د. سيد شعبان - عراك في بلاد الثلج!

تذكرت الطيب حين أحاطت بي ريح أمشير، تدوي في خارج البيت زوابع تكاد تتساقط من هولها أشجار الحديقة، لم أسمع للكلاب نباحا، حين ابتدأ دب الفولجا يرسل حمم ناره قتلت كلبتنا الصغيرة، ليلتلها بكيتها، ظلت تتأوه حين كانت في النزع الأخير ضرب كييف، ترى ماذا يتبقى من هذا العالم لو ضغط على زر الرادع النووي؟
ينتشي لصراخ الأطفال؛ لايجدون الحليب فأمهاتهم فارقن الحياة.
إنه عالم ينتحر بل يذهب إلى الهاوية مسرعا.
حين ذاك أتذكر الطيب يقف متوكأ على عصاه، يجمع همته، يخبرني أن الغجر ينتهزون رياح الشتاء فيسرقون كل ما يجدون، ها نحن الآن في شرك هؤلاء، جو النعسان يلاعب الدب، يكاد ينهشه ولكنه يخشى أنيابه، يسقط الصغار في غيابة جب.
يختزن البقالون الدقيق والسمن، باعة الحليب يخفونه، هذه أشجار البرتقال تنوء بحملها لاتجد من يشتريه، إنها معركة الغجر؛ يقول أخي!
-لكن نحن من سيدفع كلفتها!
-كيف؟
أجيبه:
اعتدنا على ذلك!
تدوي صافرات الإنذار في كييف، يرتد صداها في كل مكان، ينتهز الغجر الفرصة فيغالون بالدقيق!
إنه دب متوحش، نحتاج الدفء، نبحث عن الخشب وبقايا الأشجار، هل يلقم الطفل ثدي أمه؟
إنه يلتهم المدن كما لو كان في متنزه، يرقص الجنرال العجوز طربا كلما أنت أم على صغيرها!
تغوص صغار الثعالب في جحورها، حين تتعارك الثيران فلا مكان للنمال!
بلادنا تخرج أشجارها عسلا وتدر لبنا، لكننا نخشى الجفاف، ثعالب تختزن وسباع تفترس ونحن نشكو!
هكذا علمني أبي، لقد كان حكيما!
يستطيع طفل أن يقتل ثعبان كبير حين يبتلع الأخير فأرا، روى لي هذا الحادثة منذ زمن!
أحفاد قارون فرحون، يكادون يشربون النفط!
العجوز جو مهرج في مولد السيدة، يتلاعب بالبيضة والحجر، على الدب ألا يضغط على زره، ستكون فوضى يصحبها خراب ودمار، ليته يتجرع كؤوس الخمر، ويراقص نساء البيت الأبيض، كنا نتمنى المحمر ترامب في مقعده، ربما انقلبت إلى مطحنة لاتبقي حبوب قمح ولا أكواب حليب!
سنجد بنات جميلات يثرن الفتنة في عواصم البلاد التي عاشت فيما قبل التاريخ، مؤكد أن فقهاء السلطان يعدون الفتاوي عن حل النكاح منهن، لن يكتفوا بأربع، هذا يشتهي ألفا وآخر يحلم بأن يكون شهريار، عل النساء في بلاط الولاة يبدلن ثيابهن التي سكنتها الجرذان، سيبتهل أصحاب اللحى بأن تطول الحرب وأن ينعم الله على الولاة بليال من الألف ليلة وليلة!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى