يسخر منها وبعدها ناما،مر بعد ذلك يومان وفي ساعة متأخرة من الليل حوالي الساعة ٢:٤٥ ليلا صرخ فاروق بأعلى صوت له فزعا من نومه وخرج من غرفته زحفا على بطنه بعد أن سيطر الخوف على جسده واتجه نحو غرفة والديه والعرق يتصبب من جميع أجزاء جسمه ووجه شاحب وعيناه أيضا شاحبتان،خرجت مروى من غرفتها خائفة على عنقودها الأخير بعد أن سمعت صوت صراخه العالي وحضنته وبدأت تطبطب على ظهره برفق وتسأله بحنان:إهدأ ما بك؟مالذي يجرى؟.

لم يرد بل ظل يشهق من خوفه ثم وقع في حضنها كمن أغمي عليه فحملته ووضعته بجانبها غلى السرير وبدأت تحاول إيقاظه فلم يستيقظ إلا بعد ساعتان بالتمام والكمال،فتح عيناه وبدأ يقلب نظره هنا وهناك ثم سألته والدته برفق وهي تحاول إخفاء دموعها:ما بك ياعزيزي أخبرني؟.

تذكر فاروق ماجرى معه فصرخ باكيا ورمى بنفسه في حضن والدته خائفا وبدأ يئن ويقول:كلا ابتعدي.

ضمته مروى إلى حضنها ونزلت دموعها على خدها خوفا على ولدها ثم نامت في مكانها وهي على حالها؛بعدما فاق فاروق من خوفه بدأ يحكي ما جرى معه لعائلته قائلا بصوته الخائف:لقد روادني كابوس مزعج إذ رأيت دمية عينها الأولى قد وقعت من جرها وعينها الأخرى في مكانها وكانت تقترب مني وتقول(ألم تقل لي بأنك ستبحث عني؟إذا لم تركتني،لم خدعتني،لم خالفت ما قلته؟،هيا ابحث عني وإلا سأظل ألاحقك إلى أن تجدني)وبدأت تقترب مني أكثر فأكثر،ثم..حدث ما حدث.

وبدأيئن ويمسح دموعه بذراعيه،هدئته الأم ومن ذلك اليوم صار ينام معها وصارت الغرفة مهجوره لمدة ٣ليال..وفي اليوم الرابع أتت امرأة ترعى أغنامها-في تلك الأضية الكبيرة والتي هي تبعا للمنزل التي تسكن فيه عائلة سعد-وسندت ظهرها على حديقة ذلك المنزل وكانت حينها تغني ثم توقفت عن الغناء وطرقت الباب وسألت ما إن كان بإمكان مروى أن تصنع لها مشروبا ساخنا فأجابت مروى:كلا،لا أستطسع،فالوقود-الغاز-على شرف الإنتهاء وكما تعلمين الوقود غال ونحن في حالة أزمه.

المرأ:نعم نعم فهمت،يبدو أن أزمة الوقود قد حلت على بيوت الخلق بأسرهم..حسنا هل بإمكانك أن تصنعي لي مشروبا باردا؟؟.

مروى:ماذا!حسنا لا بأس.

ثم أحضرت لها كوبا من عصير الليمون وجلست على عتبة الباب تنتظر كوبها،فلما انتهت المرأة من الشرب بدأت تلعب بالكوب وتتحدث:يبدو أنك مرتاحة بهذا المنزل لكنه ضيق من الداخل أليس كذلك؟.

مروى:أجل،أما بالنسبة للراحة فلا.

المرأة:ماذا!المرأة التي كانت تسكن قبلك هنا كانت سعيدة جدا.

ثم قلبت نظرها حول الحديفه وقالت:لم لا تزرعين هنا شيئا يفيدك؟.

مروى متأفئفه:ءاه لا تحاولي اسعادي بهذا المنزل الشبيه ببيت الأرانب.

المرأة متعجبه:بيت الأرانب!ههه لا تقولي هذ.

وواصلتا حديثهما ولما عاد سعد من عمله كان شاحب الوجه فسألته مروى عن سبب ذلك فقال:لقد رويت حلم فاروق على إمام المسجد ليفسرها لي.

مروى:وما كان تفسير الحلم؟.

سعد:ءاه لقد كان مخيفا بعض الشيئ بشعا،لقد قال لي أن الحلم كان تحذيرا من ساكنيه.

مروى:ماذا!.

سعد:أجل،وأضاف إلى ذلك أنه حدثت حادثة في هذا المنزل قبل حوالي ٣أسابيع،أي قبل مغاردة العائلة التي كانت تسكن هنا قبلنا بأسبوع واحد،وكان سبب مغادرتهم لهذا المنزل هي تلك الحادثه وليس بسبب شجار حدث بين الزوج وصاحب هذا المنزل.

مروى:لـ لكن ما تلك الحادثه؟.

سعد:لقد أخبرني أن الزوج ذهب بزوجته إلى المستشفى لتلد وترك ابنه الذي يبلغ من العمر عشر سنوات هنا في المنزل لوحده،وكان ذلك في الساعة الـ١٢:٣٠ ليلا،وقد قام الطفل بعمل شيئ آذى به الـ...جن.

مروى:ءه ماذا!الجن!.

سعد:أجل،فلقد سمع من زملائه في المدرسة أنه إذا قام بتفريغ دمية من حشوتها..ووضع بداخلها القليل من الأرز والأظافر والملح،ثم وضعها في الحمام داخل دلو فيه ماء ساخن،وقام بتسميتها،وطلب منها الإختباء وأنه سيبحث عنها وكرر عليها ذلك فستختفي حال خروجه من الحمام وعودته مرة أخرى،ولكن شرط أن يكون المنزل خال من وجود أحد غيره ويكون ذلك في الليل.

مروى:و..وماذا بعد...

سعد:وبعدها حدث ما حدث..اختفت الدميه ولم يستطع الطفل إيجادها لذا قامت الدمية بإيذاء الطفل وملاحقته واستمرت في ذلك إلى أن خرجوا من المنزل.

أدارت مروى وجهها وقالت:ءاه ياله من يوم مليئ بالمفاجئات.

سعد:ولقد أخبرني أيضا أن هذه كانت غرفة الطفل،لذا راود فاروق الحلم.

مروى:يا إلهي ما هذا،هيا بنا نذهب لم أعد أريد هذا المنزل.

سعد:وأنا أيضا.

مروى:ءه تذكرت،لقد أتت إلي صباح هذا اليوم امرأة ترعى أغنامها وأخبرتني أنه بعد مغادرة العائلة هذا المنزل بيوم واحد اندلعت النيران فيه ولم يعلموا حتى الآن سبب ذلك.

ثم قلبت نظرها حول الغرفة وقالت:ولكني لا أرى أثار الحريق على جدران المنزل.

سعد:وكان الحريق في ساعة متأخرة من الليل.

مروى:وما أدراك بذلك؟!.

سعد:أخبرني بذلك إمام المسجد،لقد قال لي أن سبب ذلك الحريق غضب الجن.

مروى:وكيف اكتشف ذلك؟.

سعد:لأنه خرج من منزله وأتى إلى هذا المكان ليساعد أهل هذه الحارة في اخماد الحريق،فقد مضى عليهم الكثير من الوقت وهم يحاولون اطفاء هذا الحريق،ولقد طلب منهم قول(بسم الله)قبل قذف الماء على النار ليعينهم الله على اطفائها،ولما فعلوا ذلك..وقبل وصول الماء على النار..انطفئت النيران وساد الخوف في قلوب أهل هذه الحاره.

مروى:ءءأقترح أن نترك هذا المنزل الآن.

سعد:أنا أوافقك الرأي أيضا،هيا فلنبدء بحزم امتعتنا.

وفعلا..نهضوا وحزموا امتعتهم،ولما هم سعد بالخروج ليحضر سيارة اجرة لتحمل امتعهم كانت المفاجئه؛علق الباب في ذلك الحين،وانغلقت النوافذ تلقاء نفسها-كان ذلك في الساعه الـ٧:١٠ مساء-وبدأ فاروق بالبكاء،وياسمين باللوم،ومروى بالتعصب،أما سعد فقد كان يصب غضبه على الباب والنوافذ ليكسرها،ولكن...لا جدوى من ذلك؛مر على ذلك أقل من نصف ساعه،وبدأت أعصابهم بالهدوء رويداً رويدا،ثم جلست العائلة مع بعضها البعض في غرفة واحده،وصار كل منهم يتمنى لو أن يعود إلى الماضي فلا يأتي إلى هذا المنزل،ولما خطرت في بال سعد فكرة الاتصال بشخص ما..اكتشف أنه لا تغطية في منزله فقالت مروى:إن أهل هذه الحارة خبثاء،لم لم يخبرونا أن هذا المنزل قد سكنه الجن قبل مجيئنا؟.

سعد:حتى صاحب هذا المنزل،إنه قاسٍ،لم أحضرنا إلى هنا؟لم لَمْ يخبرنا بما حدث؟آه ليتني ألتقي به فأضربه على أنفه ليأخذ مني درررسا.

نهضت ياسمين من مكانها وقالت والدموع تجري على خديها:كلا،أهل هذه الحارة ليس خبثاء،لقد كانوا يحذروننا من هذا المنزل بطريقة غير مباشره،لقد كانوا يروون لنا حكايات يحاولون بها أن يخيفونا من هذا المنزل،لكننا..سمعنا من هنا وأخرجنا الكلام من هنا.

مروى:ماذا!اهدئي..يبـ....

ياسمين قاطعه:أنا أيضا اخبرتكم بذلك لكنكم لم تستمعوا لي.

نظرت مروى إلى سعد وقالت:وأنا أيضا اخبرتك فسخرت مني.

سعد:ماذا!لكني حاولت قدر الامكان ألّا أخيفك.

مروى:حقا!!هِهْ.

واعرضت وجهها عنه؛ليت الحال استمر هكذا...كلا فلقد بدأت العائلة تسمع صوتا يقول:ابحث عني،وإلا سأظل ألاحقك إلى أن تجدني.

سعد:ءواو ما هذا الصوت؟هل سمعتم ما سمعته؟.

مروى:ءأجل.

فاروق باكيا:لااااااااا.

ياسمين:سأظل ابحث عنك إلى أن تجدني،همم أظن أنني سمعت هذه العبارة من قبل،ءه أجل حلم فاروق.

فاروق:ماذا!كلا أنا لم أفعل شيئا.

ياسمين:أجل،لم تفعل شيئا وإنما ذلك الفتى الأكبر منك بسنتين.

مروى:ماذا!هل تنصت علينا مرة أخرى؟.

ياسمين:كلا،وإنما صوتكما هو من أتى إلي.

مروى:هذا يعني أنك سمعت حديثنا من الألف إلى الياء!.

ياسمين:تقريبا.

سعد:هذا المنـ...

ثم قطع صوته صوت همس أعلى من سابقه يقول:ألم تجدني بعد؟.

فاروق:أمييييي.

ياسمين:سحقا،الصوت مرة اخرى.

سعد:يبدو أننا لن ننجو أبدا.

مروى:هذا فظيع.

ياسمين:ستظل تلاحقنا إلى أن نجدها.

سعد:أوحيتي لي بفكره،هيا فلنبحث عن الدميه.

مروى:هل جننت.

سعد:كلا،عندما نجدها نستطيع الخروج من هذا المنزل بعدها.

ياسمين:معك حق أبي.

فاروق:ماذا لو لم نجدها.

نهض سعد قائلا:كن متفائلا بني.

وفعلا بدؤا بالبحث؛سعد يبحث في غرفة نومه ومروى في غرفة فاروق وياسمين تبحث ما بين صالة المنزل الصغيرة وغرفتها والمطبخ أما فاروق فقد كان يمشي خلف أمه ولكن عندما أتاه.....دخل الحمام وقضى حاجته ولما هم بالخروج نظر إلى فتحة كانت على الأرض بحانب ماصورة تمتد إلى الأعلى قليلا فقال في نفسه:لعلها تكون هنا،سأطرح رأيي على أمي لتبحث هنا.

تقدم وأمسك بمقبض الباب ولكنه كان عالقا،عم الخوف صدر فاروق وظل يحاول فتح الباب بقوة وهو يصرخ خائفا:أمي أبي افتحا لي الباب،أختي هيا أرجوكم.

من خلف الباب قالت ياسمين:فاروق،مابك؟.

فاروق:افتح لي الباب لقد علق.

ياسمين:حسنا سأحاول.

بعد قليل:هل أنت متأكد من أنك قد فتحته من عندك؟أو أن خوفك قد أعماك.

فاروق:كلا كلا لقد فتحته أرجوك نادي أمي.

ولما حضرت أمسكت الباب وظلت تتحسه بيديها لعلها تجد سببا جعل الباب يعلق وتقول:فاروق هل أنت بخيـ...

فاروق:لاااااااا.

ياسمين:أظن أن الإجابة قد وصلت.

مروى:لا فاروق ما بك،أجبني،فاروق ماذا حصل.

فاروق:أمي أطلبي من أبي أن يكسر هذا الباب.

وبدأ يسعل:لم أحتمل هذه الرائحه.

مروى:لكن مابك تصرخ؟.

فاروق:لقد ظهرت الدمية مرة أخرى أمي أنقديني.

مروى:حسنا لا تتحرك سنكسر الباب الآن.

حاولت وحاول سعد كسره لكن جدوى فقد كان فاروق يصرخ كل دقيقتين وكانت الدمية تظهر أعلى سقف الحمام بالشكل الموصوف في الحلم وتهمس بصوتها الذي يشبه صوت الأفعى الفحيح:ابحث عني،سأظل ألاحقك إلى أن تجدني.

سندت العائلة ظهرها على باب الحمام وبدأ أملهم يخيب وكل منهم يقول في نفسه:سينتهي أمرنا هنا لا محاله.

أيضا فاروق فقد كان في نفس الحالة وأشد منهم رعبا فقد كان يعيش الواقع أكثر منهم ولكنه في الآونة الأخيرة تشجع وبدأ يبحث عن الدمية في الحمام بعد أن سمع هذه الكلمات من عائلته حيث بدأت أمه:فاروق..أنت الأقوى،هيا لا تخف،انهض وابحث عنها،أنت بطلنا،قد تكون عندك،هيا قد تكون منقذنا الصغير والبطل.

ياسمين:أحل فاروق،نحن نفخر بك جميعا.

سعد:بني،كن أقوى من والدك.

ياسمين:أنت بطل القصة،هيا انهض،لا تكن جبانا تصرخ بلا فائدة تجلس مكانك منتظرا المساعده،ساعد نفسك أنت الأقوى.

تشجع حينها ذلك الولد ذو النظارات،وبدأ يمد يده في تلك الحفرة-التي كان سيخبر والدته عنها-مترددا بعض الشيء،أدخل يده وتحسس يمينا وشمالا فشعر بشيئ ناعم الملمس يغطيه شيئ خشن يشبه الشعر الكثيف وهو ايضا دبق-لزج،صمغي-فأخرج يده سريعا وتراجع إلى الوراء سريعا حتى اصطدم بالباب ولما هم بالصراخ سمع صوت الماء ينزل من الصنبور-الحنفيه-قطرة قطره،فاقترب منها واثاره الفضول حينها كيف لذلك الماء ان ينزل قطرة قطره ترى مالخلل؟بدأ بهندستها ونسي ما قد شعر به قبل ثوان.

اما العائلة من خلف ذلك الباب كانت تعاني أكثر من فاروق،فقد خرجت المياه من تلك الفتحة الموجودة في المطبخ-مجارير المطبخ التي تاتي على هيئة فتخة صغيرة ينزل الماء فيها-والاكثر ترويعا ان المياه كانت تخرح نظيفة جدا ليس فيها ذرة تراب واحده،صرخت الام:سعد ماهذا؟.

سعد:لا ادري.

ياسمين:انها المياه،امي انظري انها ترتفع.

امسكت الام مقبض باب الحمام بقوة وظلت تحاول فتحها وهي تصرخ:بني ءأنت بخير؟فارووووق.

وانزلقت يدها عندما ارتفت المياه الى عنقعها،لم يبق سوى القليل ويمتلئ المكان كله بالماء،وتموت العائلة غرقا،وكانت حينها العائلة تطفو على الماء،قالت الام وانفها صارت قريبة من سقف المنزل:سعد،ماذا نفعل؟ولدي في الداخل.

ياسمين وحالها مثل حالة والدتها:أظنه بخير،انه لا يغرق مثلنا.

الام:وكيف علمت ذلك؟.

ياسمين:حاولي ان تدقق النظر الى اسفل بابا الحمام،ستلاحظين ان هواء يخرج من اسفله.

نظرت الام،ولكن المياه كانت تعيق نظرها والظلام ايضا،فقالت:لا ارى شيئا.

ياسمين:الا تشعرين بالفقاقيع.

الام:بلا،اشعر بها.

سعد:ماذا يعني ذلك؟انه زفيرنا.

ياسمين:كلا ابي،انه الهواء،وكما تعلم نحن لا نتنفس تحت الماء...

ثم قطع صوتها وصول الماء إلى فمها،لم يعد هنالك مكان فيه هواء،ذلك المنزل الصغير امتلئ بالماء وصارت العائلة تحاول إنقاذ بعضها لكن لا جدوى،الكل سقط بجثته في الماء بعد ما انتهى الاكسجين عليهم،أما مروى فقد سقطت بجثتها قرب باب الحمام تتلمس الباب وكل همها..كيف هو حال ولدها؟؟؟،أما فاروق فقد كان باله مشغول ويداه ايضا مشغولاتان فقد كان يعمل في ذلك الصنبور محاولا ايجاد سبب نزول الماء وفي الآونة الاخيرة سمع صوتا ياتي من تلك الفتحة قائلا:ألم تجدني بعد؟سأظل ألاحقك إلى أن تجدني.

خاف قليلا..لكنه اقترب من تلك الفتحة شجاعا،وأدخل يده فشعر بما شعر به سابقا ولكنه لم يتراجع بل أمسك بذلك الشيء بقوة وظل يشد به نحوه ليخرجه من تلك الفتحة ويرى ما ذلك الشيء،بالطبع..بذل جهدا واستغرق القليل من الوقت ولكنه واصل فعل ذلك حتى أخرجه ومع تلك القوة التي كان يبذلها..سقط على الارض مع ذلك الشيء الدبق ذو السائل الاسود الرمادي الذي يشبه سائل المجارير،نهض من على الارض وازاح ذلك الشيء عن جسده ومسح نظارته الملخطه ونظر قائلا:ماذا!دميه!.

كانت بالفعل تلك هي الدمية التي اخفاها ذلك الطفل،امسك بها فاروق وظل يقلبها بين ذراعين دون خوف او تَقَذّر ثم قال:والآن،ماذا سأفعل،ها قد وجدتها.

نظر الى الصنبور فوجده قد توقف ثم نظر الى الباب وقال:ترى..هل سيُفتح الباب؟.

ثم نهض ببطئ متجها نحو الباب وكله أمل على ان يفتح،توجه بخطواته البطيئة قلقا من ذلك وبيده تلك الدمية تسحب خلفه،أمسك بمقبض الباب قليلا ثم قال في نفسه:ارجو ذلكـ..

ولكن فُتح سريعا،فعم الفرح قلبه قليلا،خرج من الحمام ببطء فوجد والدته المبلله بالمياه نائمة امام الباب وشعرها الجميل حولها أيضا مبتل ووالده أيضا هناك مبتل وأخته أيضا والكل جالس نائم في مكان بعيد عن الاخر والأرض أيضا لم تسلم من ذلك،كل شيء مبلل،ترى مالذي حصل؟هذا ما كان يسئل به نفسه،وبعد ثوان بدأت ياسمين بالسعال،تقدم فاروق نحوها وظل ينظر إليها خائفا،فتحت ياسمين عينيها ببطء وكانت صورة فاروق بالنسبة لها غير واضحه فقالت وهي تظن انها في حلم:فاروق!.

ثم ابتسمت:لم لحقت بنا؟.

فاروق:ما بك ياسمين؟هل انتي بخير؟.

ياسمين:أين هي أمي؟.

نظر فاروق إلى والدته وبعد التفكير السريع علم أن والدته قد غرقت وتحتاج إلى من ينقذها،تقدم نحو والدته ووضع يده ما بين صدرها وبطنها وبدأ يضغط بلطف،أخيرا بدأت تسعل ونهضت بعد دقائق وقالت:فاروق!هل انا في حلم جميل.

ابتسم فاروق بعدما زال القلق وقال:كلا،لست كذلك.

مددت يدها لتلمس وجهه وتتأكد من ذلك،كانت قلقة من ان يصبح حلما فحسب..كانت ترجو من اعماق قلبها ان يكون ذلك حقيقة،لامست وجهه الملطخ بذلك الشيء الدبق وظلت تلمسه مرة تلو الاخرى لتتأكد من ذلك،وبعد ذلك توقفت قليلا ثم نهضت جالسة فجأة ورمت بفاروق الى حضنها المبتل وهي تبكي فرحة قائلة:بني أنت بخير الحمدلله.

ثم أزاحته عن حضنها بلطف ونظرت الى عينيه ثم الى وجهه الملطخ ثم قالت:ما هذا الذي على وجهك؟.

أشار فاروق الى الدمية ثم قال:لقد وجدت الدمية.

نظرت الام الى الدمية ثم ضمت فاروق مرة اخرى وقالت:انت بطلنا.

ثم نظرت الى سعد واقربت منه زحفا وفعلت معه ما فعل معها فاروق فلما استيقظ قال:مروى!أهذا أنتي؟.

ابتسمت ثم قالت:أجل.

سعد:هل كل العائلة بخير؟.

مروى:الحمد لله،كلنا بخير.

ثم نظرت إلى فاروق واكملت:لقد انقذنا بطلنا فاروق،لقد وجد الدميه.

سعد:الحمدلله.

ثم قال بعدما تنهد:تعال يا بني لأضمك.

ثم جلس بعدما كان نائما على ظهره وضم فاروق إلى صدره واقتربت ياسمين من حضن والدها وضمها أيضا وأكملت الأم النقصان في الضم، وبعد ذلك وضعت الأم قدمها على الدمية قائلة:أنت سبب كل ما حدث لنا.

وبعدها ركلتها بعيدا؛بعد ذلك خرجوا من المنزل ساليمن آمنين وأثناء مشيهم رن هاتف سعد فتعجب من ذلك قائلا:كيف له أن يرن وهو مبتل؟.

مروى:هذا غريب!يبدوا أن الماء قد أثر في ذلك فقط.

ياسمين:أمي أبي أنظرا الى المنزل،انه يبدو من الخارج وكأن شيئا لم يحدث،أليس هذا غريبا أيضا.

مروى:أجل يا ابنتي معك حق.

أجاب سعد على الاتصال قائلا:ألو..من معي؟.

الهاتف:أنا عمك يا هذا هل نسيتني ام أن الهاتف سرق؟.

أزاح سعد التلفون بعيدا عن أذنه وهمس لمروى:ألم تسجلي اسمه على قائمتي؟.

مروى:بلى فعلت ذلك.

أعاد سعد الهاتف الى مكانه وقال:آسف عمي.

العم:اسمع يا بني،افتح المكبر لتسمع عائلتك ما سأقوله فهنالك أمنية لزوجتك قد حققتها وأحب أن ألقيها على مسامعكم جميعا.

فعل ذلك فقال العم:لقد صادفت منزلا مستقلا ذا حديقة جميلة أليست هي أمنية زوجتك،وأعتقد أنه شعبي في الحقيقة لا أدري فأنا لم أزره بعد.

نظرت العائلة الى بعضها البعض لمدة ثوان ثم رمى سعد الهاتف على الارض وركض هاربا خلف عائلته التي ظلت تصرخ:لااااااااا.

وبعد ذهابهم انفجر ذلك المنزل بأكمله وحمدت العائلة الله أن عمها قال لهم ذلك الخبر ليركضوا هاربين مبتعدين عن المنزل وإلا لكانوا تأذو ولما همّ مالك المنزل بمطالبتهم صرخوا في وجهه قائلين:كدنا نموت في داخله.

ورو له ماحدث بالتفصيل فسكت بعدها وولى دبره وفي النهاية بني على تلك الارضية مصنعا للاسمنت وصار المكان آمنا.



ملا حظة..قصة خيالية فيها أجزاء من الواقع.



تاريخ الاصدار:2018/6/1.

من نسج خيال الكاتبه:فاطمه العقباوي.





الـB500 "قُــــــرص الـمـــوت"



الجزء الأول



في ذلك الصيف الحار،وفي تلك الأيام الحزينة،دخلت شهد التي تبلغ من العمر ١٦ عاما على والدها في مكتبه وجلست على الكرسي وقالت حزينه:أبي.

قال الأب وهو يمارس الكتابة في تلك الأوراق الكثيرة:ماذا؟أهناك مشكلة؟.

تنهدت شهد وقالت:سمعت بأنك تود أن تخطب زوجة عمي الميت،هل هذا صحيح أبي؟.

ترك الأب قلمه الذي في يده غضون ثوان وقال بعدما نظر إليها:أهذه هي المشكله؟.

شهد:ءٓ أجل،هي كذلك.

رتب الأوراق التي أمامه ثم قال:وهل هذا الشيء يزعجك؟.

شهد:أجل،إنه يزعحني كثيرا خاصة أن أمي قد توفيت خلال هذه الأيام ولم يمضي عليها سوى شهر واحد.

الأب بكل برود:وكم هو عدد أيام الشهر؟.

تعجبت شهد ثم قالت:هل تمزح معي أبي؟!.

الأب:كلا.

شهد:ثلاثين يوما.

الأب:وكم هو حِداد الناس عندما يموت أحد؟.

شهد:ثـَ ثلاثة أيام.

سند الأب رأسه على يديه وقال:وأنا أضفت إلى جانب الرقم ثلاثة صفر.

شهد وقد نهضت من مكانها:هل يعني أن الخبر الذي سمعته صحيح؟.

الأب:آه لا تغضبي.

ثم نظر إليها:اجلسي.

جلست ثم قالت:أجبني أبي..هل ما سمعته صحيح؟.

الأب:تقريبا،ثم إنه يجب عليك أن تسعدي لأن زوجة عمك الميت ستكون في أمان معي بدلا من أن تعيش أرملة وأنا أعيش بلا...

ضربت شهد المنضده بيديها ونهضت غاضبة وقالت:لا يجب على امرأة أن تحل مكان والدتي حتى لو كانت زوجة عمي الميت.

ثم تنهدت وقالت حزينه:يجب عليك أن تخجل من نفسك،لم يمضي على موت أمي سوى ثلاثين يوما،ماذا سيقول الناس عنك؟،سيظنون بأنك تكره أمي.

لم يتأثر الأب عند سماع هذا الكلام وظل ينظر إليها منتظرا أن تكمل كلامها فقالت:عليك ألّاّ تفعل ذلك.

الأب بملل وبرود:بلا..سأفعل.

نظرت إليه شهد بنظرة خائبة ودمعة حزينة ثم ركضت خارجة من مكتبه حزينة وأقفلت الباب خلفها ودخلت غرفتها وظلت تنظر من النافذة باكية ثم انطلقت إلى أخيها الذي يكبرها بسنتين-أحمد-وروت له ما حدث فقال غاضبا:كيف ذلك؟.

شهد بصوتها الهادئ:حاولت تغيير رأيه لكنه أبى.

أحمد:وهل حاولت تغيير رأي زوجة عمي الميت سهام؟.

شهد:كلا.

أحمد متحمسا:إذا اذهبي لعلكي تستطعين تغيير رأيها.

ذهبت شهد إلى منزل زوجة عمها الميت وقالت:عمتي،هل حقا ترغبين بالزواج من أبي؟.

نظرت إليها سهام ثم قالت بعد ثوان:أجل.

شهد حزينة:ولماذا؟.

سهام:هذا أفضل من أن أعيش بقية حياتي أرملة.

شهد:ولم لا تتزوجين برجل غير أبي؟.

تعجبت سهام من سؤالها وقالت:لا أظن أن أحدا غير والدك يرغب بالزواج بي،ثم إن والدك..شخص طيب وأظنه سعيد بذلك ولعله يرغب بالزواج بي لأني أخت زوجته وسأذكره بزوجته المتوفاه.

شهد:كلا،لا أظن ذلك.

سهام:في الحقيقة هو من قال ذلك.

شهد:ماذا!.

سهام:أجل،هو من قال ذلك،ولعل زواجنا ببعضنا البعض سيكون جيدا لنا،هو يذكرني بزوجي المتوفي وأنا أذكره بزوجته المتوفاه.

شهد:لكن كيف يطيب لك قلبك أن تتزوجي زوج أختك؟ألا يأنبك ضميرك؟لو كانت أمي هي من فعلت ذلك هل سيرضيك؟.

سكتت سهام بضع ثوان فقد كان سؤالها ذكيا جدا فقالت بعد تردد:سأفكر بهذا الأمر.

ثم نهضت وأمسكت بكتفي شهد وأدارتها ودفعتها نحو الباب وهي تقول:عليك الرحيل الآن.

ثم أخرجتها وأقفلت الباب وسندت ظهرها على الباب وقالت في نفسها:إني متردده!.

أما شهد فقد عادت أدراجها وأخبرت أخيها بما فعلت ثم ختمت:أظنها ستغير رأيها.

أحمد:وأنا أظن لا.

شهد:مالذي يجب علينا فعله إذا؟أنت تعلم أن أبي سيفعل ذلك سريعا.

أحمد:لن نسمح له.

شهد:ماذا!نحن!.

أحمد:أجل.

ثم جلس على سريره وأومأ برأسه فرك جبينه وقال:لا أدري كيف لن نسمح له بذلك،هل سنفسد الزفاف،أم نشوه سمعة كلا منهما عند الآخر،أم..أم ماذا؟.

جلست شهد بقربه وقالت:لا أظن ذلك،علينا أن نعلم أنه ليس بمقدورنا فعل شيء غير الإستسلام،وكل هذه الألاعيب لا أظنها ستنجح.

ثم تنهدت:ما رأيك أن نذهب لزيارة أمي حيث دفنت؟.

أحمد:لكني لا أريد الذهاب إلى هناك.

شهد:لماذا؟.

أحمد بعد ثوان:إنها تذكرني بالمآسي،لقد ماتت أمي في ذلك المنزل الذي استأجرناه لقضاء عطلة نصف السنه.

شهد:أول عطلة نفعل هذا وأول عطلة يحصل هذا،لم تمكث أمي في ذلك المنزل إلا خمسة أيام فقط ثم ماتت.

أحمد:أظنها قد تعبت من السفر،فذلك المنزل بعيد جدا،لكنه جميل لأنه يطل على غابة كبيرة وخضراء اللون.

شهد:ؤه لا ليس جميل إنه مخيف حيث لا يوجد فيه أناس.

أحمد:الناس هم المشكله،ذلك المنزل كان جميلا لولا وفاة أمي.

شهد وهي تروي ما حدث لوالدتها أثناء وصولهم لذلك المنزل:وصلنا إلى هناك وكانت أمي حينها مريضة جدا،وضعناها على سرير جميل وأعددنا لها الحساء ولكنها رفضت أكل أي شيء فقد كرهت أن تأكل ثم تتقيأ،ثم اشتد مرضها اليوم الثاني والثالث والرابع والخامس وبعدها ماتت.

ثم مسحت دموعها الساقطة من عينيها وقالت:لم تكن إجازة جميلة،تمنيت حينها لو أننا قضينا إجازتنا هنا،والأسوأ من هذا أننا قمنا بدفن أمي هناك.

أحمد:كنا مضطرين آنذاك،فلو لم ندفنها لتعفن جسدها،فلقد توفيت بالليل ولا يوجد مواصلات إلا ظهر اليوم التالي،لذا قمنا بدفنها هناك قرب البئر القديم.

شهد:هذا محزن.

ثم نهض من مكانه وقال:هيا فلنذهب لزيارتها ولنخبرها بما سيفعله والدنا.

نهضت شهد وقالت:هيا.

ثم ارتديا ملابسهما وكلا منهما لبس حقيبته الكبيرة وخرجا من المنزل دون علم أحد، ولما هما بشراء التذاكر لركوب القطار قال أحمد:هل لديك نقود؟.

شهد:أحل،ماذا تريد؟.

أحمد:لا شيء ولكن كنت أود أن أقول لو أن بإمكانك شراء التذاكر.

شهد بعصبيه:وأين هي نقودك؟.

فرك أحمد شعره وقال بخجل:في الحقيقةِ...

وقطع كلامه عندما أحس أن شهد تفتش حقيبته من خلفه ولما انتهت قالت:اشتريت بنقودك طعاما؟.

أحمد:أجل.

شهد:يالك من أحمق.

ثم أخرجت نقودها واشتريا تذاكر وركبا القطار ثم نزلا محطتهما وأكملا مسيرهما بركوب سيارة أجرة ونزلا في المكان المطلوب،وقفا قليلا ونظرا إلى المنزل ونزلت دمعة من دموع شهد الكثيرة ثم ذهبا إلى البئر القديم ووقفا قليلا ثم جلسا وظلت شهد تقول بينها وبين نفسها ظنا بأن والدتها تسمعها:أخبريني مالذي يجب علي أن أفعله؟أبي يريد أن يتزوج خالتي وهي لا تمانع،أخبريني ماذا أفعل؟.

أما أحمد:ماذا ماذا أقول؟أمي أبي يريد أن يتزوج هل نسمح له؟أعلم أنك لا توافقين هذا الرأي لكن ماذا سنفعل؟.

ثم انتهيا بعد حوالي ٤٠دقيقة وكان أحمد قد ملّ حينها ولما هما بالرجوع إلى منزلهما في المدينة قال أحمد وهو يتوجه نحو المنزل:ما رأيك أن نلقي نظره.

شهد:كلا،هيا فلنعد إلى المنزل،سيحل الظلام بعد قليل.

نظر أحمد إلى ساعته وقال:إنها الساعة الثالثة عصرا،هيا ما زال الوقت مبكرا،بقي أمامنا ثلاث ساعاتان.

شهد:ساعتك فارغه.

أحمد:حسنا انظري إلى ساعتك.

نظرت إلى ساعتها فوجدتها كذلك فلحقت بعده وهي غاضبة،دخلا بتردد ثم قال أحمدوهو يقلب نظره:مازال المكان كما تركناه.

شهد:أنت تعلم أمه لا أحد استأجر هذا المنزل من قبل غيرنا.

أحمد متظاهرا بالغباء:ولا حتى بعدنا؟!.

نظرت إليه شهد بسخرية ودخلت غرفة الجلوس وقالت:هل يوجد هنا كهرباء؟.

ثم مددت يدها إلى التلفاز لترى ذلك لكنها اكتشفت أنه لا يوجد كهرباء فقال أحمد:حمقى،لم وضعوا إذا تلفاز؟أليكون كالزهرية؟.

ضحكت شهد وقالت ساخره وهي تدفعه من خلفه ليخرج:هههه هيا يا ظريف فلنعد إلى المنزل.

دفعها أحمد بلطف وقال:نحن لم نلق نظرة على كل الغرف بعد؟.

شهد:وماذا سنستفيد من ذلك؟.

أحمد:نحلل النقود التي دفعناها.

شهد بضيق:آه نحلل.

اختبئت الصراصير حال دخولهما المطبخ فخافت من ذلك شهد فقال أحمد ضاحكا:إنها مجرد حشرات صغيرة لن تأكلك هيا ادخلي.

قال ذلك وهو يدخل المطبخ ثم فتح احدى دواليب المطبخ فرأى صراصير كثيرة ووقعت إحداها فوق يديه ففر هاربا فضحكت شهد وقالت:لن تأكلني ها.

وبعدها صعدا إلى العلية حيث غرفة والدتهما التي ماتت فيها،وقفا قليلا ونظرا إليها بحزن وربما بقليل من الخوف ثم تقدما بضع خطوات وظلت شهد تمسح سرير والدتهما بلطف ثم رمت بنفسها على السرير،نظر إليها أحمد بضع ثوان ثم ذهب إلى درج والدته وبالكاد فتحها ثم سعل قليلا بسبب الغبار الذي خرج وبعدها مدّ يده وبدأ يقلب ما فيها ليرى مالذي سيجده،وما بين تلك الأوراق والأشياء القديمة وجد خاتم أمه الذي أهداها إياها والده أثناء الخطوبةسأل أحمد:أهذا خاتم أمي أم أنه يتهيؤ لي؟.

نظرت إليه شهد وظلت تقلبه بين يديها ثم قرأت اسم والدها المكتوب داخل ذلك الخاتم فقالت:أجل،إنه خاتم أمي.

أحمد:ألم تعطيه أمي لأبي قبل وفاتها؟.

شهد:بلا.

أحمد:إذا لم هو هنا؟.

شهد:لا أعلم.

أحمد:قد يكون نسيه.

شهد بصوتها الباكي والغاضب والثائر على أحمد:كلا هو لم ينساه بل تركه،لو كان يحبها لما نسي شيئا كهذا.

أحمد:حسنا اهدئي.

هدئت شهد قليلا ثم جلست على السرير وقالت:أبي لا يحب أمي.

جلس أحمد بجانبها وقال:أمن أجل أنه نسي الخاتم تتهمينه بأنه لا يحب أمي؟.

شهد بصوت عال:قلت هو لم ينساه بل تركه.

أحمد:حسنا اهدئي.

شهد:كنت أشعر بذلك منذ صغري،هو لا يحب أمي أبدا،إنه يكرهها وقد يكون تزوج أمي رغما عنه.

أحمد:آ وما أدراك؟.

شهد:تأكدت من إحساسي هذا عندما سمعت عمتي رؤى تقول لابنتها الكبرى خوله أن خالها شفيق قد تزوج أمي رغما عنه فهو كان يريد سهام ولا يريد أمي ولكن خاله أرغمه على ذلك حيث قال أن الكبيرة للكبير والصغيرة للصغير،وأمي هي كانت الصغيرة وأبي الصغير.

ثم تنهدت:وتزوج أبي شفيق بأمي سمية وتزوج عمي الميت بسهام.

أحمد:واااو قصة جميلـ..

شهد قاطعة:أتكذبني؟.

أحمد مرتبكا:ء كلا كلا ولكن قصدت..

ثم غير من نبرة صوته الهادئ:لم لم تخبريني بهذه القصة من قبل؟.

قالت بنفس نبرته العالية:لأني حاولت أن أكذب هذا الأمر.

ثم قالت بصوت هادئ:أنت أيضا لو كنت سمعت هذا الكلام ورأيت كيف أن أبي يعامل أمي أمامنا لكذبت هذه القصة.

أحمد:لا،لم أكن لأكذبها.

نظرت إليه شهد بعجب وانتظرت منه أن يكمل كلامه فقال بعد ثوان وهو يداعب الأرض بنظراته:ذات مرة رأيت أمي تخرج من غرفتها باكية وذاهبة إلى حديقة المنزل بخطواتها السريعة فلحقتها بعد ذلك بدقائق ثم سألتها عن سبب ذلك فقالت لي أن عمتها قد وبختها على الهاتف،بالطبع كذبتها فقد قالت لي ذلك وهي مترددة وعرفت ذلك من نظرات عينيها السريعة والمتقلبه،بعدها صعدت إلى أبي ودخلت غرفته فوجدت جميع العطور قد كسرت وتلك الزينة المزودة برائحة طيبة قد جمعها أبي داخل كيس للقمامة فسألته متظاهرا بالغباء هل هذه كلها فاسده فقال بتعجرف كلا ولكني سئمت من هذه الروائح ولا أريدها أن تدخل غرفتي مرة أخرى.

ثم تنهد:ثم سألته أين هي والدتي فتغيرت معالم وجه الغاضب وقال لا أعلم.

نظرت إليه شهد بضع ثوان بعدما سكت ثم قالت بصوتها المتقاطع بسبب البكاء:هل أنت متأكد من ذلك؟.

نظر إليها أحمد بصمت وتعجب لنزول تلك الدموع الكثيرة فكررت:أجبني.

أعرض عنها بوجهه وقال:أجل.

نهضت شهد من مكانها وتوجهت نحو النافذة ببطء وأمسكت الستار وقالت في نفسها وهي تفتح الستار:هذا الظلام يزيد من كآبة الجـ...

ثم صرخت عاليا ووضعت يديها على فمها قلقة،نهض أحمد من مكانه سريعا وقلقا ووقف بقربها ونظر من النافذة وقال:حل الظلامـ..

وقطع كلامه عندما أمسكته شهد من رقبته وظلت تصرخ في وجهه:هذا كله بسبلك كيف سنعود الآن إلى المنزل؟ها أخبرني.

أمسكها بيدها وأبعدها عنه وقال وهو يخفي ورائه قلقه:سنجد الحل.

شهد غاضبة ومدركة غلطها بأن مددت يدها على أخيها الأكبر:ما هو الحل أخبرني؟.

تنهد أحمد ونظر من النافذة قليلا ووضع يده على النافذة وقال:يبدو المكان مخيفا.

نظرت شهد من النافذة قليلا ثم قالت بعد ثواني وبعدما لمحت شيئا:أحمد! انظر هناك.

أحمد:أين؟!.

شهد وهي تشير بإصبعها:هناك..انظر.

معّن أحمد النظر قليلا ثم قال:إنها..تبدو وكأنها أشياء..تتحرك.

شهد وعلامات الخوف واضحة على ملامح وجهها:إنهم أناس.

أحمد:ماذا!،انظري إنهم قادمون إلى هنا.

شهد:مالذي سنفعله؟قد يكونون لصوص أو قطّاع طرق.

أحمد:لنختبئ إلى أن نعرف هويّتهم.

ثم اختبئا بعدها؛طرقوا الباب أولئك الأشخاص الخمسة وبعد عدة مرات جرّبوا فتح الباب فوجدوه مفتوحا فدخلوا بعدما نادى أحدهم:هل من أحد هنا؟.

ثم نظر إلى أصدقائه وقال:لا يوجد أحد ما رأيكم أن ندخل؟.

قالت صابرين-هي من ضمن الأشخاص الخمسه-:ءأنت متأكد؟.

رائد:أجل.

صابرين وهي تهم بالدخول:هيا إذن.

وبعدما دخلوا وبينما هم يقلبون نظرهم قالت صابرين:يبدوا هذا المكان مهجورا.

ثم جلست على الأريكة وقالت بعدما تنهدت من التعب:هذا جيد،لنرتح قليلا.

ثم تمددت وغطّت عينيها بسترتها التي كانت ترتديها،وجلس رائد على الأريكة الأخرى بعد أنار فانوسهم الذي أتو به معهم ووضعه على الطاوله وجلس بجانبه فواز وقد كان أكثرهم إنهاكا وجلستا علياء وهدى على الأريكة الأخرى؛بينما كان أحمد وشهد يتحدّثان هامسان في مخبئهما حيث بدأت شهد قائلة:هل تظن بأنهم عصابه؟.

أحمد بهمس:أظن ذلك،انظري إلى كرشي ذلك الرجلين وإلى ملابس تلك النساء الثلاث،ملابسهن تدعو للريبة.

شهد بهمس أيضا:معك حق،أيضا إلى تسريحة شعرهم والألوان التي على وجوههم.

أحمد:هل تظنين بأنهم يتنكرون؟.

شهد:قد يكون كذلك.

وبينما أولئك الأشخاص يسترخون سعل فواز وشعر بدوار ثم نهض من مكانه وسئله رائد:إلى أين أنت ذاهب؟.

سعل مرة أخرى ونظر إليه ثم واصل مسيره دون أن يرد عليه،وبعد دقائق عاد واسترخى في مكانه وسألت علياء بعد قليل:ترى هل يوجد هنا طعام؟إني أشعر بالجوع.

هدى:وأنا أيضا.

رائد:فواز..مارأيك أن تذهب وتبحث لنا عن شيء نأكله.

نظر إليه فواز وقال:وأين أبحث لكم عن شيء لتأكلوه؟.

رائد:فيـ...

وقطع كلامه عندما سمعوا صوت حسيس يأتي من العلية،نهضت صابرين من مكانه ووقفت خائفة ونهض الجميع من مكانهم مذعورين موجهين نظرهم إلى السلالم التي تؤدي إلى العلية،قالت صابرين:من هناك؟أظهر نفسك؟.

ثم أخرجت مسدسها الصغير وقالت:أظهر نفسك وإلا أطلقت النار.

قالت شهد لأحمد ودموع الخوف على عينيها:ماذا نفعل؟.

أحمد:أنت السبب في ذلك.

شهد:ليس وقت التأنيب الآن،كان حادثا،ألا تعلم أن الصرصار قد مر بجانبي وهي يتجه الآن نحوك؟.

نهض أحمد من مكانه سريعا وقال:ماذا!صرصار!.

شهد:أجـ...

وقطع كلامها نداء صابرين:ألم تظروا بعد؟.

ظهر أحمد بعدها بثوان وبتردد وقد أخفى معالم الخوف التي على وجهه وصار ينزل على ذلك السلم خطوة بخطوة وببرود تام وشهد محتمية بظهره،نظرت إليه صابرين ثم أنزلت مسدسها الصغير وقالت وقد ارتاح بالها:من أنت؟هل أنت وحدك؟.

أحمد:كلا.

عاد الخوف إلى صابرين ورفعت مسدسها الصغير ولكن سرعان ما أنزلته عندما رأت شهد وقالت:معك فتاة إذا.

أحمد:أجل إنها أختي.

ثم نظر إلى من خلفها وقال:من أنت ومن هؤلاء؟.

صابرين:ما رأيك أن تجلس ونتحدث فيما بيننا؟.

أحمد:لا..إني أخشاكم،قد تكونون عصابة.

قهقهت صابرين ثم قالت:كلا..لسنا كذلك،إنما نحن فرقة موسيقيه وقد أتينا إلى هنا لأن سيارتنا تعطلت وحل الليل علينا.

قالت شهد بتردد:حقا!.

صابرين:أجل،أخبراني..هل هذا منزلكما؟.

أحمد:كلا،لكننا استأجرناه لقضاء عطلة نصف السنة هنا.

صابرين:لكنها انتهت على ما أظن.

أحمد:أعلم ذلك.

صابرين:على العموم نحن نعتذر لدخول منزلكما دون إذن فقد كان الباب مفتوحا.

أحمد:لا بأس.

ثم جلس على احدى الأرائك وجلست بجانبه شهد وهي ممسكة بذراعه خائفة وجلست صابرين مكانها وقالت:حسنا ما هو اسمكما؟.

أحمد:أنا أحمد وهذه أختي شهد.

صابرين:سررت بمعرفتكم،أما أنا فإسمي هو صابرين وهتان زميلتاي علياء وهدى ونحن نجمات هذه الفرقة،أما هذان فهما زملاء لنا في الفرقة أيضا وهما أهم عضويين في الفرقة،هذا فواز وهذا أخوه رائد.

أحمد:هذا جميل.

صابرين:بقيا هنالك ثلاثة غيرنا هم أسامه وأكرم وأسماء.

ثم تغيرت نبرة صوتها المزعج إلى صوت هادئ:اختفى أسامه أثناء استراحتنا ولا نعلم أين هو الآن،أما أكرم وأسماء فقد ذهبا للبحث عن مساعدة فأنتم تعلمون أن لا تغطية في هذا المكان وعندما حل الليل قررنا البحث لعلنا نجد مأوى نأوي إليه وها نحن الآن هنا.

شهد بعد تردد:يا لها من قصة.

أحمد:ألم تبحثوا عن صديقكم أسامه؟.

هدى:بلا بحثنا.

علياء:ولكننا لم نجده.

رائد موجها كلامه لعلياء:أظنه تعمد الإختفاء.

صرخت هدى في وجهه قائله:لا تقل ذلك عنه.

ضحك رائد ثم قال:ألأنه خاطبك؟.

احمرتا وجنتيها وقالت:كلا..ليس لأجل ذلك.

ابتسمت علياء ثم قالت:لا تخفي عنا هذا الأمر.

أعرضت هدى عنها وظلت صامته فسألت صابرين موجهة كلامها لأحمد:وأنتما أين هما والدكما؟.

نظر أحمد إلى شهد وكلا منهما نظر إلى الآخر بضع ثوان ثم قال أحمد:لقد أتينا إلى هنا بمفردنا.

صابرين:ألا تخافا؟إن المنزل وهو في هذا المكان مخيف.

أحمد:نحن لم نتعمد المكوث هنا ولكن أخذنا الوقت ونحن نتحدث، أتينا إلى هنا لزيارة أمي فقد دفنت بالقرب من هنا.

وبينما أحمد يروي القصة نظرت شهد إلى فواز وكانت تسأل نفسها:ترى لم ذلك الرجل لا يتحدث مثل بيقة زملائه؟يبدو أنه ليس مستمتعا بذلك.

ثم تنبهت على شيء حين رأت أن فواز يرمش بعينيه ببطء وهو نائم على ظهره وأنفاسه تتوالى بصمت،تركت ذراع أخيها ببطء وظلت تمعّن النظر ثم همست مع نفسها:حالته تشبه حالة أمي.

سمع أحمد همسها فقال:ماذا!.

نظرت إليه وتعجبت من سماعه لهمسها فأشارت بيدها إلى فواز وقالت بقلق:انظر.

نظر أحمد إلى فواز ثم بدأ يتخيل صورة والدته مكانه فقال:ماهذا!.

شهد:إن أعراضه تشبه أعراض والدتي قبل وفاتها.

ابتسمت صابرين وقالت:لا تقلقا عليه،إنه ذو جسد قوي ولن يصيبه مكروه.

علياء:ثم إنه قد بذل جهدا وهو يعمل في إنجاح عرضنا.

صابرين موجهة كلامها لعلياء:أجل،فلقد ذهبنا لأداء عرض بطلب من احدى المدارس.

هدى ردا على كلام صابرين:لقد كان عملا شاقا وزاد فوق ذلك أن المكان بعيد جدا.

علياء حزينه:أخشى ألاّ يجدا أكرم وأسماء المساعدة فلا نعود إلى المنزل ونخسر عرضنا.

رائد وهو يعبث بالهاتف:لو كان لدي تغطية لاتصلت بالمدير وأخبرته أننا لن نأتي غدا.

صابرين ساخرة:بل لو كان لديك تغطية لطلبنا المساعدة يا ذكي.

قطعت شهد حديثهم الجميل وقالت:أظن أن حالة زميلكم فواز ليست جيدة.

رائد بسخريه:وما أدراك!.

لما همت شهد بالنهوض أمسكها أحمد بيدها ثم أفلتها بعد ثوان فقد كان قلقا من ذهابها،وضعت شهد يدها على قلب فواز فوجدت أن قلبه ينبض ببطء مثلما كان يفعل قلب والدتها قبل وفاتها فقالت موجهة كلامها لأحمد:إن قلبه ينبض ببطء.

تقدم أحمد وتفحص ذلك فسأل زملاء فواز:هل هو يتعب هكذا دائما؟.

صابرين:كلا.

أحمد:ولا حتى عندما يسافر؟.

صابرين:كلا،إنه يحب السفر لكنه دائما ما يشعر بالصداع.

أحمد:وهل يتناول الحبوب المهدئه؟.

صابرين:أجل،ولكن هذه المرة نفذت منه الحبوب..وأظن أن صداع رأسه هو من جعله يتعب هكذا.

علياء:ألديكم حبوب مهدئة هنا؟.

نظر أحمد إلى شهد وقال:ألدينا يا شهد؟.

شهد وهي تحاول التذكر:سأتفقد صندوق الصيدلة الصغير الموجود في نهاية هذا الممر.

ثم ذهبت وأتت بشريط من الحبوب وقدمته لأحمد فاستلمه وقال:ما هذا؟!.

شهد:لا أدري،وجدته في صندوق الصيدلية الصغير.

نظر أحمد إلى شريط الحبوب قليلا ثم قال:هنالك قُرصان قد استعملا.

شهد:أعلم،ولكني لا أعلم من استعملها.

أحمد:قد يكون منتهياً.

ثم اقترب من الفانوس ليرى تاريخ الإنتهاء واقتربت صابرين أيضا فقد أثارها الفضول ولما رأت الشريط قالت:كأني رأيت هذا الشريط من قبل.

نظر رائد ثم قال:وأنا أيضا.

أحمد متسائلا:أين رأيتماه.

نظرت علياء ثم قالت:انظرى يا هدى.

نظرت هدى ثم نهضت فجأة من مكانها ودفعت بالشريط بعيدا ووضعت يدها على فمها وتغلغلت عينيها؛غضبت صابرين من فعلها فنهضت وقالت غاضبة:مالذي فعلته؟.

أمسك أحمد بيده متألما وقال مبتسما:لا بأس.

قالت علياء غاضبة:ما بك هدى؟.

نظرت هدى إلى فواز برعب ثم اندفعت نحوه وسألته وهي تهزه من رقبته بقوة:لا تقل لي بأنك تناولت من هذا الدواء.

تابع القصه:



الـB500 "قُـــــــرص الـمـــوت"



الجزء الثاني والأخير.



نظرت هدى إلى فواز برعب ثم اندفعت نحوه وسألته وهي تهزه من رقبته بقوة:لا تقل لي بأنك تناولت من هذا الدواء.

فتح عينيه ببطء وقال بحروف بطيئة:بلا..تناولتُ..واحده.

توقفت هدى وظل الجميع ينظر إليها متعحبا من تصرفاتها،سألت هدى بصوت حزين وباكٍ:لم؟لم فعلت ذلك؟.

قال بنفس حالته السابقه:لم..أستطع..تحمل..الصداع..ففعلت..ذلك.

هدى:ألم تقرأ الشريط قبل فعلك لذلك؟.

هز برأسه موحيا لها بـ"لا" فقط..كل همه هو كيف يتخلص من ذلك الصداع المؤلم،نظرت إليه بضع ثوان وهي تبكي ثم نهضت وأمسكت بذلك الشريط وأخفته في حقيبتها ونظرت إلى زملائها وقالت بصوتها العالي والباكي :هل نسيتم أن هذا الدواء يحتوي على فيروس قاتل؟.

نظر الزملا ء إليها ثم إلى ذلك الشريط ثم إلى فواز وكلهم قد وضعوا أكفهم على أفواههم،واصلت هدى كلامها بعدما أومأت برأسها:إذا تناول منه شخص ما فإنه يموت بعد ذلك بخمسة أيام.

صابرين وكان يبدو على وجهها علامات الهلع:ءه تذكرت..هذا الدواء يدعى"بارستيامول".

وأكملت علياء:ومكتوب على نصف الحبةالسفلي"B500".

كل ما كان على أحمد وشهد هو أن تتبادل نظراتهم ما بين الحين والآخر،سئلت علياء موجة سؤالها لزملائها:مالذي يجب علينا فعله الآن؟.

هدى ردا على سؤالها:تحقيق أمانيه قبل وفاته.

وقفت صابرين أمام فواز وقالت موجهة كلامها لزملائها:فواز ميت لا محاله.

هدى:سيء.

سألت شهد مقاطعة لكلامهم المتبادل:لكن هدى،كيف علمت بأمر ذلك الدواء؟.

اقتربت منها هدى وقالت:ألا تتابعين كل جديد على شبكة الإنترنت؟.

شهد:كلا.

أحمد:في الحقيقة نحن نتواصل عبر الواتساب فقط،وليس لنا حرية التجوال.

تتدخلت علياء في قولها:هذا الدواء يصدر من أمريكا عبر الأردن إلى سوريا.

ثم أشارت بيدها:هنا.

اقترب منهن رائد وقال موجها كلامه لأحمد وشهد:كيف وصل هذا الدواء إلى منزلكم؟.

سمعت ذلك صابرين فتدخلت بقولها:أجل،أظن أن حالة زميلنا فواز ستكون مسؤليتكما.

تقشر جسد كل منهما ثم قال أحمد:نحن لا نعلم كيف وصل هذا الدواء إلى هنا.

شهد:ثم إننا لم نمكث في هذا المنزل سوى خمسة أيام فقط.

أمسكت صابرين أحمد من رقبته بملابسه وقالت وكان صوتها يشبه صوت الحية الفحيح:لا تكذب علي.

أحمد:أنا لا أكذب.

رائد بصوته الحاد:من جلبه إلى هنا إذا؟.

شهد:لا أعلم.

هدى:اهدءا،قد لا يكون لهما يد في ذلك.

نظرت إليها صابرين ثم قالت:كل شيء واضح.

هدى:لا تلقي التهمة عليهما لأنهما استأجرا هذا المنزل.

علياء:كلام زميلتكم صحيح،كان علينا شكرهما بدلا من إلقاء التهمة عليهما دون أي دليل.

ثم تنبهت صابرين على شيء وأخذت الشريط من حقيبة هدى وقالت وهي تقلبه بين يديها:زميلنا فواز لم يستعمل سوى قرص واحد..ترى من استعمل القرص الآخر؟.

اقتربت منها هدى بخطوات سريعة وقالت:يا إلهي هذا مروع.

سأل رائد شهد:مالذي كان بحانب هذا الشريط؟ألم تجدي شيئا؟.

شهد:لم أجد شيئا،كل ما كنت أشعر به هو كومة من الأكياس.

رائد:ألم تري شيئا آخر؟.

شهد:كلا،كان المكان مظلما ولم آخذ معي مصباحا.

صابرين موجهة كلامها لرائد:ما رأيك أن نذهب ونرى ما بداخل تلك الصيدلية الصغيرة؟.

أخذ رائد الفانوس وقال وهو يتوجه نحو تلك الصيدلية:هيا،لكن أين هي؟.

ثم نظر إلى شهد وقال:دلينا عليها.

ولما دلتهم على الصيدلية وقف رائد قليلا ينظر إليها ثم قال وهو يفتح بابها المكسور:تبدو قديمة جدا.

صابرين:توخ الحذر،قد يصيبك زجاجها المكسور.

فتح بابها بحذر ثم قال:يملئها أكياس كثيرة.

ثم بدأ يقلب ما بها ويرمي الأكياس على الأرض وبينما هو كذلك سمع صوتا صلبا صغيرا قد وقع مع تلك الأكياس فمال وبدأ يبحث عن ذلك فوجد خاتما رجالياً عليه فص لمّاع لونه أزرق فقال:ما هذا.. خاتم؟.

فاجأته صابرين بقولها:لا تلمسه بيدك قد تكون هنالك بصمات.

رائد:لامسته وانتهى الأمر.

ثم بدأ يقلبه ويقول:ترى..لمن هذا الخاتم؟.

ثم نظر إلى أحمد وشهد وقال:هل تعرفان لمن يعود هذا الخاتم؟.

وقدّمه إليهما فاستلمه أحمد وظل ينظر إليه ويقول في نفسه:هذا الخاتم إنهُ..إنهُ..

ثم قرأ ما بداخل الخاتم فوجد اسم والدته مكتوب فيه فقال متنبها:أجـ-أقصد لا.

نظر إليه رائد وقال:مالذي تقصده بـ لا؟.

ثم سلّم أحمد الخاتم لشهد وقال:انظري.

وأشار إليها مكان النظر دون أن يشعر بذلك الزملاء،نظرت شهد وشحب وجهها ووضعت يدها على فهما ورمت بالخاتم أرضا وفرت هاربة وجلست على تلك الأريكة تبكي،أمسك رائد بيد أحمد وسأل غاضبا:أخبرني..لمن يعود هذا الخاتم؟.

تردد أحمد بالجواب ولكنه استسلم قائلا:إنه يعود لأبي.

دفعه رائد بقوة حتى اصطدم بالأرض وقال ثائرا:كنت أعلم أن لكما يد في ذلك.

نهض أحمد بصعوبة وقال وهو يمسك برأسه:ما ذنبنا إن كان زميلكم لم يقرأ الشريط قبل تناوله للقرص؟.

صرخ رائد:ستخبركم الشرطة ما هو ذنبكم.

ثم أمسك به وجعله ينهض ولوى يديه خلف ظهره وقال:أنت غريمنا إلى نلقى والدك.

تدخلت صابرين بقولها:أو إلى أن نأخذ حقنا عن طريق الشرطة.

نظر إليها رائد وقال:اذهبي إلى شهد حتى لا تفر هاربة.

نظرت صابرين إلى هدى وعلياء فذهبتا ووقفتا أمام شهد قليلا فنهضت شهد من مكانها وأومأت برأسها حزينة فأمسكت بيدها علياء بعنف ولوتها خلف ظهرها وقالت:يجب أن تعاقبي على فعلتك.

شهد:ولكن مالذي فعلته؟.

صرخت هدى في وجهها باكية وبصوتها المتخلخل:أتسألين مالذي فعلته؟،لقد قتلت زميلنا.

ثم قيدوهما ووضعوهما بجانب تلك السلالم وأكمل رائد بحثه في صندوق الصيدلية الصغيرة ولم يجد فيها سوى أكياس متراكمة حتى أنه لم يجد غلاف ذلك الشريط؛نام الزملاء بجانب زميلهم فواز الذي يخطو خطواته إلى طريق الموت ونام أحمد وشهد بجانب بعضهما وهما مقيّدان وكان يهمسان مع بعضهم حيث بدأ أحمد وكان كلامهم كله مكسو بالحزن والأسى:هل تظنين بأن أبي قد فعل ذلك؟.

تنهدت شهد:بالطبع،كل شيء واضح..القرص الآخر المفقود وخاتم أبي الموجود.. وخاتم أمي الذي في الدرج..كل الدلالات تشير بأن أبي فعلها.

أحمد:ليتني متّ قبل سماعي هذا الكلام.

شهد:وأنا أيضا،لا أصدق بأن أمي ماتت قتلا وأبي هو قاتلها.

أحمد:أعطاها القرص لتتناوله بعدما أوهمها بأنه قرص يزيل الشعور بالغثيان أثناء السفر.

شهد:وأظهر لها حبه في ذلك الحين لتصدقه.

أحمد:ولأن قلب أمي طيب تناولته وابتسمت له.

شهد:وبعد ذلك مرضت أمي وكانت أعراضها مشابهة لأعراض فواز.

نظر أحمد إلى فواز وقال:مسكين فواز..لو أنه قرأ الشريط قبل تناوله للقرص لما حدث ما حدث.

شهد:ولو كانت أمي فعلت ذلك لما حدث لها ما حدث.

أحمد:كلا،فأمي لم تكن تعلم بأمر هذا الشريط.

شهد:نسيت ذلك.

ثم تنهدت:نحن الآن مقيدان بسبب أبي.

أحمد:بعدما نتحرر من هؤلاء نذهب إلى الشرطة ونبلغهم بما فعله أبي.

شهد:ولكن أين الدليل على ذلك؟.

أحمد:قال رائد أنه لم يجد غلاف الشريط في صندوق الصيدلية الصغير..ومما لا شك أن الغلاف في حوزة أبي.

شهد:أتمنى ذلك..ما رأيك أن نحاول فك القيود والفرار؟.

أحمد:كلا،ألم تسمعي ما قالته صابرين؟إن حاولنا الفرار فستطلق النار بلا أية مبالاه.

شهد:ؤه نسيت ذلكـ..

وقطع كلامها قول صابرين:أسكتا،صوت همسكما هذا يزعجني.

ثم ناما بعدها ولكن سرعان ما بزغت الشمس وسطع نور الفجر وبدأت العصافير بالزقزقة ولم ينهضوا بعد بل ظلوا نائمين إلى قبيل العصر بقليل ولولا زقزقة عصافير بطنهم الصغيرة لما استيقظوا وصاروا يبحثون عن طعام،فشاركهم أحمد بما لديه من طعام داخل حقيبته،هم لم يأتمنوه في البداية لكن سرعان ما مدّوا أيديهم ليأكلوا؛بعد ذلك خرجوا من المنزل وحملوا معهم زميلهم المريض وذهبوا إلى سيارتهم المعطلة وهنالك اتفقوا على أن تذهب علياء وصابرين من جهة للبحث عن أسامة وأكرم وأسماء فقالت هدى:كلا..أنا من سيذهب.

أعطتها علياء ضربة خفيفة على كتفها وقالت:ءاه لتبحثي عن خاطبك.

دفعتها هدى وقالت:كلا،ولكني أريد الإطمئنان عليه،غيابه هكذا أثار في القلق.

نظرت إليها علياء نظرة سخرية فأعرضت هدى عنها فقالت صابرين:حسنا حسنا،فلتذهب هدى معي ولتبقى علياء هنا بجانب زميلنا فواز والغريمة شهد،أما أحمد سنفك قيود ليبحث مع رائد في الناحية الأخرى.

فزعت علياء وجلست بجانب فواز وشهد وقالت:أجل،كلام سليم.

هدى:في الحقيقة أنت خائفة وإلا لما وافقتي على بقائك هنا.

علياء:كلا.

صابرين مزاحا:حسنا اذهبي أنتي وهدى وأنا من سبيقى هنا.

علياء:كلا كلا إذا ذهبت أنا وهدى فـ..

قطعت صابرين:لا تبرري.

نظر رائد إلى أحمد غاضبا وقال:وإن فررت هاربا..فلا ضمان لحياة أختك.

فرك أحمد شعره وقال قلقا:لن أفر منك.

نظر رائد إليه نظرة ساخنة ثم ذهب في طريقه ولحق بعده أحمد،وذهبتا صابرين وهدى من الناحية الأخرى،وجلست علياء وشهد داخل تلك السيارة المعطلة في الخانة الأولى مكان السواق ونام فواز في الخانة الثانية،نظرت علياء إلى فواز وقالت بحزن:زميلنا المسكين.

ثم أخذت طعامه وقالت:تناول هذا.

فتح عينيه ببطء وصار يومض ببطء ويقول أيضا ببطء:أخشى..أن..أتقيأ.

أومأت علياء برأسها ثم قالت محدثة نفسها بصوت مسموع:أهم عضو في فرقتنا يعاني سكرات موته.

ثم نظرت إلى شهد فوجدتها تبكي وتمسح دموعها فقالت:ما بك؟.

شهد بعد ثوان:إنه يذكرني بسكرات موت والدتي.

أومأت علياء برأسها قليلا ثم قالت:لكن كيف تناولت والدتك ذلك الدواء؟.

شهد بعد ثوان:والدي من فعل ذلك،هو من أعطاها ذلك القرص لتتناوله بعدما أوهمها أنه يخفف من الغثيان.

شهد:والدك!لكن لم فعل ذلك؟.

شهد:لأنه يكرهها..فقد تزوجها رغما عنه.

ثم نظرت إلى فواز وقالت:ومضات عينيه البطيئة وكلامه البطيء،كل تلك الأعراض تشبه أعراض والدتي.

ثم تنهدت:تلك الفيروسات تنهش في روحهه ببطء ليموت.

ثم أكملت بعد ثوان:عندما وصلنا إلى المنزل وضعنا أمي على سريرها لترتاح من السفر وظننا أنها قد تعبت من ذلك ولم نكن نعلم أن نية والدي خبيثه،كانت أمي تعاني عناء شديدا،تومض عيناها ببطء وتتكلم ببطء وتظل مغمضة لعينيها ولا تفتحها إلا عندما يكلمها أحد،وترفض الطعام خيشة أن تتقيأ،ظلت هكذا لمدة خمسة أيام وماتت في تلك الثانية دون أن يشعر بها أحد وكان ذلك الوقت ليلا ولم يكن هنالك مواصلات إلا ظهر اليوم الثاني،لذا قمنا بدفنها قبل أن يتعفن جسدها وتتأذى أمى بذلك،لو كنت أعلم أنا وأخي أن تلك الأيام هي آخر أيام حياة أمي لحققنا لها آخر أمنياتها.

تعصبت علياء تعصبا حزينا وقالت:أولئك الأوغاد،لم يفعلون بنا هذا نحن السوريون؟لم يكرهوننا؟ألا يكفيهم قتلنا بأسلحتهم الجبارة وطلاقات نيرانهم الغداره؟لم يفعلون بنا ذلك؟هل يستمتعون برؤيتنا ونحن ننازع سكرات موتنا لخمسة أيام!.

شهد:يبدو كذلك،سئموا من رؤية موتانا يموتون سريعا دون ألم فاخترعوا هذه الأقراص ليشعر بألم الموت وسكراتها القاسية التي تسير داخل جسده وتنتشر بين أعضائه.

علياء:أفهم من قصة والدتك أنك أنت وأحمد ليس لديكما يد في موت زميلنا.

شهد:أجل،ليس لدينايد في ذلك،أنا وأخي تفاجئنا من ذلك.

علياء:أظن أن زملائي لن يفكوا قيدكما إلا بعد أن يأخذوا حق فواز من والدكم.

شهد:كنا سنفعل ذلك أنا وأخي،فحال رجوعنا إلى المنزل سنبحث عن دليل يثبت إدانته ثم ندخله السجن لينال عقابه.

علياء:لكني أظن أن البحث عن دليل يدينه صعب.

شهد:قليلا،غلاف الشريط ليس موجودا في صندوق الصيدلية الصغير،ومما لا شك أنه سيكون بحوزته.

تأخر الوقت..وغربت الشمس..ولم يبق منها إلا وميضها،وبينما كانت صابرين وهدى تبحثان عن الزملاء المختفون قالت صابرين:يبدو أنهم اتفقوا على ذلك.

هدى:كلا،أسامه لا يفعل ذلك البتة.

صابرين:سئمت من البحث عنهم هيا فلنعد إلى سيارتنا قبل أن يحل الظلام.

هدى:ماذا!؟.

صابرين:أجل،فأنا لم أعد أريدهم،وأظن أنهم أيضا لم يعودوا يرغبون بنا.

هدى غاضبة:مخطئه..من قال لك ذلك؟.

صابرين:هل ظننت أن أسامه يشغل باله بك كما أنت تشغلين بالك به؟.

هدى:ماذا!!!أنت مخطئه.

صابرين:هههه لا أظن أنك نسيت أنه يفضل علياء عليك.

ثم أشارت بإصبعها نحوها وقالت:خطبك ثم تندم على ذلك بعدما وعدك بالزواج منك بعد شهر من هذا اليوم،لذا قرر الإختفاء.

تأثرت هدى بكلامها فقالت باكية وهي تجري بعيدا عنها:كلا أنت مخطئهـ..ءاااااااااه.

كانت صرخة عالية فلحقتها صابرين قلقة وهي تقول:هدى..هل أنت بخير!ماذا جرى لكـ..

وقطعت كلامها عندما رأت صابرين هدى واقفة مثل الجماد وهي تعطي لها ظهرها،تقدمت صابرين ببطء وهي تقول:أنا آسفـه لم أقصد ازعاجك.

أدارت وجهها إلى صابرين ببطء وهي شاحبة الوجه ثم أشارت بيدها نحو جثة كانت أمامها،نظرت صابرين إلى الجثة وشحب وجهها وقالت:أسامه.

ثم جلست بجانب الجثة وقالت:من قد يفعل ذلك؟.

ثم أدارت وجهها لترى هدى فوجدتها تمسك بخنجر بين كلتا يديها فقالت صابرين:ويحك..مالذي تنوي فعله؟.

تقدمت هدى نحو صابرين بخطوات بطيئة ودموعها تجري على خديها ويداها ترتجفان،تقشعر جسد صابرين وسيطر الخوف على جسدها فلم تستطع الحراك وظلت جالسة مكانها تنظر إليها فانقظت عليها هدى وغرزت ذلك الخنجر الصغير وسط جمجمتها ونظرت صابرين إلى عيني هدى وهي تروي عجبها لما فعلته هدى بها،هي لم تكن تتوقع ذلك ولكن كلامها الذي أغاض هدى ورؤيتها لجثة خاطبها مباشرة بعد تلك الكلمات القاسية هو من جعلها تقوم بفعل ذلك؛نزعت هدى ذلك الخنجر الصغير من جمجة صابرين فتناثرت دمائها والتصقت بعضها بملابس هدى وسقطت صابرين جثة هامدة وما زالت ملامحها المتعحبة والمتسائلة مرسومة بين عينيها،نظرت إليها هدى بضع ثوان وتلك الدموع ما زالت بين عينيها ثم تنهدت تنهدا غاضبا ونظرت إلى الشمس التي قد غرب ضوئها وزال وميضها ثم قالت:لا أحد يستهين بي.

ثم انطلقت لتبحث عن قاتل خاطبها؛قلقت علياء من تأخر الزملاء فقالت لشهد:ترى ماذا حل بهم؟.

ثم لمحت أن أحدهم قادم فقالت:أخيرا.

ثم فتحت باب السيارة ونزلت منها ووقفت لإستقبال القادمين وهي تقول:هل وجدتم بقية زملائنا؟.

قال رائد وهو غاضب وقد أطفأ مصباحه:لا..لم نجد أحدا.

علياء:ماذا!.

رائد:أجل،هل عادتا صابرين وهدى؟.

علياء:كلا.

أحمد:لقد تأخرتا.

رائد:أتمنى أن تعودا بنتيجه.

علياء:ماذا!هل سنبيت ليلتنا هنا؟.

أحمد:هذا عجيب..من المفترض أن تمر الموصلات من هنا.

رائد:يبدو أننا تأخرنا في النهوض لذا لم نجد المواصلات.

أحمد:كلا،هنالك أمر عجيب قد حدث ومنع وصول سيارات الأجرة إلى هذا المكان.

أخرجت علياء هاتفها وقالت:لو كان لدي تغطية لدخلت الشبكة وبحثت عن سبب ذلك.

رائد:هيا فلنبحث عن صابرين وهدى فلا أظنهما قد اختفين كما فعلوا أولئك الثلاثة.

علياء:بين هذا الظلام!.

رائد:ستذهب معك شهد.

ثم نظر إلى شهد وقال:لكن إياك والهرب.

علياء:لا أظنها ستفعل ذلك.

نظر إليها نظرة ساخرة ثم قال وهو يمضي في طريقه:خمس دقائق ثم نعود إلى هذا المكان.

ثم قال بعد ثوان:فأنا أخشى أن يختفي أحد منا بعد ذلك.

ولحق خلفه أحمد وذهبتن شهد وعلياء في الإتجاه الآخر وظلت كل منهن تنادي بأعلى صوتها:صابرييييين هدااااى أين أنتماااا.

انطلقوا كلهم وتقدم شخص مجهول الهوية-رجل أو امرأه!-ودخل السيارة وجلس بجانب فواز وقال مبتسما:أنت ميّت ها؟.

فتح فواز عينيه ببطء وقال:ماذا..أنت..لقد..بحث..الزملاء..عنك كثيرا.

الشخص:هههه عليهم البحث الآن على أنفسهم.

فواز:أ..

الشخص قاطعا:لا تنطق اسمي،فلم أعد أطيق سماع اسمي منكم أنتم يا أعضاء الفرقة السخيفة.

ثم سأل ساخرا:هل تحب أن أضيف لك سكرات موت أخرى تساعدك على الموت سريعا؟!.

ثم خرج من السيارة وكسر مرآتها فالمرآة المكسورة أشبه بسكين حاد،أخذ جزءا منها ودخل على فواز وأمسك بيده وقال:لن تؤذيك كثيرا.

ثم قطع وريده وقال:هذا جزاء كل من شارك في عمل تلك الحادثة.

نظر فواز إلى جرحه ثم أمسك به وقال:لماذا..فعلت..ذلك؟.

الشخص ضاحكا وساخرا:ههههه نسيبت ها؟بالطبع تنسى.

ثم غير نبرة صوته الساخرة إلى غاضبة وأكمل:لأني أنا من عاش تلك المأساه.

ثم لطخ نفسه ببعض من دماء فواز وقال:ليرتاح ضميري ولأشعر أنني شربت دمائكم بقسوة أيتها الفرقة السخيفة.

ثم رمى جزء المرآة المكسور على وجه فواز ونظر إليه نظرة المنتصر وذهب ليكمل ما بدأ.

توقفت علياء وقالت:أنا خائفه..لا أريد البحث عنهن.

شهد:أعتقد أننا سنجدهن.

ثم تقدمت خطوة واختفت عن أنظار علياء فقالت:شهد إلى أين؟.

شهد:انتظري لحظه إني أسمع صوتا.

علياء:حسنا سأنتظرك هنا.

شهد:لا بأس.

واختفى صوتها ولم تمر ثوان إلا ورأت علياء خيال هدى فقالت:هدى!هل هذا أنت؟.

اقتربت هدى خطوة واحدة وضوء القمر هو من كان يعطي لعلياء خيال هدى فقالت علياء وقد كسى الخوف قلبها:هدى!صحيح؟!.

اقتربت هدى منها ثلاث خطوات بالتمام فقالت علياء بعدما تأكدت أنها هدى:هدى.

ثم بدأت تجري نحوها وتقول:لقد بحثنا عنك كثيرا أين صابرين؟.

ظلت هدى تنظر إليها بعينيها الحادتان وهي تخفي شيئا خلف ظهرها،وقفت علياء بجانب هدى مباشرة وقبل أن تنطق خرق خنجر هدى القذر أسفل رقبتها ثم نزعته هدى بقوة،نظرت إليها علياء ولم تستطع نطق أية كلمة فقط تبلع أنفاسها ودماؤها النابعة من ذلك الخرق تشبه صنبور المياه،نظرت إليها فحسب وظلت تتراجع للوراء بخطوات بطيئة ومتخاذلة،تراجعت ثلاث خطوات ثم سقطت وهي تحاول إيقاف تلك الدماء النبعة بيديها الضعيفتان لعلها تعيش أكثر فتسئل هدى لماذا؟ لكن لا جدوى فقد لفظت أنفاسها الأخيرة وفارقت حياتها ونظرت إليها هدى قليلا ثم رمت بخنجرها على علياء وقبل أن تدير وجهها لتذهب بعيدا أمسكها شخص من خلفها ووضع يده على فمها وهمس في أذنها:جيد..وفرتي علي جهدا كبيرا.

همست في نفسها اسم الذي خلفها وقالت:.......

فقال:أجل،أنا كذلك ههههه هل تعلمين ما جزاء كل من شارك في حادثتي؟إن كنت لا تعلمين..لا بأس سأعرفك الآن عليها وإن كنت تعلمين فهذا جيد.

ثم بدأ يشدها بملابسها من خلف ظهرها حتى وصل بها إلى تلك البركة الصغيرة التي يصل ارتفاعها ربما إلى ما فوق الركبة تقريبا؛وضع جسدها تحت الماء وجعله غارقا وأمسك برقبتها وبذل جهده وهو يثبتها لتبقى بالأسفل وتموت غرقا،لم يكن أمام هدى سوى أن تدافع عن نفسها بضرب الماء بيديها ورجليها ولفظ أنفاسها الأخيرة تحت الماء،لفظت أنفاسها الأخيرة وضعفت مقاومتها رويداً رويدا ثم توقفت عن الحركة تماماً وبعدها حملها ذلك الشخص على ظهره وذهب بها إلى فواز وهنالك قد جمع جثث أفراد الفرقة عدا رائد لكنه لن يفلت منه فهو قد عزم على أن تموت أفراد الفرقة الموسيقيه وتموت معها شهرتها؛عادت شهد وهي تقول في نفسها:أووه أخيرا فعلتها،لقد كانت عصافير بطني تزقزق.

ثم تنهدت:لو لم أختفي لما أكلت الطعام الذي خبئته بين ذراعي.

ثم نادت:علياء..ها قد عدت أرجو ألاّ أكون قد تأخرت.

ولكن ماذا! لم تجد أحد فقد الرياح هي من وجدتها فنادت خائفة::علياء..علياء.

ثم بدأت تخطو وتنادي:علياء كفى مزاحا.

أما رائد وأحمد فلم يفارق كلاهما الآخر وظلا يبحثان ويناديان إلى أن دخلت أنوفهم رائحة لحم مشوي فلم تسمح لهم أمعائهم الفارغة وشهيتهم الكبيرة بمواصلة البحث فتبعوا رائحة ذلك اللحم المشوي وشهد أيضا تركت البحث عن علياء وتبعت تلك الرائحة الشهية ووصل بها المطاف إلى سيارة الزملاء المشتعلة فوضعت يدها على فمها ووقفت تنظر دون أي حراك وكان رائد وأحمد قد وصلا قبلها وذُعرا من هول ما رأو فسارعوا في إخماد ذلك الحريق لعلهم ينقذوا بذلك فواز لكن كيف يخمدونها هل بالماء؟ هذا مستحيل فالبركة بعيده وإن فكروا باخماد الحريق بالرمل فهذا ليس متوفرا فهم في غابة وتربتها خصبة ومع ذلك حاولوا لكن لا جدوى فقد التهمت النيران السيارة بما فيها وانتهى الأمر ولما خمد الحريق نتيجة محاولاتهم جلسوا بجانب بعضهم يتسائلون من قد يفعل ذلك،وأين هم الزملاء الذين ذهبوا ليبحثوا عن المختفون؟هل اختفوا هم أيضا؟؛ وبينما كان رائد يقلب النظر في السيارة المحترقة رأى جثثا متراكمة فوق بعضها البعض ولا يمكن عدّها وبينما هو كذلك رأى حفرة تبعد عن مكان السيارة بعدا كثيرا،اقترب منها فوجد فيها أخذية،في البداية ظنها قمامة ولكن بعدما تمعّن النظر فيها وجد أن حذاء أخيه فواز من بينها فمال وأخذها وقلب تلك الأحذية فوجد فردة حذاء تعود لصابرين وأخرى لأسامة وأخرى لأكرم وأخرى لأسماء وأخرى لهدى وأخرى لعلياء،من كل عضو في فرقة الموسيقى له فردة هنا عدا فردة حذائه فوقف خائفا ومذعورا ونظر إلى أحمد وشهد وسلّط النظر عليهم وظل يقول وهو يقترب منهم:أنتم من قام بقتل الزملاء.

أحمد:هل جننت!.

شهد:نحن لم نقم بفعل ذلك.

رائد:من قام بفعل ذلك إذن؟هل تريدون قتلي أنا أيضا؟.

أحمد وهو يتراجع بخطواته للوراء:اهدأ يا هذا نحن لم نفعل شيئا.

صرخ رائد بأعلى صوت خشن له وثار كالثور الهائج يجري نحو أحمد وشهد لينقض عليهم فأمسك أحمد بكف شهد سريعا وظل يجري بأقصى سرعة له ويشدّ شهد خلفه لتسرع ورائه،أما رائد فظل يجري خلفهم مثل الأسد الذي يجري خلف فريسته،مرت دقائق كثيرة وهم على هذا الحال فبدأت شهد بالتعب والإنهاك وقررت حينها الوقوف والإستسلام،فلا نهاية للجري فمهما حاولا الهروب فلن يجدا مأوا يأويان إليه ليحتميا فالمكان خال من البشر غيرهم والليل يغطي المكان بالظلام ولولا ضوء القمر الذي يخترق تلك الأشجار الكثيفة لما استطاعوا رؤية طريقهم،توقفت شهد عن الجري وتركت يد أحمد فتوقف أحمد وقال لها:ما بك هيا.

قالت شهد وأنفاسها تتوالى:لا..قد تعبت..اذهب أنت.

أمسكها بيديها وجعلها تنهض وقال:بقي القليل.

شهد:أي قليل؟ المكان لا نهاية له.

أحمد:سنجد مكان لنختبئ فيه هيا.

ظهر رائد فأسرعت شهد،وظلا يركضان إلى أن وصلا إلى مكان يحاط حوله لاصق أصفر يعود للشرطة فتوقف أحمد ووقفت شهد ثم قال أحمد وهو متعب:ما هذا؟.

ثم نظر من خلال اللاصق وقال متعحبا:شرطة!.

ثم عمّ الفرح قلبه وقال:جيد،هيا فلنخبرهم بما رأيناه.

ابتسمت له شهد ثم تخطيا ذلك اللاصق قبل أن يصل إليهم رائد المجنون ولما رأتهما الشرطة صرخت قائله:توقفا.

رفعا أحمد يديه ورمت شهد نفسها بينهم وقالت باكية وكانت علامات وجهها كمن كالطفل الذي يخاف ثم يرمي بنفسه بين أحضان أمه آمنا:ساعدونا أرجوكم.

الشرطي:ما بك يا فتاة.

شهد:هنالك شخص يلحق خلفنا ويريد قتلنا.

وبعد أن أكملت كلامها سمعت من خلفها صوت رائد وهو يقول:لن تفلتا مني.

ونار الغضب الذي كان بين عينيه أعماه عن رؤية الشرطة التي أمامه،ولما هم بأن ينقض على أحمد وشهد أمسكه شرطي ولوى بيده خلف ظهره وقال:توقف.

بالكاد هدئت أعصابه،وبعد ذلك أدخلتهم الشرطة خيمتها وظلت تستمع لحكايتهم واحدا تلو الآخر دون مقاطعة ولما انتهو قال الشرطي لرائد:هل لديك دليل يثبت إدانتهما؟.

اندفع قائلا:لا ولكن هما الفاعلان وأنا متأكد.

الشرطي:المتهم بريئ حتى تثبت إدانته.

ثم نهض وقال:يجب أن ترفع قضيتكم إلى شرطة التحقيق،فنحن شرطة حوادث وليس لنا الحق في حل قضيتكم.

ثم استذكر أحمد قائلا:ترى مالذي حدث هنا؟ فلقد كنا ننتظر عصر اليوم وصول أية سيارة أجره.

الشرطي:وقعت حادثة هنا واضطررنا لقطع الطريق لذا لم تصلكم سيارات الأجرة.

رفعت القضية في ذلك الوقت وأُخذ أحمد ومن معه إلى قسم شرطة التحقيق واستمعوا لقصتهم ثم ذهبوا إلى ذلك المكان ليبحثوا عن أدلة وأخذوا معهم أحمد ومن معه ليدلوهم على المكان-كانت الساعة حوالي الساعة الـ٢:٣٠ليلا-وبينما الشرطة تتحقق في المكان سمعت شهد صوت صراخ والشرطة أيضا سمعت ذلك،اتجهوا جميعا في ذلك الإتجاه مسرعين ولما وصلوا إلى المكان المطلوب وجدوا أنفسهم قرب منحدر بسيط ولم يجدوا أحدا وخلال ثواني سمعوا صوت أنين يأتي من الأسفل فهبط أحد رجال الشرطة وحمل المصاب على ظهره وكان المنحدر بسيط جدا ومن سقط عنه لا يتأذى هكذا خصوصا وهو رجل،حملوه وذهبوا به إلى قسم الشرطة وعادوا أدراجهم جميعا فليس بمقدورهم البحث عن أدلة في ذلك المكان المظلم فقط أحاطوا مكان الحادث بلاصق أصفر اللون؛في قسم الشرطة وقبل بزوغ الشمس بساعة وبينما أحمد وشهد ورائد جالسون على تلك الكراسي غير المريحة الموجودة في قسم الشرطة كان رائد شاخب الوجه ويبدو عليه علامات الإرتياب والقلق والخوف وجميع الحالات المزعجة فسأل أحمد بعد تردد:رائد..ما بك؟.

وكأنه لم يسمع شيئا وبعد ثوان نهض رائد فجأة وصرخ عاليا:أيها الشرطي.

نظر إليه الشرطي وقال:اخفض صوتك يا هذا نحن نسمعك.

تقدم رائد نحوه وقال:أريد أن أرى الرجل المصاب.

الشرطي:لمَ؟ هل تعرفه؟.

رائد:أجل..إنه عضو في فرقتنا.

تعجب أحمد وتعحبت شهد وتشهوت أفكارهما،قال رائد للشرطي بغضب:هل ستذهب بي؟.

نظر إليه الشرطي بصمت فقال بغضب هادئ:إن جعلتني أراه فلن تبحثوا في ملف القضية.

الشرطي:ءأنت متأكد؟.

رائد:أجل.

فسمحت له الشرطة برؤيته فدخل عليه رائد غاضبا ورأى أن ظهر الرجل المصاب مجبسا فقال ساخرا:عاد زمانك إليك!.

نظر إليه الرجل المصاب:رائد! ءأنت هنا؟.

رائد:أجل،لا أدري كيف ما زلت حيا وأنا رأيت فردة حذائك من بيت تلك الأحذيه.

ابتسم الرجل وقال:لأني فاعلها.

رائد:كنت متأكد من ذلك يا أكرم.

أكرم:لا ينقصني سوى أن أتخلص منك.

رائد:لم فعلت ذلك؟ لم قتلت أعضاء فرقتك؟.

أكرم:لأنها ليست فرقتي المخلصة فقد غدرت بي.

رائد:ألأنك انتقلت من مغني مشهور إلى موسيقي؟.

أكرم غاضبا:أهذا سهل عندك؟ لقد عانيت كثيرا، ماهو شعورك عندما تكون مغنيا مشهورا ونجم تلك الفرقة والكل يتمنى صورة معك أو حتى توقيعا منك،وفجأة يغار منك أعضاء فرقتك فيدبروا لك حادثا ويُكسر ظهرك وبعدها تكون حركتك ضعيفة فبالكاد تتحرك وعندها تنتقل من مغني مشهور إلى مجرد موسيقي بسيط يعمل على طبلة تافهة.

ثم تنهد:شعور صعب،لن يرتاح ضميرك إلا عندما تشعرهم بما شعرت به.

رائد غاضبا:أحمق،ما ذنب البقية؟.

أكرم:كلهم سبب في ذلك،لقد سمعت ذلك بأذني،سمعت كل شيء..سمعت ما قلته أنت وزملائك السهفاء،سمعت أنكم كنتم تغارون مني..سمعت سعادتكم بعجزي على الغناء والحركة السريعة على خشبة المسرح..سمعت ذلك،سمعت كل شيء،ومما لا شك أن الحادث الذي حصل لي عندما كنت أتدرب على المسرح ووقعت منه هو كان من تدبيركم،كلكم لكم يد في ذلك.

رائد:كلا،ليس كلنا،كانت صابرين وعلياء وهدى هن من لهن يد في ذلك،أما البقية..فلا.

أكرم بصوت عال:كاذب..أنت كاذب.

رائد:لست كذلك،فصابرين هي من قالت لنا ذلك،قالت بأنها تكرهك لأنك متكبر ودائما ما تفخر بنفسك دون غيرك،فوافقتها علياء بذلك وهدى وقررن التخلص منك،حذرهن البقية فرفضن ذلك وفعلن بك ما فعلن،قمن بجعل المسرحية هشة ووضعن تحته بعضا من الأشياء الحادة والخشنة لتموت،ولحسن حظك أنك بقيت حيا.

أكرم:ولم أخفيتم عني هذا الأمر؟.

أكرم بعد تردد:لأنهن هن من كن يدعمن الفرقة،فقد تكلفن بذلك إن كتمنا السر.

نهض أكرم من مكانه وأمسك برائد وظل يقول:أتخونون زميلكم بسبب المال.

وبعدها سقط على الأرض منهكا وقال هامسا:لولا الظلام لما سقطت من على ذلك المنحدر آه ظهري.

انتهت القضية هنا فقد سمعت الشرطة كل شيء ودخل أكرم السجن ليتلقى عقابه لكنها لم تهمل علاجه وذهب رائد ليكمل حياته وحيدا؛دخل الشرطي على أحمد وشهد-كانا جالسين في غرفة التحقيق-وقال:ماذا تنتظران؟قد انتهينا من التحقيق..أم هنالك شيء آخر؟.

شهد:في الحقيقة أجل.

ثم أخرجت الشريط من جيبها وقالت:تفضل سيدي.

سألها أحمد بهمس:من أين حصلتي عليه؟.

شهد:أخذته من حقيبة هدى دون أن تشعر.

ذعر الشرطي عندما رأى الشريط وأمسكه بيده وقال فزعا:من أين لك بهذا الشريط؟.

شهد:إنه يعود لأبي.

الشرطي:ماذا!.

أحمد:أجل،ولا نعلم من أين جلبه.

الشرطي:أين هو والدكم هذا؟ ثم من منكما استعمل هذان القرصان؟ هذا الدواء خطير جدا حيث أنه..

أحمد قاطعا:نعلم ذلك،قرص تناولته أمي والقرص الآخر احدى زملاء رائد الذي حُرقت جثته.

الشرطي:هذا فظيع..دلوني على والدكم لينال عقابه.

وصلت سيارة الشرطة أمام منزل شهد وأحمد وتوقفت بعيدا عنها قليلا فقد وصلت سيارات قبلها وخرج منها رجل يرتدي عمامة فقالت شهد لأحمد:انظر ..إنه المأذون.

أحمد:سيعقد أبي على زوجة عمي الميت الآن.

ثم اندفعت شهد قائلة للشرطي:اسرع أرجوك.

الشرطي:اهدئي.

ثم نزل من على سيارته وقد كان ذلك الرجل قد دخل المنزل،طرق الشرطي الباب ففتحت جدة شهد وقالت:شرطي! بماذا أخدمك؟.

الشرطي:عفوا ولكن أدرت أن أسألك أين هو السيد شفيق؟.

الجدة:إنه في الداخل..تفضل.

ثم دخل الشرطي ورآى المأذون يهم بمد يده ليقرأ الفاتحة فقال سريعا قبل أن يبدأ فلو بدأ سوف يضطر للإنتظار وسيكون حينها الإنتظار طويلا:ءأنت السيد شفيق؟.

نهض شفيق من مكانه وهو بكامل زينته:أجل..أنا هو.

ثم مدّ يده ليصافحه ففعل ثم قال الشرطي:نريدك أن تأتي معنا لنحقق معك في أمر ما.

شفيق قلقا:ماذا! لكن الآن..

الشرطي قاطعا:أعلم ذلك والتحقيق لا يمكن تأجيله.

حاول لكن جدوى فقد ذهب معه وأجرو التحقيق ورفض الإعتراف وفوجئ بأن ولديه هما من اكتشف الأمر؛طال وقت التحقيق وليس هنالك نتيجه فشفيق يرفض الإعتراف غضبت شهد وقالت:إلم تكن أنت فأين هو غلاف الشريط؟.

قلق ولكن سرعان ما أنكر فطلبت شهد من الشرطة البحث في المنزل وفي أغراض والدها ففعلوا ذلك ووجدوا الغلاف -لونه أبيض يخالطه لون أزرق- بين أغراضه وحينها اعترف وأُُدخل السجن وكرر في كلامه:أنا أكره والدتكم وقد احتفظت بالشريط لأفعل ذلك مع من أكره.

ودخل السجن ولم تتزوج سهام به، وسعدت بذلك شهد وسعِد أحمد وجاءت سهام تقول لهما مبتسمه:الحمدلله..لقد كنت مترردة بالزواج من والدكم،شكرا لكما.

وأعطت قبلة لشهد وأحمد وذهبت،ومنذ ذلك اليوم وشهد وأحمد يعيشان تحت كنف جدتهم....
النهاية.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى