محسن يونس - مكحل أمى

مكحل ، وإذ أرى .. لا .. لا .. أنا وقعت عيناي عليه .. الكحل كانت تخزنه فيه فى زمان راح وانقضى ، أخذته بين يدى ، والبال شارد أنا ، ولكنى كنت منشرح الصدر ، وسحبت غطاءه ، لا أعرف كيف .. إنما أنا سحبت غطاءه ، وانتبهت على نفسي .. حتى بدني كله ارتج ، وأنا أسعل ، ورأيت غرفتى .. الدخان عبق فراغها ، واشتد على الحال ، ووقفت .. فلما ... لاحظت أن ساقي تهتزان ، وكلما حاولت أن أرجعهما إلى الطبيعي ، لم أقدر ، وأفشل .. تضاءلت كإنسان فى أرض رعب .. عيناي حتى تاهتا فى الذي هو موجود ، وارتاعت ، وهى تبص على ما يخرج من المكحل القديم ، الذي كان لأمي ، فالدخان صار ذلك الشىء الضخم ، حتى أنى ضحكت ، وهل من الرعب أضحك ؟! لأن العفريت مشى خطوة ، وأمامي انحنى ، وهو يقول : شبيك .. لبيك .. عبدك بين يديك .. اطلب ما تشاء .

كان الصوت الذي قال به هذا الشبيك لبيك لا أستطيع وصفه إذ أنه قديم وحديث ، وهذا الوصف من عندي أنا ، لم أقرأه ، وأعرف أن الصوت لا يوصف إلا بالعلو ، وعكسه الانخفاض ، أو الحدة ، والغلظة عكسها .. الشدة أو الضعف ، وقلت فى نفسي هل أحلم ؟! وقلت فى نفسي طوال عمري أحلم .. العفريت انتظر أن أقول أي شىء ، فلما لم أنطق ، عاد يقول لى بصوت يمكن أن أصفه الآن أن به من الحدة شبهة : هل تطلب شيئا ؟ .. اطلب .. أجبته بصوت فيه التواء : لا .. أطلب ..

كنت أريد أن أواصل الكلام ، فأسأل ، ورب القدرة كنت أرغب فى الأسئلة ، إلا أن العفريت قال : إذن لابد من الانتهاء .. ثم خطفنى الخطفة السريعة ، وكنت بين يديه رهينة ، عندها قال : تعال يا ابن الأحلام .. تعال .. وأدخلني المكحل .. مكحل أمي القديم ، وعلى أغلق ، فوقعت فى ظلمة داهية ، وأنا أسمع ضحكات ذلك المخلوق الذي اسمه عفريت ، وأتخبط .. أتخبط .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى