الدكتور عاطف أحمد علي الدرابسة - أنا يوسف

أنا يوسف
لا إخوة لي، ولا أبا
ما سجد لي كوكب
ولا طاف حولي قمر
ما رميت يوما في قاع بئر سحيقة
ولا كنت يوما نبي
منذ ولدت وأنا أنتشي من خمر الرصيف
وأختبئ من شدة الحر في ظل حاوية على الرصيف
أنا يوسف
لكن ما عشقتني يوما ذات البهاء، وذات الجمال
ولا تقطعت من نور وجهي اصابع
ولا سالت على حد سكين العذارى دماء
أنا يوسف
مواطن مهمل
أول النهار أعانق الرصيف كأنه حضن أمي
وأول الليل أتوسد الرصيف
وأدخل في دولة الحلم
وأحلق كأغاني الرعاة في الفراغ
أحلم بنجمة تضع رأسها على كتفي
وأحلم بيد امرأة تتمتم على جبيني
وحين أشدو في آخر الحلم
أراني ملقى على الرصيف
مثل الحاويات
أو مثل بقايا تراتيل البقالات
على جهتي اليسرى بقايا رغيف يابس
وعلى جهتي اليمنى بقايا أوراق الملفوف
وبقايا جصة ماؤها
كأنها وجه طفل من أطفال الشوارع
صفحته نار شمس الظهيرة فأصابه الجفاف
أنا يوسف
بلا رسالة ولا حكمة ولا كتاب
ألبس وجها غريبا عن هذا الزمن
أسير في الأزقة بلا طريق
أجر أقدامي كأنني مطعون في ظهري بخنجر مسموم
أنا يوسف
كل سنيني عجاف
وكل حقولي يباس
ما زرعت فيها إلا الخوف والجبن والظن والارتياب
فطرحت سنابل من الخيانات
أنا يوسف
لا سلطان لي على هذه الأرض
كلما حاولت أن أنثر على جسدها الحقيقة
أو أزرع في تربتها الحب
لا أسمع سوى صرخات الشقوق
هذه الأرض مقبرة الحب والاحلأم والمطر
  • Like
التفاعلات: مصطفى معروفي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى