أمل الكردفاني - البرستيج الحربي في حرب أوكرانيا..

طلب احدهم مني شرح قصيدة كتبتها؛ فقلت له أن الكتابة عبارة عن خليط غير متجانس من الوعي، والعاطفة، واللا وعي، ولذلك فالشرح يعني تفكيك هذه الروابط بما يفقد النص قيمته المفترضة. ولذلك يعتبر المجاز هو جوهر الأدب، والتأويل جوهر قراءة الأدب، فالنص الجيد هو النص المنفتح على التأويلات، وكذلك الحروب الجيدة، هي تلك الحروب، التي تنفتح على التاويل رغم كل محاولات رميها في التقييمات الثنائية التقليدية (خير، شر)، (جيد، سيئ).
هكذا سنلاحظ أن الحرب الروسية هي الحرب التي كشفت كيف تتم العمليات العسكرية في المستويات العالية: لا صور جثث، ولا فيديوهات تعذيب، لا مشاهد ذبح وشنق. إن النص العسكري منفتح على التأويلات المتناقضة (الحرب تسير في مصلحة روسيا، لا الحرب لمصلحة أوكرانيا)، هذا التناقض وحده الذي يشي بنصر روسيا الحتمي وهو ليس نصراً على مستوى عسكري، ولا حتى سياسي، بل على مستوى البرستيج والأبهة. هكذا تكون حروب الدول العظمى، مثل الطائرة الشبح، ومثل النظرة الأولى، شيء يمرق بسلاسة بين أشياء رغم ما يحيط بذلك الشيء من ضجيج.
وهذا أيضاً يكشف كيف أن الغرب ومعهم روسيا يتفقان على شيء واحد، وهو برستيج الحرب. لا صور مفزعة، لا مستنقعات من الدماء، لا رؤوس متطايرة. إنهم لا يفعلون ما يفعلونه في الشرق الأوسط وإفريقيا. فهناك عندهم ليس كهنا عندنا. هناك عندهم قواعد تضمن الفخامة. أما عندنا فهم يمارسون لعبة ملاحقة الدجاج داخل القفص. نحن دجاج فقط بالنسبة لهم، داخل اقفاصنا التي تُسمى دول.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى